الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقدة جحا

واثق الجلبي

2011 / 8 / 13
الادب والفن


عقدة جحا
استطاع جحا أن يجعل لنفسه غطاءا من الغموض المعلن والمخفي بحيث كانت بعض القصص الواردة عنه أشبه بالأساطير والغريب في الأمر إن كل شخصية تحمل أبعادا متنوعة تجعل من الدارسين وبعد قرون يصفونها ب(الأسطورة) ,فالأسطورة كانت حجة حاضرة شأنها شأن التهم الجاهزة لرمي النبوغ الإنساني بأنه محض وهم أو خيال وهذا كما هو معروف عكس الواقع فلو توفرت التقنيات الإعلامية الموجودة حاليا في تلك العصور لما بقيَ من شك ان الإبداع في هذه المنطقة الشرقية قد وصل الى حد الكمال الجنوني والفكري والفلسفي.
جحا العربي المتمثل بقبيلة فزارة البصرية مقابل جحا التركي والفارسي وصولا إلى التشظي بجحا المصري والمغربي وغيره ما هو إلا دليل على الهروب ألقسري من ظلامات السلطنة واللجوء إلى البلاهة والغفلة وعندها تسريب الروح الثورية الممزوجة بالابداع.
جحا التركي هو نصير الدين عاش في زمن السلطان أور خان وتوجد مقبريه في مدينة(آق شهر)حيث يزوره أهالي المنطقة ويضحكون على قبره ويزعمون ان من يزوره ولم يضحك لم يسلم من مصيبة حتى وصل الأمر إلى الأزواج الجدد الذين يزورون قبره ويدعونه الى حفل الزفاف ليوفقوا في زواجهم ..أما جحا العربي (الأصل) فيكنى أبا الغصن وهو عربي صميم من فزارة فقد طواه النسيان لأن الأمة العربية انشغلت بنزاعاتها القحطانية والعدنانية ونسيت الرموز. لقد ذكر الذهبي وغيره من المحدثين وأثبتوا لنا شخصية جحا وقال عباد بن صهيب :حدثنا أو الغصن جحا وما رأيت أعقل منه 00وقال الكاتب :لعله كان يمزح أيام الشبيبة فلما شاخ أقبل على شأنه وأخذعنه المحدثون.
كان لجحا الجرأة على الحكام والأمراء والقضاة وكانت لشخصيته الأثر الكبير على الواقع المعاش ولا يفوتنا أن نذكر ان جحا ولد عام 60هجرية حيث قضى شطر حياته الأوفر في الكوفة وقد توفي أيام خلافة ابي جعفر المنصور عام 160هجرية..ولعمره الطويل الكثير من الفوارز والنقط والدلالات والنكت التي غصت بها المكتبات وشابهت قصصه قصص البهلول وكانت مادة أدبية رائعة..
كما يقول الرواة أن الملك أمر بجائزة مالية كبيرة لمن يستطيع ان يعلم حماره الكلام فعزف ذوو (العقول)وتقدم جحا وقال :أنا أستطيع ذلك بشرط 0قال الملك:وما هو شرطك ؟قال:أن تعطيني مهلة عشرين سنة لأجعل من حمارك المحترم قادرا على الكلام ..فوافق الملك وهيَأ مقامهما في القصر فسألوا جحا هل بإمكانه فعل هذا فقال :في هذه السنوات أما أن يموت الملك أو يموت الحمار أو أموت أنا وبهذه الأحوال لا أخسر شيئا ما دمت أعيش عيشة الملوك.
لا يخبرنا الرواة من مات من هؤلاء الثلاثة أولا وهل استطاع جحا أن يستغفل الملك المغفل ولا ندري أي ملك كان يريد لحماره الكلام وشعبه غارق في الفقر والشظف والحرمان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أستاذ واثق أنت أكثر من رائع
عبدالله صقر ( 2011 / 8 / 14 - 01:42 )
أختياراتك دائما أكثر من رائعة , قرأت موضوع جحا من خلال مقالكم الشيق وجدته يرقى بمستوى المتلقى , فالآختيار مهم جدا ويصحى أذهاننا على أشياء حساسة يكاد أن ننساها لولا هذه الكلمات الرائعة والاسلوب الشيق فى السرد , عرضك يا أستاذ واثق أكثر من رائع , وكمية المعلومات التى وردت عن جحا ممتازة , لان جحا من الموروثات الشعبية التى تكاد أن تهمل وتنسى فى مجتمعاتنا العربية ويقال أنجحا كان رجلا صالحا وقلبه كقلب الاسد لا يهاب الحكام والسلطة ولدينا ملايين من جحا الاسطورة ولازالوا فى الصورة , وهم ياعزيزى يجيدون فن الغش والخداع والمراوغة , مادام بيننا هذه الخصال الخير حميدة فنيقن بأن حجا لازال حى يرزق على الارض العربية , وأنا قرأت عنه كثيرا وجدته مثال لكل الخصال الحميدة والشريرة فهنيئا لك على ما تكتب ياعزيزى ولك كل التحايا والاحترام . ,

اخر الافلام

.. أون سيت - الأسطى حسن .. نقطة التحول في حياة الفنان فريد شوقي


.. أون سيت - أولاد رزق 3 .. أعلى نسبة إيرادات .. لقاء حصري مع أ




.. الكاتب علي الموسى يروي لسؤال مباشر سيطرة الإخوان المسلمين عل


.. بيت الفنان الليبي علي غانا بطرابلس.. مركز ثقافي وفضاء إبداعي




.. العربية ويكند | جيل بايدن تقود الرئيس بايدن إلى خارج المسرح