الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الليبرالية بين الماضي والحاضر!

قاسيون

2004 / 11 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


أثارت ندوة الحوار الوطني التي أقيمت بدمشق بدعوة من اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين ردود أفعال مختلفة، أبرزها وأكثرها حدة تلك التي رددها المبهورون بالليبرالية والمبشرون بها في الفضاء السياسي والثقافي السوري.
ومن باب المساهمة في الحوار سنحاول مناقشة بعض الآراء والأفكار في هذا المجال.
ــ ثمة ملاحظة منهجية تتعلق بالطريقة التي تقدم لنا الليبرالية فيها، إذ تسوّق وكأنها مدرسة فكرية حديثة، ولاسيما وأنها تقدم من قبل بعضهم على أنها بديل الماركسية التاريخي، مع العلم أنه لاعلاقة لها بما هو حديث، لا بالمقاييس الزمنية ولا بمقاييس تطور الفكر وارتقائه، وإن إضافة صفة (الجديدة) إلى اسمها لا يعني إطلاقا إنها كذلك. فمن المعروف إن الليبرالية أيديولوجيا البرجوازية في بواكير نشوئها وصراعها مع الإقطاع رفعت شعار: (دعه يعمل، دعه يمر)، وأنتجت مجموعة قيم وأفكار متنورة بمقاييس ما سبقها في مرحلة الإقطاع، ولكنها مع وصول الرأسمالية إلى مرحلتها الاحتكارية والبدء بتقسيم العالم وبالتالي تدويل عملية الصراع الاجتماعي،غدت هذه الليبرالية رجعية على طول الخط، وأصبحت معرقلاً للتطور الموضوعي لملايين البشر في أطراف النظام الرأسمالي، وضربت بعرض الحائط، قيم الحرية والمساواة والتنوير الليبرالية، وفي المرحلة الراهنة من تطور الرأسمالية- العولمية- على الرغم من انه حتى الصم والبكم والعميان باتوا يدركون أن الليبرالية (الجديدة) بنموذجها الأمريكي لا تسعى إلى السيطرة فحسب، بل تحاول أيضاً الاستفراد بها، والتحكم ليس بمصالح شعوب الأطراف فقط، بل بمجموع التطور العالمي، ومن هنا لا يمكن الحديث عن شيء جديد لدى الليبرالية العتيدة، من حيث الجوهر، اللهم إذا كان ازدياد وتيرة النهب، وتمركز الثروة وتركزها بيد حفنة من الأثرياء، وتخريب التوازن البيئي المتكون عبر ملايين السنين جديداً، وكذلك تفشي الأمراض والأوبئة، وانتشار حمى التعصب العرقي. ألا يجري هذا(الجديد) في ظل التقدم المضطرد للمشروع الليبرالي؟، أليست كل هذه الوقائع هي نتاج واقع أورثته الليبرالية السابقة إلى اللاحقة، وبالتواطؤ مع ليبراليي العالم الثالث؟ وعلى كل حال فالرأسمال، من وجهة النظر السياسية المجردة، يحق له أن يفعل كل ذلك، فهو أناني وجشع بطبيعته، وينضح بالدم من قمة رأسه حتى أخمص قدميه، أما ما هو غير طبيعي حقا فهو موقف بعض النخب الثقافية التي تحاول تسويق هذا النموذج الليبرالي، عبر خطاب ديماغوجي مضلل، إذ تقدم لنا وكأنها المنقذ الوحيد لما نحن فيه من فساد واستبداد، فهل هي كذلك حقا ؟؟
- إذا كان الحامل الاجتماعي للمشروع الليبرالي هو البرجوازية، والشريحة الوحيدة من البرجوازية السورية القادرة على لعب دور فعلي في إدارة اللعبة الليبرالية في هذه المرحلة هي البرجوازية الطفيلية وبعض نخب البرجوازية البيروقراطية، والأعمى وحده يجهل معنى ذلك، فعملية النهب الجارية منذ عقود، من (تحت لتحت) ستخرج إلى العلن بقوة القانون الليبرالي هذه المرة، وبمعنى أوضح، إنها عملية تبييض رؤوس الأموال المنهوبة، ليصبح الناهب في مرحلة الفساد رجل أعمال محمياً بأنظمة وقوانين الكازينو الليبرالي، نحن هنا (لا نقرأ الكف) ولكن للأمور منطقها وعواملها الداخلية والخارجية المحركة لها، والتجربة الحية للبلدان التي سبقتنا في السير على طريق جهنم الليبرالي تؤكد ذلك، وكم كان الباحث العراقي هادي العلوي على حق، عندما نعت يلتسين – نموذج رجل الدولة الليبرالي _ بالقّواد بعد أن حوّل مليون امرأة روسية إلى عاهرات على أرصفة شوارع العالم إثر التحولات الليبرالية في روسيا، وخصخصة الاقتصاد، ودفع ملايين العمال إلى سوق البطالة، وهنا يمكننا القول بأن تلك النخب، إما لا تدرك حقيقة الموقف وجوهره أو إنها تلعب وبإتقان دور صباغي أحذية الغزاة وبائعي الدم والضمير، لاحظوا ما يقوله بعضهم في نقده لموقف اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين:
(ألا يكفي مجتمعنا هنة وانكسارات ومحوق، ألا يكفيه مسخ بورجوازي طفيلي تغذى على دماء المجتمع ورغيف المواطن). أي أن الليبرالية ستأتي لتنقذنا من البرجوازية الطفيلية فهل ثمة من معادلة لا أخلاقية ومنافقة أكثر من هذه المعادلة؟ وهو أن يصور موقف الشيوعيين، وكأنهم مع البرجوازية الطفيلية أو المدافعين عنها، ثم أليست البرجوازية الطفيلية - وكما أسلفنا- هي عرّاب المشروع الليبرالي في العالم الثالث ومنها بلادنا؟.
بقي أن نؤكد أن هذا الموقف من الليبرالية لا يعني أننا معجبون بالواقع الراهن، والذي نؤكد على ضرورة تجاوزه، لا بطريقة الليبراليين الجدد، بل عبر أوسع حوار وطني يفضي إلى أوسع تحالف وطني ديمقراطي ليس هدفه تقاسم المكاسب والغنائم والمغانم مع أحد، بل من أجل كرامة الوطن والتي هي مجموع كرامات المواطنين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الثقة بين شيرين بيوتي و جلال عمارة ???? | Trust Me


.. حملة بايدن تعلن جمع 264 مليون دولار من المانحين في الربع الث




.. إسرائيل ترسل مدير الموساد فقط للدوحة بعد أن كانت أعلنت عزمها


.. بريطانيا.. كير ستارمر: التغيير يتطلب وقتا لكن عملية التغيير




.. تفاؤل حذر بشأن إحراز تقدم في المفاوضات بين إسرائيل وحماس للت