الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلم أخير قبل الشتاء

حيدر تحسين

2011 / 8 / 12
الادب والفن


الفجر على مقربة من اذني يدنو، صوتك كالسراب مثلي، ينتظر الشتاء...
قدح يسقط ويسكب ما فيه ليذكرني بان ما شربته ليلة البارحة كان نبيذ احمر، بقعة حمراء احتلت مكانها من الأرض، لم استطع اللحاق بها، فأصبح جزء منها تحت السرير، وبين اللاتركيز والنعاس رحت اهملها،
كأن صوتك امتلك جميع ما في مخيلتي واحتل حلمي حتى في هذا الصباح الخمري
تبين لاحقاً بأنني كنت احلم.. وبأن الرياح التي سرقت قبعتك وذلك المطر الذي اغرقنا بنشوة الحب، كان سببه انني نسيت اغلاق شباكي في الأمس..
ارجو ان لا يعود ذلك الحلم وان لا نعود هذه المرة، فقد اتخذنا لأنفسنا مواقع جيدة للأنسحاب، اماكن ممكن ان تغلق فيها الأبواب على لهفتنا، ودون ان ندري نكون قد اعتدنا هذا الغياب، ولا شيء اجمل في الغياب سوى انك قد تعودين، او لا اعود،
لا انكر بأنني امتلأت منك تعلق، وانجرفت تجاهك كغريق اهدى انفاسه الأخيرة لجمال الموت، فأصبح انتظارك امواج تراقص جثتي على موسيقى ذلك الحب الغريب،
والذي فيه تلك اللهفة التي لا يعادلها سوى حباً لمدينة كاملة مثل مدينتي... وحنين لا اجده الا في قلب جدتي، هذه المرأة التي لبست ثوبها الأسود استعداداً بمجيء الغروب، كي تبدأ حفلتها في البكاء، فأكتسبت منها اكتئابي في الغروب، واعتقد بعدها اصبح عادة لنا في بيتنا..
هكذا سكبت حزني جميعه حباً لك، كتلك البقعة الحمراء تحت سريري، يا امرأة قلبت الكثير من صوري، فصرت لا املك ذكريات كي احدثك عنها.


للنهاية حلم أخر وصحوة بديلة، وللجنة ابواب اخرى غير الصلاة، ولحبك سقوط ما زلت ابحث عنه، وما زلت ابحث عن تلك الأودية التي تتسرب من خلالها صيحات من سقطوا، وما زال السقوط اليك شيق، فكم احتاج من الخوف كي انسحب!؟
ربما لا تعلمين بأنني كلما حزمت حقائبي للرحيل، تستوقفني احدى لحظاتك بالأنتظار، وترجعني انوثتك،
كل شيء فيك قابل للبقاء، واجد ان اشياء فيك اكثر تستحق البقاء، واسباب الرحيل ما زالت غير كافية،
كأنني جالس بجانب بئر ابحث عن اصداء ممكن ان تساعدنا عبور منطقة اللا قرار..
كنت اعتقد بأنني بعيداً عن اولاءك الذين يكتبون عن احداثهم وهم ما زالوا فيها، وانهم كأولاءك الرسامين الذين يبيعون مواهبهم دون مشاعر او لحظة للتأمل في ما حصل، او ما قد يحصل، فيرسمون بعض من وجوه المارة في الشوارع، مقابل اجراً، جله (جميل، رائع... وبعض النقود).. والأن انا اكتب لك وجراحنا وهي ما زالت طرية، فهل هذا هو الأنكار؟
كلانا لم نحب الصور، لأنها لحظة واحدة مسروقة من حياة كاملة، فقد نبتسم بناءا على طلب المصور في وقت اننا في غاية التعاسة، او نكون ليس في الملامح التي نحب ان نبدو عليها.. اعدك بأن صورة الرحيل هذا، سأتركها معلقة على جدران حلم اخر، حلم واحد فقط.. وارحل

تلتف بيّ الشوارع وانا جالس في مكاني، و دون ان احرك قدمي... امشي، و دون ان اطلق خيالي تجول بيّ المروج وتقترب السماء كلما اقتربت مدينتك
هل تعلمين بأنني مررت من هنا ذات حلم؟
حلم اعددت له نوماً لعدة شهور قبل الشتاء، اعبر من مدينة لأخرى، دون وجهك، ومن حلم لأخر، فقط صوتك يعبر بيّ الفصول، وانتي لم تأتي ولم يكتمل هذا الحلم، فقد ايقضني صوت النوراس، وقد افزعني هذا الصباح صوت المنبه، ابعدني عن نهديك العاريين، كأنهما ينظران الي، وكأنهما ينتظران مني غريزة ما، كي أترك الزوابع تدفعني نحوهما
اعلم بأنهما ينتظران لحظة انقضاض، وانهما نهدان اصيبا بالغرور، لأنني احببت تكورهما، ولا اعلم كم يلزمني من الأعتراض، كي احسم لحظة مثل هذه، وكم احتاج من اللا تحضر، كي اشي بأنوثتك
انها وحشية انجرافي نحوك، وعذوبة صوتك الذي داعبته ليالِ طويلة دون ان المسك،
ترى اي الحضور انتي!؟.. لو راجعت جميع الأشياء المدهشة او اردت ان اراقبك دون مشاعر، ودون انحياز ايضا،
لعلمت بأن شيزوفرينيا الكتابة وذلك الزخم العربي في الأدب وتلك المبالغة في المشاعر، يجعلك خرافية الحضور، ولكنك رغماً عن ذلك ما زلت اجمل من ان لا تكونِ، وكنتِ.
وقبل ان ينتهي حلمي، رأيتنا في ذلك المكان الذي يجلس كل منا على دكة من التردد، كأننا واضعين حدا للتفكير، فقط نعتبر ان الحب هو سيد الموقف، والسكوت حالة استثنائية لا تنتمي الى احاديثنا الكثيرة،
فما اعذبك من امرأة ، سرقت من ساعتي عقاربها، وجعلتني انتظرها في النقطة التي تكون محور للدقائق، وتتوزع عليها الساعات بالتساوي، فأصبحت لا اعلم اي ساعة هي الأقرب لمجيئك،
تماما كما سألتني يوماً... في اي يوماً من ايام الأسبوع تفضل رحيلي؟.. ارحلي في اليوم الثامن من الاسبوع، في اليوم الذي لا يليه صباح ولا يسبقه مساء
عندها فقط اعيديني الى الأرض قبل ان تصحو عصافير المدينة والنوارس...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟