الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة لخارطة الشرق الاوسط الجديد !

جمال الخرسان

2011 / 8 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


في كتابه الشهير ( Never Quit The Fight ) الصادر عام 2006 باسهاب تحدّث الكولونيل في الجيش الامريكي "رالف بيترز" عن خارطة الشرق الاوسط الجديدة والتي تهدف لتقسيم المنطقة وفقا لمعطيات جديدة فرضتها المتغيرات التي طرأت في العقود الاخيرة، خصوصا بعد الموجة التي مرت بها المنطقة العربية وما حولها من حروب وسباق تسلح واحتقان طائفي عنصري اوصل الحال امام التعايش السلمي بين مكوناتها الى طريق مسدود. المخطط يعيد ترسيم تركة سايكس بيكو من جديد ويستهدف توزيع بلدان المنطقة على ثلاث تكتلات سكانية كبرى وفقا للعرق او المذهب. الخارطة ترسم دولة كردية تلم شتات الاكراد في البلدان التي يتواجدون فيها وهي ايران ،العراق، سوريا وتركيا. وترسم ايضا دولة تلم شتات الشيعة العرب و تشمل جنوب العراق والجزء الشرقي من السعودية والأجزاء الجنوبية الغربية من إيران (الأحواز). وهناك اكثر من دولة سنية في الحجاز والاردن وسوريا وسنة العراق. وفقا لما هو موضّح في الخارطة التي قيل حينها انها ليست نهائية ويمكن اجراء بعض التعديلات عليها.
ذلك المشروع الذي يود معالجة شيء من ازمات الشرق الاوسط المستفحلة جوبه حينها بموجة عارمة من الغضب والانفعال انتصارا لما يسمى بالكرامة العربية والاسلامية.
لكن من دافعوا حينها عن تلك الكرامة هم انفسهم يودّون هذه الايام اعادة رسم الحدود الجغرافية للمنطقة وبنفس طائفي فاضح.. من اجل فرض تعديلات ديموغرافية والتلاعب في لعبة المكونات اغلبية واقلية! وهذه الفكرة ليست مجرد رؤى في اروقة اصحاب القرار بل تكاد تصل الى موجة تكستح معظم النخب السياسية والثقافية في الاعلام الخليجي في الفترة الاخيرة وهي ذات النخب التي اصرت على ان المحافظين الجدد بكل ما يحملونه من صهيونية هم من اعدوا تلك الخريطة لمزيد من تمزيق الجسد الاسلامي والعربي! اي انها كانت حلقة من حلقات ( المؤامرة).
هناك من يطالب علنا بمعالجة الوجود الشيعي في بعض البلدان الخليجية بتحويله الى اقلية من خلال تعديل ديموغرافي او قرارات سياسية عليا تتلاعب بالحدود بين بلدان المنطقة من اجل التغلب على ما يطلق عليه بـ (المشكلة الشيعية في الخليج ). يتم ذلك تارة باقتراح ضم البحرين للسعودية او حتى المطالبة باقامة كونفدرالية خليجية يتحول الشيعة فيها الى اقلية غير مؤثرة ( من وجهة نظر اصحاب تلك الدعوات ). الملفت ان ذلك الطرح يتبناه بعض دعاة الدولة المدنية من القوى الليبرالية وليس الجهات الراديكالية فقط!
ان هذه الطريقة ذاتها تمثل بشكل او بآخر تقسيم المنطقة مع سبق الاصرار والترصد الى مناطق عرقية وطائفية ولاتختلف كثيرا عما طرح في خارطة الشرق الاوسط الجديد طالما كان الهدف هو إعادة رسم خارطة المنطقة! ناهيك عن ان المشروع الامريكي المشار اليه يتمتع بسقف معقول من النضج والتوازن، اذ يحفظ للجميع حقوقهم ويؤدي الى فك الاشتباك!
للاسف الشديد فان المشروع الامريكي واجه ردود افعال انفعالية وتم التعاطي معه على انه محظ مؤامره امريكية، رغم ان تلك المؤامرات الامريكية يبدو انها اكثر واقعية من مشاريعنا الهدامة حتى لو كانت تسوّق بشعارات وطنية وبلافتات الاستقلال. فالخارطة التي كانت منذ مدة طويلة في اروقة الادارات الامريكية وقدمت عام 2006 بشيء من التعديلات تلك الخارطة تضمن شيئا من العدالة المستباحة لبعض مكونات الشرق الاوسط اضاعتها ارادة سايكس بيكو. ولذلك فان رفضها قد يفوّت فرصة اخرى على شعوب ومكونات لاتريد ان تتعايش فيما بينها لسبب او لآخر، علينا ان نعترف بذلك، نعيش وبيننا هذا الحجم المستفحل من الكراهية ضد بعضنا حتى انتفخت تلك الكراهية فينا واودت بنا الى متاهات الحادي عشر من ايلول او تفجيرات اسبانيا ولندن فحرقنا انفسنا وحرقنا الاخرين! انه تطرف طائفي سياسي مع سبق الاصرار والترصد .. وكلما حضرت الحماسة غابت العقلانية والاتزان. لابد من التذكير اخيرا بأن العرب رفضوا الاعتراف باسرائيل ضمن حدود 48 وكانت النتيجة ان اعترفوا بها بحدود 1967، ورفضوا التدخل الخارجي في العراق ثم قبلوه بل طالبوا به في مناطق اخرى، ورفضوا خارطة بوش .. لكنهم يطالبون بخرائط على غرارها ، ما نرفضه اليوم سوف نطالب به غدا ودائما نقبل الحل بعد فوات الاوان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -