الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الماء والصحراء

واثق الجلبي

2011 / 8 / 13
الادب والفن


الماء والصحراء والوجه النتن
ربما لا تسعفني الذاكرة وأنا أتحدث عن أي موضوع يخص الحياة السائدة في العراق وربما تسعفني هذه الذاكرة المتعبة والمتقرحة من الأجواء السعيدة التي عاشتها بشيء من وميض بارق خاطف يمر مسرعا كأن لم يعقب على سيل من الآلام غير المتداركة السائلة كدموع الشموع من خلفي ومن بين يدي وعن يميني وشمالي...
للحياة معاني عدة ولا وجود لهذه الحياة من غير ماء وما دامت الجذور صحراوية فلا بد من المحافظة على قطرات الدموع ...فكيف بقطرات الأمطار ومياه الأنهار؟
ثقافة الصحراء المترسخة في الراسب الجمعي لم تغادر منطقة العقل والحلم للآن مما يشكل خطرا كبيرا على مستقبل الشعب المتجه نحو فنارات الموت بصورة مريعة..فالثقافة في بعض الأحيان أهم من الخبز المعجون بشتى أنواع القيح واللعاب البشري المسموم..
حكمة قديمة تقول ( ثلاثة يجلبن النظر الماء والخضرة والوجه الحسن ) ولم أجد بدا من ذكر الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي وهو المرادف الحقيقي للحياة ..فالماء كلمة وروح وأبجدية أدخلها الإمام علي ضمن إطار فلسفي عند جوابه لأحد السائلين الذي توجه بكلامه لعلي قائلا: ما طعم الماء؟
رد علي قائلا: طعم الماء هو طعم الحياة.
لم يستطع أحد على ما أظن من تعريف الماء فلسفيا كما فعل علي الذي كان يعيش في أجواء لم تمكن غيره من النهوض بالعبء الفلسفي لثقافة صحراوية تمتد إلى ما لا نهاية من أزمنة الجدب والقحط ، فنرى عليا قد أدرك ما قيمة الماء إدراكا جماليا يقع ضمن معايير الفلسفة الإسلامية وما سبقه أحد إلى الإجابة الفلسفية للأسئلة المطروحة عليه...
لسنا بصدد دراسة أجوبة علي عن الأسئلة ولكنه يستحق أن يكون الرائد الأول للفلسفة الإسلامية ولكن بصدد الشريان الأساس للحياة في بلاد سيهجرها الماء كما هجرتها عرائس الزنبق.
ماء مقابل صحراء
حياة مقابل موت
زروع مقابل قحط
صور لا أظنها بحاجة لعدسات حديثة لإلتقاطها ولا أظن السياسيين يتقبلون الواقع المرير الذي يعيشه العراق الآن رغم مساهمتهم الفعلية في إسقاط الجنسية عن الفرات وشقيقته دجلة ضمن أسطورة مريرة تقع في أطر رافدينية هي أقدم من حكاية الأقزام السبعة ، أو أليس في بلاد العجائب .
أما الوجه النتن الذي شكل أحد إضلاع المثلث فهو ضرورة معطاة بإكتساب حقيقي وواقعي معروف للجميع ، فالوجه قابل للتغير نحو الأسوأ ولست متشائما كما يقول البعض من الأصدقاء بل على العكس فالواقعية المعاشة جعلت من الأمور أوضح للناس وللمعاقين والمصابين بمرض الوطنية المستفحل عند المثقفين...
ظلت مشاوير الجدب محيطة بالكثير من القادة الذين لا يحسنون قيادة أنفسهم وبقيّ موضوع الأنوية المسيطر على كوكبة واعدة من الناس يطلق صافرة الإنذار التي لم تفتأ تطرق على أدمغتنا الملأى بالوعود والأحلام الدموية ، ولأن الماء سوف يغادرنا والصحراء التي لن ترحل عنا باقية فالوجه النتن لا بد أن يجد ملاذا واسعا من الأماني التي تتوفر عند البعض بصورة قابلة للزيادة والتوسع حسب حرارة الجو المفرط بالصحارى والفيافي والقفار والبيد ، عذرا فما أكثر مرادفات الجوع والموت والفناء في تاريخ هذه الأمة المرحومة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أون سيت - الأسطى حسن .. نقطة التحول في حياة الفنان فريد شوقي


.. أون سيت - أولاد رزق 3 .. أعلى نسبة إيرادات .. لقاء حصري مع أ




.. الكاتب علي الموسى يروي لسؤال مباشر سيطرة الإخوان المسلمين عل


.. بيت الفنان الليبي علي غانا بطرابلس.. مركز ثقافي وفضاء إبداعي




.. العربية ويكند | جيل بايدن تقود الرئيس بايدن إلى خارج المسرح