الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصفية الأزمات..العراق بين ايران والكويت

ساطع راجي

2011 / 8 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


شهر آب من كل عام هو موعد لتقييم العلاقات الخارجية للعراق لأنه يذكرنا بأهم أزمتين غيرتا تاريخ البلاد والمنطقة وأثرتا بشكل كبير على العلاقات الدولية، الاولى الحرب العراقية الايرانية التي انتهت في 8 آب 1988 بعد ثمان سنوات من اندلاعها، والثانية غزو صدام للكويت في الثاني من آب 1990، وما اعقب ذلك الغزو من حصار وحرب وعقوبات وازمات قادت اخيرا الى الاطاحة بنظام صدام عبر قوة دولية تزعمتها الولايات المتحدة.
يعيش العراقيون هذه الايام حالة من الاحباط تجاه مسار العلاقات الخارجية، فالازمات مع البلدين الجارين على حالها وتبدو أحيانا أشد تعقيدا مما سبق ويبدو العراق وجاريه في حالة عجز عن ايقاف تصاعد الازمات وهو الامر الذي يسمح بصعود الاصوات المتطرفة في البلدان الثلاثة.
ليس جديدا القول بأن الحكومات العراقية المتعاقبة لم تنجح في وضع سياسة خارجية واضحة ومحددة المعالم وربما لم تحاول أصلا وضع مثل هكذا سياسة اما بسبب العجز او بسبب الظروف المعقدة التي مرت بها البلاد لكن الاشد خطرا هو هيمنة فكرة مبسطة عن السياسة الخارجية في العمل السياسي العراقي تنحصر في ممارسات واقوال سطحية مثل تبادل كبار المسؤولين والوفود الرسمية وغير الرسمية للزيارات وفتح السفارات وتبادل التهنئة في المناسبات الرسمية والدينية وغيرها وتوقيع بروتوكولات تفاهم عابرة واذا كانت هناك ظروف معينة قد تسمح بتقبل هكذا فهم مبسط لكن ظروف العراق لا تتقبل هذا الفهم في كل الاحوال.
النظام السياسي الجديد في العراق انغمس بالحلول السطحية للازمات مع ايران والكويت رغم ان مكونات النظام السياسي تعرف الى حد اليقين ان تلك الازمات تتحكم بشكل فاعل في الداخل العراقي ومع ذلك لم تهتم بتصفية تلك الازمات، بل إن هذه المكونات عرقلت بشتى الاساليب اي محاولة لتبني سياسة خارجية موحدة وقوية خلال السنوات الماضية وتعاملت مع الموضوع وفقا لحسابات شخصية وحزبية وفئوية.
مسؤولية تصفية الازمات القائمة بين العراق مع كل من ايران والكويت، لا تقع على عاتق العراق وحده بل إن جاريه مسؤولان بشكل كبير ليس فقط عن تصفية الازمات القديمة بل أيضا عن عدم ايجاد أزمات جديدة او الايحاء بأن اوضاع العراق الصعبة تمثل فرصة لهاتين الدولتين من أجل التجاوز على حقوق العراق او تحقيق مكاسب على حساب مصالحه، خصوصا عندما يتعلق الامر بحياة وعيش المواطنين البسطاء المهددة بقطع المياه والقصف والتجاوزات الحدودية والتضييق على الصيادين وغيرها من الممارسات اليومية.
على جيران العراق الانتباه الى وجود خطين يتصارعان في العراق فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية، الاول يتمثل بالخط المعتدل الذي يميل الى الهدوء وحل المشاكل بالطرق الدبلوماسية وعدم التدخل في الشؤون الخارجية وتسوية الازمات عبر الحوار، ويتكون هذا الخط من عناصر تنتمي الى جميع التوجهات السياسية والفئات الاجتماعية، وفي مقابله هناك خط متشدد يعتبر سياسة القوة والتطرف هي الانجع في حل المشاكل الخارجية ويستند في ذلك أحيانا الى ذاكرة مشوهة ترى ان منهج صدام منع الجيران من إيذاء العراق، وهذا الخط المتشدد يتكون أيضا من عناصر تنتمي الى جميع التوجهات السياسية والفئات الاجتماعية، ولا نكشف سرا اذا قلنا ان هذا الخط بدأ يحرز تقدما بين اوساط البسطاء وذلك بسبب لا مبالاة دول الجوار العراقي بما يطرحه العراقيون من معاناة أولا ولأن الخط المعتدل في العراق لا يحقق نجاحات ملموسة ثانيا.
العراق لن يكون بوابة شرقية مرة أخرى وهو خلافا لأراجيف الطائفيين لن يكون حربة طائفية في جنب أحد تحركها يد أخرى، وهناك أسباب موضوعية تمنع العراق من القيام بأي من الدورين وهي اسباب تتعلق بالعراق اولا ومعادلاته الداخلية وبالمنطقة ومتغيراتها ثانيا، واجواء الثمانينيات لن تعود أبدا، والحل الوحيد هو اتخاذ قرار بتصفية ازمات العراق مع ايران والكويت وهو قرار يتحمله العراق وايران والكويت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على حلبة فورمولا 1.. علماء يستبدلون السائقين بالذكاء الاصطنا


.. حرب غزة.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطة بايدن والمقترح ا




.. اجتماع مصري أميركي إسرائيلي في القاهرة اليوم لبحث إعادة تشغي


.. زيلينسكي يتهم الصين بالضغط على الدول الأخرى لعدم حضور قمة ال




.. أضرار بمول تجاري في كريات شمونة بالجليل نتيجة سقوط صاروخ أطل