الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوفاء .....لا الانتماء

البتول الهاشمية

2004 / 11 / 27
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


هذه المرة سنعطي أمريكا إجازة و نتجاهل عن قصد حسابات الساسة فوق الخرائط لنريح أنفسنا قليلا من النبش و التقليب في فضائح التاريخ...و كل ما عليكم أن تفعلوه هو أن تركزوا معي في قفص الاتهام جانبا و تتفرسوا مليا في تضاريس هذا المتهم الخطير الذي قض مضجعنا و دوخنا كل تلك الأيام السابقة في الجري خلفه من متاهة إلى أخرى....
هل عرفتموه.....انه البطل
" ماذا ؟ البطل في قفص الاتهام !!"
إني اسمع جعجعة......فليصمت الجميع فقد ابتدأت مرافعتي...
سادتي القضاة.....حضراتي المستشارين.....منذ أيام فقط و بعد رحيل ياسر عرفات رئيس الدولة الفلسطينية التي لم تقع بعد تصدرت بعض الصفحات الأولى في الصحافة الفرنسية عناوين عريضة جاء في بعضها حرفيا
ياســـــــــــــــــــــــر عرفات = فلســـــــــــــــــــــــــــطين
فهل تروق لكم هذه النغمة....ألا يحق لنا أن نصرخ لماذا....و كيف لتلك البقعة الطاهرة من الأرض التي لو ملكت لسانا لنطقت بأسماء من سقطوا كرما لقدسها و مسجدها....و لقرأت علينا أسماء الأطفال و الشيوخ و النساء اللذين اقتاتهم رصاص الاحتلال الجبان لأنهم رفضوا أن تقترن أسماءهم بلقب لاجئ...
هذه الخاصرة العربية التي أسرى إليها رسولنا و رسم فيها جنودنا ملاحم لا تنسى في صد جحافل الفلسطينيين...كيف بالله عليكم تختصر بشخص...أيا كان و من كان
هم ليسوا ملامين لأنهم فهموا القضية هكذا.....بل نحن المذنبون اللذين شرحناها على هذا النحو الخاطئ.....
فقد رأونا و الغضب يجتاحنا بعد تدنيس شارون لحرم المسجد نطلق الرصاص في الهواء حاملين صور الرئيس
ثم جاءت الجرافات لتبتلع أشجار الزيتون و تهدم المنازل فوق رؤوس ساكنيها فلم يتحرك لنا جفن حتى اهتز مكتب السلطة فخرجنا كما الملسوعين شعوبا و مسئولين نهتف أبا عمار.....أبا عمار
لا نريد الصيد في البحر الميت و لا نستنكر على هذه الشعوب حبها لزعيمها و لكننا في نفس الوقت نرفض أن يتحول الوفاء إلى انتماء حتى لا ترتبط القضية بهوية شخصية....صدقتم.كم لو تأخذنا الجرأة لنعترف على الأقل أمام أنفسنا بالسبب.....صدقتم.....إنها الانهزامية في داخلنا يا سادتي...
فعندما كان جنود الاحتلال العثماني ينهبون المنازل و يهتكون الأعراض كان الرجال يصطفون كما التلاميذ أمام الراوي الذي يتفنن في سرد تفاصيل سيرة عنترة الذي لا يبالي بأقل من ألف فارس....كبرنا و كبر البطل الأسطورة في داخلنا فصار يسحرنا عادل أمام بفردانيته المطلقة فهو الذي يصرع الخمسة و العشرة و يعتقل المجرم و يفك أغلال البرئ ليصل إلى محبو بته في النهاية ثم يصل الأمر به في أخر أفلامه إلى إيقاف اعتى عصابات المافيا التي تحاول اغتيال رمزه و هو الكفيف الضعيف....ثم أدمنا أفلام الاكشن حيث البطل بعصاه يمكنه أن يرد كتيبة دبابات مجحفلة....و استعذب أطفالنا حكايات المارد الذي يخرج من الزجاجة ليغير وجه العالم كما يريدون....و ماذا بعد....و كل هذا لماذا ....؟؟
يبدو أنها المعادلة التي لا تحتاج لبرهان فالمقهورين المعذبين يبحثون دوما عن بطل حتى لو اضطرهم الأمر أن يصنعوه بأيديهم...و هكذا كما الطفل يذكر انه عندما تعترضه مشكلة..نبحث نحن كالمحمومين عن بطلنا عند أول امتحان....و شيئا فشيئا يستمر معمل الأبطال بالتفقيس حتى نصطدم بتاريخ يعج بالأبطال و يغص بالهزائم دون أن يتقدم واحد فقط ليشرح لنا هذه المفارقة...
أتساءل أحيانا....لماذا لا نستوعب دروس التاريخ...
تشي غيفارا مات.....لكن الشعوب المضطهدة ظلت بعد تقاوم و تنفرد باستقلالها
نيلسون مانديلا صاحب اكبر تاريخ مشرف في سجون الطغاة لم يعاد انتخابه من قبل شعبه مرة ثانية و هو يعيش الآن كأي مواطن جنوب إفريقي أخر قيما النخبة تشق طريقا بثقة نحو المجد....غادي محرر الهند اغتيل و هاهي الهند تلعق جراحها حتى لتكاد تصبح أول ديموقراطية في العالم...
ما و تسي تونج.....جورج واشنطن......ديغول....أتاتورك....رحلوا و استمرت أوطانهم
الم يمت رسول الله ليزدهر الإسلام بعده ردحا من الزمن....إذا فلماذا نلطم و نزعق و ننسج الأساطير حول الموت المسوم و التواطؤ و المؤامرة....فهل دخلت النساء الفلسطينيات مرحلة العقم أم كان الفلسطينيون ينتظرون من زعيمهم أن يخلد...
قد نبدو و كأننا عقدنا القضية مع أنها في حقيقة الأمر بسيطة مسطحة...
فلقد انتهى زمن الأبطال يا سادة.....و دخلنا عصر الرجل العادي و المرآة العادية....فالعامل خلف آلته...و الآنسة في صفها...و الجندي يحرس حدوده...هؤلاء هم أبطال المجتمع....و القيادة لها أن توجه و تراقب و تضبط فلا تحملوها ملا طاقة لها به....
حضراتي لقد آن الوقت لندفن أساطيرنا خلفنا و نخطو إلى الأمام بشجاعة و لننظر في رموزنا بلا ماكياج و لا مونتاج...هكذا بالألوان الطبيعية....فالحقيقة تحب أن تسير عارية
انتهت مرافعتي سادتي......و ها هو بطلكم أماكم فانظروا ما انتم فاعلين به.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحذر من -صيف ساخن- في ظل التوتر على حدود لبنان | #غر


.. البيت الأبيض: إسرائيل وحماس وصلا إلى مرحلة متقدمة فى محادثات




.. تشاؤم إسرائيلي بشأن مفاوضات الهدنة وواشنطن تبدي تفاؤلا حذرا


.. هل يشهد لبنان صيفا ساخنا كما تحذر إسرائيل؟ أم تنجح الجهود ال




.. بسبب تهديد نتيناهو.. غزيون يفككون خيامهم استعدادا للنزوح من