الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولار يدفع ثمن تفاقم المديونية

فهمي الكتوت

2011 / 8 / 13
الادارة و الاقتصاد



طرحت قضية ازمة الديون الاميركية وتخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الامريكية موضوع الدولار كعملة احتياط عالمي على بساط البحث مجددا, فقد حذر العديد من المسؤولين الدوليين من احتمال ان يفقد الدولار الامريكي المركز الذي يتمتع به كاحتياط للعملات الاجنبية, فقد عبرت رئيسة صندوق النقد الدولي عن تشاؤمها حول مستقبل الدولار كعملة احتياط عالمي, وكذلك وزير مالية الفلبين, وذكر تقرير اصدره البنك الاسيوي للتنمية ان ايام الدولار كعملة للاحتياط العالمي اصبحت معدودة وان نظام الدولار لا بد ان يتنحى ليفسح المجال لنظام احتياط متعدد العملات تلعب فيه العملات الاسيوية دورا رئيسيا, ومن المعروف ان العملة الصينية تتصدر العملات العالمية في هذه المرحلة, وتمسك الصين في العديد من الاوراق التي تؤهلها لدور عالمي مميز بصفتها ثاني اكبر دولة من الناحية الاقتصادية.

وتحتفظ باكبر احتياط من الدولار في العالم يقدر بحوالي ثلاثة تريليونات دولار, وتتمتع بنمو اقتصادي نسبته 9%, وتحقق نجاحات منقطعة النظير في تجارتها الخارجية, وقادرة على تعريض الدولار الى مزيد من المخاطر في حال امتناعها عن شراء سندات الدين الاميركي, لكنها تعتبر الخاسر الاكبر بعد الولايات المتحدة الاميركية في حال تعرض الدولار الاميركي الى هزات جديدة تؤثر على مكانته, فهي من جهة تتربص لاحتلال الموقع الاول اقتصاديا في العالم, وتطمح بدور للايوان الصيني بأن يصبح عملة احتياط للعالم, خاصة بعد تراجع الثقة في العملة الاوروبية اليورو, لكنها تخشى على مستقبل احتياطاتها من الدولار في حال انهياره, كما تجد مقاومة شديدة من قبل الدول الصناعية الكبرى في احتلال مواقع متقدمة في مستقبل الاقتصاد العالمي, الا ان حالة الضعف التي تعتري اقتصاديات دول مجموعة اليورو, حرمت اليورو من ان يتمتع بحلم الوريث الشرعي للدولار, فالازمة العميقة التي تمر بها اقتصاديات الدول الراسمالية المتطورة تطرح قضية البحث عن صيغة جديدة لاحتياط العملات فهي قضية شديدة التعقيد, مع ذلك سوف نشهد في السنوات القادمة ترجل الدولار من برجه واستبداله بصيغة جديدة لاحتياط العملات العالمية. ويزداد الاهتمام العالمي بضرورة ايجاد عملة بديلة عن الدولار, بعد ان اهتزت الثقة بالاقتصاد الاميركي.

من المتوقع ان يؤدي تخفيض التصنيف الى رفع الفائدة على السندات الاميركية, وبالتالي زيادة عبء خدمات المديونية, وتوفر مناخ لانخفاض سعر صرف الدولار امام العملات الاجنبية, الامر الذي يؤدي الى ارتفاع تكاليف المعيشة على المواطنين, ما يمهد لازمة مالية جديدة, تفتح الباب امام ركود اقتصادي, والدخول في دورة جديدة من الازمة الاقتصادية العالمية وتعريض الاقتصاد العالمي لافدح الاخطار, فالمزايا التي تمتع بها الاقتصاد الاميركي خلال العقود السبعة الماضية منذ ان احتل الدولار مركزا عالميا متميزا عام 1944 بموجب اتفاقية بريتون وودز التي عادلت الدولار بالذهب, والتعديلات التي طرأت لاحقا بالغاء هذه المعادلة عام 1971لعدم تمكنها من توفير الذهب الضروري لتغطية الاوراق النقدية المطبوعة من الدولار مع الاحتفاظ بالدولار كعملة احتياطي عالمي بصفتها تتمتع باكبر اقتصاد في العالم, هذه المزايا التي مكنتها من التربع على عرش امبراطورية راس المال العالمي, وتعززت مع تفكك الاتحاد السوفييتي وانفراط عقد منظومة الدول الاشتراكية, سقطت هذه المزايا مع انفجار الازمة المالية والاقتصادية العالمية في سبتمبر عام ,2008 فمن المتوقع ان تتأثر اقتصادات الدول الاوروبية بشكل كبير من ازمة الديون الاميركية, خاصة وان عدد من هذه الدول تعاني من ازمات مالية واقتصادية متفاقمة, وقد برز ذلك جليا من خلال حالة الفزع التي سادت اسواق المال بعد قرار وكالة ستاندرد آند بورز تخفيض التصنيف الائتماني, حيث هوت اسعار الاسهم في مختلف انحاء العالم, مخلفة وراءها حالة من الاضطراب, وقد قلصت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط عام 2011 بواقع ستين ألف برميل يوميا إلى 1.2 مليون نتيجة ارتفاع أسعار النفط وتباطؤ النمو الاقتصادي.

ومن المفيد التذكير ان أسبابا كامنة في طبيعة علاقات الانتاج الرأسمالي مسؤولة بالدرجة الاولى عن تفاقم الازمات, والمتمثلة بجشع راس المال والتوزيع غير العادل لعائدات التنمية الاقتصادية, وحرمان ملايين العمال من العمل, وضخ الاموال للطغمة المالية والاحتكارات الرأسمالية التي تسببت بالازمة المالية والاقتصادية العالمية, ومكافأة الجهات التي تسببت في الازمة وتحميل الشعب الاميركي اعباء المديونية, الطغمة المالية التي دخلت في الصفقات والمضاربات- التوريق والسندات المالية- والتي حولت غالبية الاقتصاد الاميركي الى اقتصاد غير منتج وانحسار القطاعات المنتجة بحوالي 22% الامر الذي ادى الى اعتماد المجتمع الاميركي على الخارج في تلبية احتياجاته, فالعجز التجاري الاميركي مع الصين يتنامى, وعجز الموازنة متفاقم, اضافة الى النفقات الضخمة على التسلح لتمرير سياساتها العدوانية على شعوب العالم, وقتل اطفال فلسطين والعراق ولبنان وغيرها, هذه السياسات ادت الى انفجار الازمة المالية والاقتصادية ليس في اميركا وحدها بل في الاقتصاد العالمي, هذه السياسات شردت فقراء اميركا من مساكنهم ووسعت حجم البطالة بين صفوفهم وسوف تحرمهم من بعض الخدمات الصحية والاجتماعية بسبب الصفقة الاخيرة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي, والتي وضعت مصالح الاحتكارات الراسمالية في المقام الاول في مواجهة الازمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - A short comment
Munawar Al-Mahdawi ( 2011 / 8 / 13 - 00:44 )
O, I see commard KARL laughing in his grave..!!

اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - وزير التموين: سنكون سعداء لو طبقنا الدعم النقدي


.. كلمة أخيرة - وزير التموين: صندوق النقد لم يطلب خفض الدعم.. و




.. منصة لتجارة الذهب إلكترونياً بالحلال


.. البنك المركزي اليمني يوقف التعامل مع 6 بنوك لم تلتزم بقرار ن




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 1–6-2024 بالصاغة