الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في إنتظار يسار جديد

نزار جاف

2011 / 8 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


عنوان المقالة وان کان متقاربا لمسرحية(في إنتظار اليسار) للکاتب(کليفورد اوديتس)، لکنني إخترته دون غيره لقناعتي الکاملة بهذا العنوان و في ظل الاوضاع المتباينة التي تمر بدول العالم الثالث و الاسلامية منها بشکل خاص، و دول العالم بشکل عام.
في بلدان العالم الثالث، يستشري الفقر و الحرمان و المجاعة و التمزق الاسري و الضياع الفکري و عدم الوضوح، أما في بلدان المنطقة، ولاسيما في البلدان الاسلامية، فإن موجة صفراء بلون اسوأ الاوبئة القاتلة و الحطمة للذات الانسانية و سموها، تفتك بشعوب تلك البلدان و تزرع بين شرائحها سموما قاتلة تعيقها عن التفکير المنطقي و تلغي العقل و الذات الانسانية برمتها و تجعل رؤى و أفکار مجاميع من"فرسان"هذه الموجة الصفراء بديلا عن کل ذلك، بل وانه وبدلا من الحديث عن الدولة المدنية و مؤسساتها الحيوية، يتم الترکيز على مواضيع من قبيل(دولة الخلافة)و(دولة الموطئين)و(حکومة صاحب الزمان)، و و و مصطلحات أخرى عديدة تبتغي في النهاية، رمي کل البدائل الانسانية و العقلية في سلة المهملات و جعل المسألة الدينية هي الاساس و منحها الاولوية دون غيرها.
بديهي ان يسعى اساطين و دهاقنة هذه الموجة الصفراء الى تبريرها، وکل جماعة او تيار تنسب الافضلية و الجدارة لنفسها و تلغي او على الاقل تشکك في الآخرين، فالصراع(السني ـ الشيعي)، و ما تمخض او يتمخض عنه، يؤکد أن الحديث عن أي إلتقاء او إتفاق إيجابي بين الطرفين ماهو إلا المستحيل بعينه، ذلك أنه ليس بوسع کلا الطرفين تجاهل الموروث التأريخي و الطائفي، وحتى إذا کانت هنالك ثمة محاولات بهذا المعنى، فإنها لاتعدو عن مجرد محاولات سطحية قشرية لاتسمن او تغني جدير بالذکر أن نشير هنا الى محاولات التقريب بين المذاهب التي بذلها شيخ الازهر الراحل محمود شلتوت، کما أن هناك أيضا محاولات مزعومة في إيران بذلت خلال العقود الماضية من دون أن تفضي کلها الى شئ سوى إلقاء الخطب و المحاضرات و الدعاء و التمني بحدوث المعجزة التي يقينا لن تحدث أبدا، إذ أن جوهر القضية الدينية بصورة خاصة و البعد الطائفي منها مسألة أکبر بکثير هکذا محاولات توافقية ضحلة لايمکنها الصمود طويلا أمام أمواج کالجبال من"طائفية" تضرب في أعماق الشرائح الاجتماعية، وعلى الرغم مما قيل او يقال عن الدورين الايراني و السعودي في إذکاء و تسعير الحرب الطائفية في العراق، لکن لابد من الاقرار أساسا بوجود أرضية خصبة لذلك، وهذه الارضية هي التي مهدت للذبح على"الهوية" و"التشريد"و"التهجير" و"مصادرة الاملاك" و"تمزيق الاسر".
ولسنا هنا نهون أو نقلل من أمر الصراع بين الاديان ذاتها و الذي هو بحد ذاته أيضا حقيقة و أمر واقع، بل وان خطورة هذا الثاني تبرز ببقاء الاول(أي الصراع الطائفي)، محتدما، ولاسيما وان الغلو و التطرف الذي قد أخذ مبلغا کبيرا في التأثير على خطاب و رؤية الطائفتين المتصارعتين من حيث الموقف من الاديان الاخرى وخصوصا المسيحية و اليهودية و اليزيدية، مما يمنح مبررا و مسوغا و دافعا لتسعير اوارها و رفع درجة حرارتها الى حد الاشتعال، ولأجل ذلك، فإن الحاجة ماسة جدا لبروز تيارات فکرية ـ إجتماعية تمتلك خطابا و رؤية شاملة لعموم جوانب المشهد، وبديهي أن التيارات الليبرالية و شبه الليبرالية و کذلك التي تسعى للمزج بين الدين و العلمانية للخروج بتصور توافقي بإمکانه حفظ جانبي المعادلة، کل هذه التيارات لم تتوفق في کبح جماح التيار الديني القادم على عربة هوجاء لاتبقي على الابعاد الانسانية و ماهيتها من شئ و لاتذر سوى تلك التي تتفق مع ميولها و مزاجتها(کي تبارك بعد ذلك بعد تقنينها شرعيا)، اننا بحاجة ماسة جدا و اکثر من أي وقت مضى للقوف بهذه الهجمة غير الانسانية التي تستهدف البعد الحضاري للإنسان و تسعى لتدميره و إعادة عجلة الزمان مئات القرون الى الخلف إکراما لنصوص دينية ليس إلا، ويقينا ليس بإمکان أية قوة سياسية او فکرية من الاضطلاع بهذه المهمة الحساسة و الخطيرة(أي الوقوف بوجه التيار الديني و کبح جماحه و فورانه الجنوني)، سوى اليسار، لکن قطعا يسار جديد، يسار يستوجب عليه أن يتجاوز جمود النصوص و الاسس الفکرية التي يقف في کثير من الاحيان عاجزا من المساس الجوهري و الاستثنائي بها، وانما نجده يبقى في کثير من الاحيان اسير حالة الجمود العقائدي و يسعى للحفاظ على التراث اليساري و کأنه نصوص(دينية) يحرم المساس او الخروج عنها، يقينا أن العمل الجاد و الدؤوب و خصوصا من جانب المثقفين و المفکرين اليساريين مطلوب من أجل العمل بهذا الاتجاه و عدم ترك الساحة لهذه الموجة المتخلفة وللحديث صلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو