الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش الثورة المصرية (٢٤): العلاقة ما بين النص والواقع

عبير ياسين

2011 / 8 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


لعل أحد الأسئلة الرئيسية التى تطرح نفسها بقوة كلما تابعت الحوارات والوثائق التى تطرح، والتى تميز المرحلة الحالية فى مصر، يتمثل فى التساؤل حول العلاقة بين النص والواقع فهل كانت مشكلة مصر الحقيقية فى غياب القوانين والنصوص والأوراق أم أن المشكلة أكثر عمقا؟ وهو سؤال ليس فلسفى بدوره ولكنه فى جوهر النقاش الدائر حول الحاضر والمستقبل، فكلما حددنا طبيعة المشكلة وما وجد وما غاب عن المشهد المصرى لعقود كلما كان من الممكن وضع تصورات قادرة على الوصول للواقع والوصول للمواطن وتأسيس عملية التحول الديمقراطى على أسس قابلة للاستدامة والفاعلية

مرة أخرى أيضا لا يقصد أن تلك الكلمات تمتلك الحقيقة لأنها مسألة تتناقض مع رؤيتى الشخصية وتمثل جزء من مشكلة "النقاش" الدائر من وجهة نظرى. فأحد مشكلات الجدل الدائر بعد الثورة أن عدد ليس قليل من المشاركين فى هذا "النقاش" ينطلقون من افتراض أساسى وهو أنهم يملكون الحقيقة، وأن رؤيتهم بما فيها من تفسير وتحليل هى الرؤية الوحيدة السليمة بما يضر بعلاقتهم بالمتلقى- المواطن الذى يتميز بدوره بالتشكك ويزداد لديه هذا التشكك وأسبابه الموضوعية بعد أحداث الثورة. ومع الإشارة لتلك الجزئية سابقا فأن المقصود هنا ليس طرحها مرة أخرى بقدر ما يقصد منه طرح النقاش فى إطاره المقصود منه، فهى قراءة للنقاش العام حول ما يحدث من أبعاد مختلفة

وبالعودة لقضية الوثائق والجدل حول ما هو أساسى وما هو فوق أساسى، نجد أن هناك الكثير من التساؤلات الممكنة. فمن ناحية تحول الجدل حول القوانين والوثائق إلى قضية مستقلة بذاتها، وكأنها هدف وليس وسيلة. وبالتالى لم يكن من الغريب لأحد المشاركين فى تلك الحوارات أن يؤكد على هامشية المسمى الممكن طرحه للوثيقة التى طرحها، وكأن القضية هى إيجاد وثيقة، أو إيجاد سبب للنقاش رغم أن أى وثيقة أو قانون ما يفترض له أن يتسق مع تصور لمصر المستقبل وبالتالى المسألة ليست هامشية وليست نقاش من أجل النقاش. النقطة الأساسية هنا هى ضرورة التمييز بين الإستراتيجية أو الرؤية التى نسعى لها، والآليات اللازمة للوصول لتلك الرؤية. فأن كانت مصر هى المستهدفة، ودولة القانون والحريات هى الغاية من أجل المواطن وحقوقه، فأن القوانين هى الوسائل لضمان وتحقيق تلك الغاية

من ناحية أخرى، فأن مساحة كبيرة من الجدل تدور حول أبجديات تتعلق بالحقوق والحريات، أبجديات لم يمنع وجودها من قبل سواء فى الدستور بشكل مباشر أو فى التزامات مصر الدولية والإقليمية عبر الاتفاقات والمعاهدات الموقعة، لم يمنع كل هذا من عدم الألتزام بها على أرض الواقع. وبالتالى، يصبح من الصعب أن تكون مسألة استخدام كلمات مثل الحقوق والحريات والكرامة هى محور لنقاش طويل إلا ان كان هناك تشكيك لازال قائما حتى الأن لدى البعض حول حقوق المواطن المصرى وإمكانية التفاوض حول الكرامة

كذلك فأن إفراد مساحة كبيرة من الجدل الدائر حول تلك الإبجديات قد يرتب انعكاسات سلبية وليس العكس. ففى حين يرى البعض أن الجدل حول المزيد من الوثائق دون الدخول فى جوهر العملية السياسية مسألة تثير التشكك، فأنها لدى البعض دليل على عدم نضج عدد من القوى السياسية التى كانت بدورها جزء من المشهد السياسى المصرى ومحاولة منها لإثبات التواجد كما كان الوضع سابقا، وعدم بذل جهد حقيقى فى تأسيس دور سياسى مباشر مع الجماهير والاكتفاء بالحروب الورقية والتواجد الإعلامى

لعل ما أرغب فى قوله ببساطة أن ضمان الحقوق والحريات ليست فى المواثيق والدساتير فقط ولكن بالمنظومة التى تعمل على تفعيل تلك القوانين، بالعقلية والسلوك الذى يثق فى الحقوق والحريات والمساواة والتى لازالت غائبة عن المشهد المصرى ولأنها كانت ولازالت غائبة فأن طرحها للنقاش يحتاج آليات جديدة قادرة على إقناع المواطن المصرى أن القضية ليست فى النص وليس بأتباع نفس الآليات القديمة القاضية بتشكيل لجان وعقد مؤتمرات ونشر مواثيق وبيانات حتى تحدث ثورة جديدة










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو