الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ساحة للشهيد محمد البوعزيزي في باريس.كيف نفهم هذا الحدث؟

سمير الزغبي
كاتب و ناقد سينمائي

(Samir Zoghbi)

2011 / 8 / 15
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


ساحة للشهيد محمد البوعزيزي في باريس
كيف نفهم هذا الحدث؟



مثل يوم الخميس من 20جوان 2011 موعدا هامّا في تاريخ الثورة التونسية، حيث دشّن
رئيس بلدية باريس، برتران ديلانوي، في العاصمة الفرنسية باريس، ساحة تحمل اسم الشهيد محمد البوعزيزي الشاب التونسي الذي شكّل إستشهاده منطلقا لشرارة الثورة في تونس. و في كلّ الوطن العربي وحضر حفل التدشين منوبية وليلى البوعزيزي، والدة وشقيقة محمد البوعزيزي و مختار طريفي رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان والمغنية التونسية عبير نصراوي. وتقع هذه الساحة في الدائرة الرابعة عشرة قرب حديقة مونسوري. و قد تمّ التصويت على قرار إطلاق اسم الشاب التونسي على ساحة بالإجماع في مجلس باريس في الثامن من شباط/فبراير.


ما هي الأبعاد التي ترنو إليها المؤسسة السياسية و الثقافية بمثل هذا التشريف لتونس و لمناضليها؟
هل يعني هذا الأمر أن فرنسا تقف إلى جانب الأحرار الذين يرفضون الظلم و القهر؟
ما هي المضامين الإستراتيجية لهذه الحركة التي أقدمت عليها باريس، بتكريمها و تمجيدها للشهيد محمد للبوعزيزي؟ في حين لا تزال قضية الإقتصاص من القتلة القناصة تطرح مشكلا لدى عائلات الشهداء في تونس ؟
إنّ العودة إلى التاريخ تبرز أن المؤسسة السياسية في فرنسا، لم تكن مناصرة للشعوب العربية في مطالبها للتحرر و الإنعتاق. كثيرا ما ساندت فرنسا العدو الصهيوني في مؤامراته و انتهاكاته لحقوق العرب( العدوان الثلاثين حرب 1967.......) كذلك كانت مساندة الإئتلاف الغاشم ضد العراق في حرب 1990.
لم تفلح يوما منظومة حقوق الإنسان و التي نادت بها الثورة الفرنسية، و لا كذلك أفكار أكبر الفلاسفة الذين أنجبتهم فرنسا، عن إثناء عزم المؤسسة السياسية و العسكرية على التدخل إلى جانب و لصالح المعسكر الأمريكو –صهيوني.
كيف يمكن إذن فهم و قراءة الحركة التي أقدمت عليها المؤسسة السياسية بوضع تمثال للشهيد محمد للبوعزيزي، و من ذلك تكريم الثورة التونسية؟ هل ثمة تحول في مواقف باريس السياسيّة تجاه المنطقة؟ ألم تدعم فرنسا الطاغية و النظام البائد وعلى مدى عقود؟كيف يفهم هذا الإنقلاب و هذا التغير المفاجئ في المواقف و الإستراتيجيات؟
ماذا أرادت فرنسا أن تقوله للثورة التونسية و لكل الثورات العربية من خلال هذا التشريف ؟ إن المؤسسة السياسية في فرنسا سعت بكل جهودها ، أن تقول للعالم أنها دولة إلى جانب كل جهود نحو التحرر . و من خلال عزل وزيرة الخارجية التي عبرت عن الموقف السياسي بكل صراحة، حيث أنها دعت إلى تمويل النظام البائد بالعتاد الأمني للسيطرة على القوى الحية، و من ذلك القضاء على الثورة.لكن يبدو أن الواقع السياسي و الحراك الثوري الذي شهدته تونس و المنطقة العربية عموما في ما بعد، قد أدى إلى تغيير الإستراتيجيات و المواقف في فرنسا ، من دولة تساند الظلم و الإستبداد و تحافظ على موازين القوى لصالح الطغاة، تعود باريس إلى "رشدها" لتعترف بحق الشعوب في النضال و الحرية.
لم يكن هذا الموقف وليد صدفة أو "صحوة ضمير" ساسة فرنسا. إنّ تغيّر الموقف كان تباعا لما تشهده الساحة النضالية من تحولاتو نتيجة للحراك الثوار الأحرار الذين ضربوا موعدا حاسما مع التاريخ.أثبت ثوار تونس في تاريخ مجيد و أقصد بذلك يوم 14 جانفي 2011 أنهم أقوى من الدسائس التي تحاك ضدهم خلف أكثر من جدار.و أثبت الثوار كذلك أنهم أقوى من طموحات وزيرة الخارجية الفرنسية.......التي كانت تساند الظلم، لأنّه يخدم مآربها الشخصية و مآرب كلّ من يقف خلفها في منتجع الشانزإليزي.
لقد لقن الشهيد محمد البوعزيزي و بعده كلّ شهداء ثورة تونس أن روح النضال أقوم و أشد وطأة من خدمة المصالح الضيقة. كان لا بد على فرنسا و على كل القوى الإمبريالية أن تعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها.
لقد أجبرت الثورة التونسية المؤسسة السياسية في فرنسا أن تراجع مواقفها ، و تعترف بالقوى المناضلة ، فأقامت ساحة وتمثالا للشهيد البوعزيزي.
وهي كذلك مطالبة بأن تحترم حقوق الشعب بان يحكم ذاته بذاته ، و تكون سفيرها في تونس مجرّد رموظف في وزارة خارجيتها وليس " مقيما عاما" يتدخل في شؤون البلاد كما كان الحال في العهد البائد.لقد إفقتك الشعب الإ؛ترام و التققدير من " القوى العظمى" عبر نضاله المستمر و اللامشروط ، فكانت أولا وقفة إحترام و تقدير من الكونغرس و الرئيس أوباما.لكن هذه المكاسب التي حققتها الثورة لا بد من المحافظة عليها و تدعيمها عبر التمسك بالروح الوطنية، و بناء إقتصاد وطني، لا عبر الإستنجاد بالقوى الأجنبية و تكريس المديونية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا