الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة على الانتخابات الاوكرانية

سناء الموصلي

2004 / 11 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


أكاديمي وباحث سياسي-اقتصادي
أسفرت النتائج الانتخابية في أوكرانيا عن فوز رئيس الوزراء الحالي لجمهورية أوكرانيا فيكتور يانكوفيتش البالغ من العمر 54 عاماً على مرشح المعارضة فيكتور يوشينكو البالغ من العمر 50 عاماً بفارق بسيط لايتعدى 3% ، فقد حصل الأول على نسبة 49.45% والثاني على 46.61% . ولذلك من الضروري تحليل الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي لهذه الجمهورية البالغ عدد سكانها أكثر من 56 مليون نسمة والتي كانت تعد من الجمهوريات المهمة والثانية بعد جمهورية روسيا الفدرالية أيام الاتحاد السوفيتي من حيث كونها غنية بالفحم والحديد وكذلك غنى تربتها السوداء التي كان يحلم هتلر بالسيطرة عليها أيام الحرب العالمية الثانية بالمنتجات الزراعية والثروة الحيوانية الكبيرة التي كانت تمد موسكو أيام الرئيس الراحل ليونيد إيليتش بريجنيف بنصف أو أكثر مما تحتاجه من مواد غذائية، قبل الخوض في من سيخدم أكثر الشعب الأوكراني وأوكرانيا بشكل عام ويحقق آمال الناخبين في حياة أفضل؟
أن اهمية أوكرانيا بالنسبة لأوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية تنبع من أن القواعد العسكرية البحرية والجوية والبرية التي شيدت أيام الاتحاد السوفيتي لا زالت تحتفظ بأهميتها الستراتيجية، فعلينا أن لا ننسى أزمة الصواريخ العابرة للقارات أيام الرئيس بوريس يلتسين ومن الذي يجب أن يمتلك مفاتيحها درءاً لأزمة نووية؟
تتألف الخارطة الديموغرافية لأوكراينا من القومية الأوكرانية التي تشكل الأكثرية الساحقة من سكان الجمهورية والباقي من الروس والبيلوروس والمولدافيون واليهود وهناك نسب قليلة من الرومانيين والبولنديين وشمال القفقاس والبلغار والاغريق. واثناء الحرب العالمية الثانية رحب سكان غرب أوكرانيا بالألمان على الطريقة المألوفة في أوروبا الشرقية بالخبز والملح حباً منهم في التخلص من الحكم السوفيتي على العكس من سكان شرق أوكرانيا الذين لم يرحبوا بهم. ولكن تجدر الاشارة هنا الى أن حركة للمقاومة نظمت في غرب أوكرانيا بقيادة أحد وجهاء المنطقة الذين أطلقوا عليه اسم "الشيخ كولباك Starik Kolpak" نظراً لكبر سنه ولخبرته القتالية.
وفي نفس الوقت نظم عمال مناجم الفحم في منطقة الدونباس التي تعتبر مدينة دونيتسك عاصمتها الاقليمية حركة مقاومة كذلك. وقد اتحدت فيما بعد حركات المقاومة تحت قيادة واحدة لتوجه ضربات موجعة للفاشست الألمان وانتهت بتحرير أوكراينا من النازية الألمانية بمساعدة الجيش السوفيتي.
ويعتبر حوض الدونباس وكريفوي روك في شرق أكرانيا من المناطق المهمة نظراً لامدادها صناعة الصلب والحديد بالفحم المستخدم في توليد الطاقة اللازمة لصهر الحديد. و يمتلك حوض الدونباس شهرة كبيرة منذ بداية الحكم السوفيتي والحركة الستاخونوفية (نسبة الى عامل المنجم في دونيتسك اليكسندر ستاخانوف الذي ضرب رقماً قياسياً في استخراج الفحم) كونه يشكل عصب الصناعة الثقيلة في أوكرانيا.
وتشكل مدن شرق أوكرانيا مثل خاركوف ودنيبروبيتروفيسك ودونيتسك وكريفوي روك و أوديسا قاعدة عمالية كبيرة موالية للرئيس المنتخب فيكتور يانكوفيتش. ولهذا فإن توجه أعداد كبيرة من عمال هذه المدن الى العاصمة كييف يعتبر مسألة طبيعية لدعم الرئيس الجديد لاسيما بعد رفعه رواتب القطاع العام ومعاشات التقاعد قبل الانتخابات. هذا ويحظي يانكوفيتش بتأييد شعبي كونه سجن مرتين اثناء شبابه وسوف يجعل اللغة الروسية اللغة الرسمية الثانية بعد الاوكرانية ويسمح بازدواج الجنسية. في حين لم يتمكن فيكتور يوشينكو من ادخال اصلاحات اقتصادية ومكافحة الفساد الاداري عندما كان رئيساً للوزراء في الفترة 1999-2001.
أما مسألة ادخال اصلاحات السوق الحرة في أوكرانيا فتجد معارضة كبيرة أوساط الطبقة العاملة وموظفي القطاع العام انطلاقاً من تجربة روسيا ودول بحر البطيق- أستونيا ولاتفيا ولتوانيا لأن الرأسمال الأجنبي اشترى مصانع القطاع العام وحولها الى مصانع تابعة للغرب ومن ثم أعلن اغلاقها بسبب افلاسها وكانت النتيجة هي تسريح أعداد كبيرة من العمال والموظفين. أن هذه السياسة المقصود منها تدمير القاعدة الصناعية في هذه الدول وجعلها تابعة للغرب انتبهت لها روسيا وبيلوروسيا اللتان لم تعطيا الغرب المجال الكافي لتنفيذها. أن تطور الصناعات الخفيفة والثقيلة والقطاع الزراعي في روسيا وبيلوروسيا بمعزل عن تأثير الغرب أتت أكلها لصالح الدولتين خلال السنوات الأخيرة. ولهذا فقد انتبه لها فيكتور يانكوفيتش وطرحها في برنامجه الانتخابي الجديد.
أما مسألة تباكي الغرب والولايات المتحدة الأمريكية وبولندا على نتائج الانتخابات التي لم تأت في صالح مرشحهم فيكتور يوشينكو فهذه لعبة معروفة لدى الجميع ويمكننا النظر الى تجربة الانتخابات في جمهورية جورجيا التي كانت كذلك احدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقاً وما آلت اليه الأوضاع هناك وخصوصاً في منطقة أبخازيا ذات الأكثرية المسلمة والتي أرجعت بالقوة الى جورجيا بعد انفصالها في بداية التسعينات وتحت سمع وأنظار الامم المتحدة التي توجد لها قوات هناك. وكذلك تجربة الانتخابات الرئاسية في بيلوروسيا التي أسفرت عن تجديد انتخاب لوكاشينكو لفترة رئاسية جديدة التي حاول فيها الغرب وأمريكا اثارة أعمال الشغب بواسطة المعارضة التي خرجت في مظاهرة في العاصمة مينسك، ولكن أنهيت الأزمة بسلام من قبل الحكومة الأمر الذي لم يفرح أعداء بيلوروسيا.
ونحن لانريد هنا أن نعيد الأذهان الى مظاهرة اليهود في كييف سنة 1976 أيام حكم بريجنيف الذين طالبوا فيها بفتح الهجرة الى اسرائيل والتي قمعت من قبل عمال مصنع أرسلان في العاصمة كييف. فقد جرى اعتداء من قبل أنصار يوشينكو على المتظاهرين المؤيدين ليانكوفيتش ومزقت الأعلام واللافتات التي كانوا يحملونها. فماذا يحدث لو شارك عمال مناجم دونيتسك (الذين أعرف بأسهم منذ دراستي في مدينة دونيتسك في السنة التحضيرية للغة الروسية سنة 1974) في التصدي لمؤيدي مرشح الغرب فيكتور يوشينكو؟ بالطبع تحدث نتائج لاتحمد عقباها وليس في صالح الشعب الأوكراني الطيب والمشهور بخصائله الحميدة. ولهذا آن الأوان أن يفهم الشعب الأوكراني من هم الذين يريدون مستقبلاً زاهراً له بعيداً عن الارتباط بقوىً خارجية تكيد العداء له باطنياً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة