الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى تنتصر الثورة

جورج حزبون

2011 / 8 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي



اصبح واضحا ان المنطقة تجتاز مخاضا عسيراً ، كما هو واضح ايضا ن الناس لن تعود لتحكم بذات الطريقة ، ولن تستطيع الانظمة العربية والاقليمية ان تستمتر بنفس الاداء والتعسف ، حتى في اسرائيل وهي بحكم الواقع ومهما حاول حكامها الابتعاد نحو اوروبا ، فهم جزيرة في الشرق الاوسط بل والعربي تحديداً ، الامر الراهن يشير الى صحة ذلك ، ليس لسبب التحرك الشعبي المطالب بالعادالة الاجتماعية ، بل حتى بالشعارات الرفوعة مثل / ارحل / وباللغة العربية ، المغزى الجوهري في اسرائيل يتمثل في تحرك الطبقة الوسطي او ( تمردها ) ، حيث هي الجهة الاكثر تأثيراً في مجتمع رأسمالي متميز ، سواء بعلاقات الانتاج ، او بالارتباط بالسوق والنظام الرأسمالي العالمي ، فكان ان لحقت به عواصف ازماتها المالية ، وهي ايضا حليف اساسي للنظام الذي تطالب باسقاطه اليوم وضرورة قيام منظومة سياسية اقتصادية اجتماعية جديدة ، فقد نمت في السنوات الماضية الفئات اليمينية والدينية في اسرائيل ، ضمن صيغة الصفقات السياسية التي احتاجات للتحالف مع اليمين الديني لتشكيل الوزارة ، وهي بدورها ظلت تشترط دعم المؤسسات الدينية ودعم الاستيطان ونشر الفكر العصبوي ، مما اسهم في اغراق المجتمع بالفكر ( التوراتي ) وساهم في عزلة اسرائيل واضعف مصداقيتها كدولة علمانية اهتمت بذلك امام اوروبا واميركا وانها مركز الديمقراطية بالشرق الاوسط .
ولقد بقيت الدول الرأسمالية وربيتها اسرائيل ، لا تجد حلاً لازماتها الاقتصادية المتوالية غير التوجه للحرب ، الا ان الحروب في هذا الزمن لم تعد ذات نفس المردود من الربح والقضاء على البطالة واعادة التشغيل وتفعيل الانتاج وفتح للاسواق، واصبحت الحروب تستند الى القوة الاقتصادية رغم قصر امدها بفعل التطور الهائل في أنظمة الحرب والسلاح ، فالقوة الاقتصادية لشن الحرب والتكاليف الباهظة الثمن للسلاح والبشر ، جعلت الحروب عبء ينهك الدولة كما هو واضح اليوم لدى الولايات المتحدة الاميركية خوفا من تفاقم ازماتها المالية ، والتي تحاول تجنب الدخول باية حروب ولو بالمشاركة كما في ( ليبيا ) وتنظم لتخفيض قواتها في العراق وافغانستان ، والامر ذاته في بلدان اوروبا التي كحجارة الدمينو تنهار احداها وراء الاخرى ، فالازمة الاقتصادية المالية ، والادق ( دورية الازمة للنظام الرأسمالي ) راكم حالة كونية ، اسقطت مفهوم العولمة والقطب الواحد وانعشت مناخات التحرر الوطني ، وحق تقرير المصير ، ورفض الاحكام الشمولية ، والفردية ، وحفزت مع هذا التطور التقني المصرفي الهائل ، الى التحرك باتجاه تعزيز الحرية الفردية والمجتمعية .
لقد اسهمت الازمات المالية في مطلع ومنتصف القرن العشرين في التوجه نحو الحروب والهيمنة بالقوة واستغلال الشعوب ونهب ثرواتها ، واسهمت سياسية الثورة العسكرية في تطوير منظومات تقنية عالية في سباق تسلح رهيب استنزف ثروات الشعوب وجعلها تعيش تحت مديونية عالية ، بالطبع استفادت من ذلك شركات الاسلحة و الكارتيلات الضخمة ، فزاد الانتاج وقل الاستهلاك فظهرت الازمة وتفاقمت ، ولم يعد بالامكان حلها عبر شن الحروب واعادة توزيع الثورة .
لقد اسهمت ثورة الاتصالات ، باتساع المعرفة والتبادلية بين الشعوب وانهاض العناصر الشابة للدفاع عن مستقبلها معززة بهذا التضامن الاممي للعدالة الاجتماعية ، وحرية التعبير والرأي ، فاندفعت بهبة شامخة رافضة الخضوع والاستعباد ، رغم انها لم تقدم برنامج سياسياً متكاملاً ولعله من نقاط الضعف الذي بدأت قوى الثورة المضادة في استغلاله ، وفي مقدمتها مجموعات ( الاسلام السياسي ) ، في محاولة منها لامساك حركة التاريخ الغير قابلة للتراجع ، ولعل هذا الامر ما كان ليمر لو كانت القوى المنظمة سياسياً وخاصة اليسار اكثر جهوزية في ادراك اللحظة التاريخية ، ومع كل ذلك فان المنطقة مفتوحة على المستقبل بما يحمله ايضاً من مخاطر ، فليس اقلها الحروب بالوكالة ، او الحروب الداخلية ، فرغم ضعف الامبريالية فانها لا زالت تملك انياب شرسة ، ولا زالت تملك قدرات لا تقبل الاعتراف بضعفها وهي تنطلق في محاولة اعادة صياغة السوق العاملي لفك ازمتها سواء المالية او فائض الانتاج ،وان ما يعيقها هو حركة التحرر الوطني وثورات الشباب بالمنطقة ، وعليها السعي لاجهاضها ، ومن هنا كانت مؤشرات الاقتراب من حركات الاسلام السياسي ، واجراء حورات معها ، فهي حركات ماضوية ، لا تسمح بحرية الرأي و التعبير وتعتمد ( على النقل بدل العقل) وبالتالي تعيق الانطلاق نحو مستقبل عربي ديمقراطي ، مما يسمح باستمرار الاستقلال السياسي والقومي ونهب ثروات المنطقة .
ويلاحظ هذه الايام بعد ان اصبحت مصر دولة تبحث عن مستقر لها في دائرة التفاعل الشعبي القائم ، لم تعد تستطيع ان تقوم بدور اقليمي مطلوب ، ولا تستطيع السعودية فعل ذلك لكونها احد ابرز مواقع الانغلاق والرجعية ولا تمتلك نفوذاً سوى على الحركات السلفية الاكثر تخلفاً فكراً وافقا ، وحيث ان الطبيعية لا تقبل الفراغ ، وان المرحلة تحتاج الى قائد اقليمي ، تنطلق تركيا في محاولة لاخذ هذا الدور ، مع ملاحظة صراع خفي مع ايران ، وتحتاج الدولتين الى مبررات لاخذ هذا الدور ، مما يدفعها الى استخدام الدين سنياً او شيعياً ، والدفاع عن حقوق الشعوب / سوريا مثلاً / وحزب الله / وغيرها من مداخل ، مما يجعل حالة الثورات العربية ، مهددة بالاحتواء او بعدم القدرة على المواصلة حتى النجاح ، وهنا تقع المسألة الفلسطينية التي ظلت بوصلة لمواجهة الاستعمار ومعياراً للتقدمية ، وفي المناخ القائم عربياً واقليمياً فانها تواجه اصعب ازماتها التاريخية ، رغم انها تحتاج الى تعبئة متميزة وهي تتقدم للعالم مطالبة الاسناد والاعتراف بالدولة وكيان الشعب ودعم قدراته على الصمود والعيش الكريم ليتمكن من الصمود في مواجهة قاعدة الامبريالية الاولى في المنطقة والتي فقط عبر اضعافها وعزلها تستطيع ثورات العرب من النصر والتقدم ، فهي تعتبر تقدم العربى وبحق متعارضاً مع كيانها ، في فترة تعيش مع حلفائها ازماتهم ولا تنظر ثورات العرب الى هذا الجانب من النضال الاكثر اهمية والقادرين بموجبه من اسقاط اقطاب الثورة السلفية والمضادة ، فانتصار الحق الفلسطيني سيفتح افق التنمية العربية ومجالات الاستثمار والتطور واعطاء فرص للبناء الداخلي وتمتين فاعدة العلاقات العربية ولو ضمن سوق مشتركة ، والعودة لاحياء ملفات الوحدة القومية العربية في وجه حالات الاستقطاب الاسلاموي الرافض للعروبة والديمقراطية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |