الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدالة والتنمية في رئاسة الحكومة المقبلة؟؟؟

سامر أبوالقاسم

2011 / 8 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


حزب العدالة والتنمية، عمل على نسخ الآراء والمواقف السياسية من باقي القوى السياسية ذات المشارب الليبرالية والاشتراكية، وضمَّنها في أدبياته، وقام بمسخها ممارسة وسلوكا عبر حملاته الاستقطابية، وألبسها لبوسا دينية متمسحة، وحمّل الديمقراطية دلالات من صلب مفهوم الشورى الديني، الذي لا يتسع للاجتهاد الكوني المنفتح.
هذا الحزب الديني، وإن بذل كل هذا الجهد، فهو ـ حسب تصريحات أمينه ـ لا زال يكن العداء لكل منافسيه، ويشحن مريديه بمنطق مواجهة الزنادقة والملاحدة، على شاكلة الجماعات العاملة على تقوية مناحي الغلو والتطرف الديني منذ السبعينيات من القرن الماضي، بغرض محاربة كل الفصائل السياسية وإلحاق الأذى بها وبمناضليها، كما وقع بالجامعات المغربية سابقا.
حزب العدالة والتنمية في الأصل، حزب تكفير كل المخالفين والحكم باسم الدين. وهو وإن حاول ركوب موجة النضال الديمقراطي والتنافس السلمي على السلطة، والتباري الشريف مع باقي الفرقاء... فإنه لا زال يكن الحقد والضغينة لكل الفاعلين من دولة وأحزاب. على الرغم من أنه صنيعة وزارة الداخلية في عهد إدريس البصري لمواجهة قوى التقدم والديمقراطية، في غير إدراك من الدولة لخطورة ما أقدمت عليه من إغراق البلاد في مستنقعات القوى الظلامية، واستغلال الدين في العمل السياسي، والجموح في اتجاه أسلمة الدولة والمجتمع، وإحلال الشريعة محل القوانين الوضعية، وتصفية كل الفرقاء الحزبيين.
هذا الحزب الديني، لا زال يقدم نفسه على أنه حزب المعقول، وحزب الأطر الخائفة من الله ـ حسب شهادات العديد ممن استقالوا منه ـ وحزب المجاهدة في المخالفين له؛ من حداثيين وديمقراطيين وتقدميين وعلمانيين، الذين اصطفوا ـ في رأيه ـ ضد الدين الإسلامي، والذين لا مكان لهم في هذا البلد الحبيب حسب اعتقاده الراسخ.
حزب العدالة والتنمية إذا، لا زال اعتقاده مبنيا على أساس المعادلة السياسية القائمة بين خندق ينصر الله وآخر ينصر أبا لهب، ويعتبر أن وقته قد حان لرئاسة الحكومة، لأنه يُعْمِلُ حساب أن المغرب "سيطرت" عليه أحزاب الإدارة لسنين طويلة، وبعدها الكتلة الديمقراطية عبر فرصة التناوب التوافقي، والآن جاء دوره للاستفادة، وكأن الأمر يتعلق بـ"وْزِيعَة" في سوق من الأسواق الأسبوعية.
ومن هذا المنطلق، باشر الحزب انطلاق حملته الانتخابية السابقة لأوانها، عبر أحد أعضاء أمانته العامة، حين قال: «إن تولي حزب العدالة والتنمية لهذا الموقع (قيادة الحكومة) سيكون بكل تأكيد أهم جديد سياسي يحصل في المغرب منذ تجربة "التناوب الديمقراطي"!»، متناسيا أن حزبه يضع نفسه في مواجهة الجميع باسم "نصرة الله" والجهاد في "أنصار أبي لهب"؛ من ضحايا سياسة الطاعة والتركيع داخل الأجهزة التنظيمية للحزب ذاته، ومن الأعداد الهائلة من المستقيلين من الحزب نفسه في مختلف المناطق عبر التراب الوطني، ومن دعاة تحديث وعصرنة بنيات وهياكل الدولة والمجتمع، ومن دعاة دمقرطة العلاقات داخل الدولة والمجتمع على قاعدة الإيمان بالاختلاف في الرأي والتدبير، ومن دعاة ترسيم الهوية واللغة الأمازيغية، ومن دعاة مشاريع تمكين المرأة من الاندماج في التنمية، ومن المدافعين عن الحريات الفردية والجماعية، ومن المتضررين من فتاوى فقهاء الظلام، ومن ضحايا التدبير الجماعي الفاسد لهذا الحزب في العديد من المناطق المغربية، ومن مستائي خرجات أمين عام هذا الحزب الديني المناهضة للعديد من المطالب المشروعة لبعض الفئات والشرائح الاجتماعية، ومن الاستياء العميق للفرقاء السياسيين والحزبيين المكتوون بنار التكفير من طرف الحزب، ومن ضحايا مجرمي العمليات الإرهابية التي مورست باسم الدين، ومن الاستياء الشعبي العارم من محاولات نقل تجارب الإسلام السياسي المشرقي الفاشلة إلى بلاد المغرب... والقائمة طويلة.
إن ادعاء عضو الأمانة العامة لهذا الحزب الديني بـ «كون رئاسة الحكومة ستؤول لحزب سياسي ذي مرجعية إسلامية، فهذا يعني أن تحولا عميقا حدث في تقبل المجتمع والدولة لقيادة تدبير شأنه العام»، يريد أن يدفعنا في اتجاه نسيان ما أقره العديد من المستقيلين من هذا الحزب بأن هناك هوة سحيقة بين الصورة التي يريد تسويقها بخصوص أعضائه على أنهم ملتزمون وحريصون على أداء الصلوات في المساجد والصيام أيام الاثنين والخميس وغاضون لأبصارهم وجادون في أعمالهم، وبين ما يتصفون به فعلا وحقيقة من انتهازية وأنانية وحب للظهور وتسابق على المناصب دون استحقاق.
هذا دون التطرق إلى من يعتبر هذا الحزب الديني خطرا حقيقيا على المغرب والمغاربة، من حيث كونه معاد للمشروع المجتمعي التنموي الديمقراطي الحداثي، ومعيق لأي تطور ممكن ومحتمل للوطن، وأن آخر ما يمكن تصوره هو أن يقود الحكومة من دون الحسم في علاقته بالجماعات الدينية السلفية المتطرفة على أقل تقدير. بل هناك من يتساءل: هل بعد كل هذه السنوات من العمل المضني، وبعد أن أصبح المغرب في العقد الأخير مثالا للتطور في شمال إفريقيا والشرق الأوسط... إلخ، هل يمكن للمغاربة أن يُمَكِّنُوا هذا الحزب من وضع المغرب في نار الفتن والقلاقل التي تتخبط فيها كل بلدان المشرق التي قادتها مثل هذه الأحزاب الدينية؟
وحين يصرح عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بأن «هذا المعطى (أي قيادة هذا الحزب للعمل الحكومي المقبل) بات في حكم المسلم به»، أليس من حقنا التساؤل عن الجهات التي منحت هذا الحزب "حق التوقع" بأنه سيكون الأول في الانتخابات التشريعية القادمة؟ هل لأن هذا الحزب لا زال يمتح من معين الكتلة الناخبة بالمزج بين ما هو سياسي وبين ما هو دعوي؟ أم لأن هذا الحزب أظهر وجهه القبيح في التعامل مع مكونات المشهد السياسي والحزبي، وطموحه المريض في الوصول إلى الحكومة والاستوزار بأي ثمن، ولو على حساب كرامة وحرية الشعب المغربي وطموح تحقيقه للعدالة الاجتماعية؟
إن مثل هذا التصريح يطرح العديد من التساؤلات التي لا يتسع لها مجال هذا المقال، لكنه بالتأكيد يعني ما يعنيه فيما يخص استمرار موالاة هذا الحزب الديني للدوائر المحافظة في أجهزة الدولة، وانقياده لها تحت ضغط الرغبة الجامحة في الوصول إلى الحكومة، ولِمَ لا على إيقاع وَعْدٍ حصل عليه في ظل تردد باقي القوى السياسية.
هذه هي المبدئية التي تميزه، والتي يشهد بها الأصدقاء قبل الخصوم، أما تكتيك توجيه الادعاءات والتهم المجانية صوب حزب الأصالة والمعاصرة، فقد بات من قبيل الأسطوانة المشروخة، التي ما عادت تطرب أحدا من المتتبعين، فبالأحرى الفاعلون السياسيون.
فهل بعد هذا الوضوح سينجح الحزب الديني في قيادة الحكومة القادمة؟ هذا أمر متروك لتقدير الفاعلين السياسيين. وإلى حين الوقوف على النتائج الميدانية، نقول للحبيب الشوباني عضو الأمانة العامة للعدالة والتنمية صاحب التصريحات أعلاه: سنرى ما هي قادرة على فعله القوى الديمقراطية تجاه هذا الخطر الداهم المحدق بالبلاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة