الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس و أخواتها: مقاومة برائحة الإرهاب

علي الأمين السويد

2011 / 8 / 16
الارهاب, الحرب والسلام


عاش السوريون هموم قضية العرب الأولى كأنها قضيتهم وحدهم؛ عاشوها بكل تفاصيلها. بكى الشعب السوري و نعى و كبَّر الله و دق أجراس الكنائس حميةً لشهداء فلسطين فرداً فرداً، و فاضت عين كل سوري بمليون دمعة عند سقوط قطرة واحدة من دم فلسطيني في أي مكان على كوكب الأرض فشجب، و استنكر، و ندَّد، وكفَّر ولعن، و شتم، و خوَّن كل غادرٍ امتدت يده لتخطف روحاً فلسطينية زكية، ولم يزل عى ذك بالرغم من جراحه يلعن و لن يزل إلى الأبد يفعل.
صام الشعب السوري تقرباً لله، و ابتهل في المساجد و الكنائس و تعبت حناجر مؤذنيه في المآذن وتكسرت أجراس الكنائس ليتقبَّل الله دعاءه بنصرة الشعب الفلسطيني و الأهم من هذا وذاك، بلع خوازيق النظام السوري كلها كرمى لعيون فلسطين، وأعلن هذا الشعب بطريقة أو بأخرى أن كرامته ترخص من أجل الشعب الفلسطيني فأهدرها النظام السوري بحجة "المقاومة" فبلع الذل من أجل عيون فلسطين.
انقسم الشارع السوري في تأييده لجماعة حماس و لحركة فتح في صراعهما على ما بات لا يُعرف حقيقته اليوم و خصوصاً بعد خلط أوراق الأولويات الوطنية والإقليمية لكافة الأطراف. و بالرغم من تحيَّز النظام شكلياً لحماس باعتبارها "مقاومة"، إلا أن ذلك لم يغيِّر موقف القسم من السوريين المؤيد لحماس وباقي الفصائل الفلسطينية من دعمهم لهم بالرغم من أنهم يعلمون يقيناً أن هذا النظام لم يكن في تاريخيه إلا مصاصاً للدماء، و لقناعة، صار يُشك بها الآن، تفيد بأن هذه الفصائل لم يكن في مقدورها أن تتحرك بدون هذا النظام و خصوصاً أن معظم الدول العربية لا تستسيغهم.
فحركة "فتح" في نظر منحبكجية حماس و مثيلاتها من السوريين هي حركة علمانية عميلة لإسرائيل و أمريكا و هي لا تخاف الله و تعمل لمصلحة أفرادها الشخصية. و حماس و أخواتها في نظر السوريين منحبكجية حركة فتح منظمات إسلامية متطرفة طائشة تتستر بالدين لتحقيق مصالح طائفية ضيقة. و أخيراً، حركة فتح و حماس بدورهما في نظر النظام السوري دمىً مسخرة لتحقيق مصالحه في ما يسمى "المقاومة" و "الممانعة" فبدون فتح، لا معنى لمقاومة حماس على ما صار يبدو أخيراً.
انفجر الوضع السوري و تكشَّف المشهد على جرائم نظامٍ لا يشبه في إجرامه إلا عصابات الهاغانا الصهيونية و عصابات شارون، ومرت خمسة أشهر على استمرار مجازر النظام السوري بينما تبدو الفصائل الفلسطينية كلها بما فيها حركتي فتح و حماس و كأن القط أكل ألسنتهما. خمسة أشهرٍ و السوريون يأنُّون تحت أحذية النظام السوري الذي يدَّعي المقاومة بإغتصاب الحرية و يرتكب المجازر تماماً مثل ارتكاب المجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني في حق الفلسطينيين بل أقسى.
سقط محمد الدرة شهيداً في حضن أبيه، فبكى كل طفل سوري و طفلة، و كل والدة و والد، وكل جدة وجد. أرسلت النساء حليها حباً و كرامة، و تخلى الأطفال عن مصروفهم اليومي، و اقتطع الطلاب من مخصصات دراستهم، و أهدى العمال قطرات عرقهم، و قدم بعض الشباب و الشابات دمائهم و أرواحهم رخيصةً فداءً لفلسطين و فداء لشعب فلسطين.
ولكن ... يا للعجب! فإن كان الصهاينة قتلوا الطفل محمد الدرة برصاصة أو حتى خمسة، فقد قام النظام السوري بإطلاق النار على الطفل حمزة الخطيب و على كل طرف من أطرافة، وكسر الأمن عنقه، و التهموا عضوه التناسلي و لكنهم فقط لم يلوكوا كبده.
و المفارقة هنا أن الشعب السوري بكى عن بكرة أبيه الطفلَ محمد الدرة، بينما خرست قيادات فتح و منظمات المقاومة و معظم الشعب الفلسطيني صراحةً في الضفة و في غزة عن قتل حمزة و ألف مثل حمزة لدرجة أن الساسة الصهاينة و هم اليهود الكفرة الفجرة فاجأتهم وحشية بشار الأسد بينما لم ينطق الحمساويون ولا الفتحاويون ببنت، ولا بنت عم، و لا بنت خال، و لا بنت ..... شفة استنكاراً لمجازر كتائب الأسد في سورية بينما لم يصمت الشعب السوري، وليس النظام، عن مظالم الشعب الفلسطيني و لو مرةً واحدة على الأقل عما أصاب الفلسطينيين ولكنهم للأسف عما يصيب الشعب السوري يصمتون.
اليوم 2011-08-16 استنكر السيد ياسر عبد ربه و هو من قادة فتح على قناة العربية مستغرباً مما يجري في سورية من شدة قتل و ترهيب لكلا الشعبين السوري و الفلسطيني في حي الرمل الفلسطيني في اللاذقية الجريحة.
يا سبحان الله. مَن مِن الناس يُفترض به التزام قول رب العالمين "و لا يجرمنكم شنأن قوم ألا تعدلوا، اعدلوا" الكافر الزنديق، يعني جماعة فتح، أم المقاوم المجاهد المؤمن ،أي جماعة الجهاد و حماس،؟
أليس ما يحدث في سورية قتلاً للشعب السوري؟ أليس من المفترض أن حماساً "متدينة" وهي تدين بالآية المذكورة؟ لماذا جرمها شنآن بشار الأسد و قومه على ألا يعدلوا؟ لماذا التزمت الصمت خمسة أشهر بلياليها القاتلة؟ لماذا لم يجرم السيد ياسر عبد ربه، بالرغم من تأخر حركته الفاضح، شنآن كتائب بشار الأسد و هو العلماني الذي لا يخاف الله على حد زعم من يخافون الله؟
أين إسلام و إيمان الفصائل الفلسطينية و على رأسها حماس و الجهاد؟ أليس للسوريين حق في الاستفسار؟ إذا لم يكن الإسلام ما يحكم حماساً و الجهاد على الأقل، فما داعي تسميتهما بأسماء توحي بإسلامهما؟ أليس مشروعاً اتهام هذه الفصائل "الإسلامية" بالفصائل الإرهابية، كونهم يتخذون من الدين حذاءا عسكريا يدكون فيه أخوتهم باسم الدين ليحققوا مصالحاً ضيقة؟
لست أثمن عالياً جداً موقف حركة "فتح" و موقف ما يعرف بمنظمة التحرير الفلسطينية ولا "الجوهرة" أي "كلمات الانتقاد المنتقاة بعناية للقتل في سورية" التي لفظها أخيراً السيد "عبد ربه" ضد النظام السوري حيث أنها جاءت كموقف عاجل مرتبط باستهداف الفلسطينيين في حي الرمل الفلسطيني من قبل كتائب الأسد و ميليشياته، فحركة فتح رسمياً لم تفعلها كاملة و كما أنها لم تدن النظام السوري بشكل صريح لا من قريب ولا من بعيد ولكنها تشكر على صرختها بالرغم من كل ذلك.
لقد وضع الشعب السوري سبعين عذرا للفلسطينيين كاملةً عملاً بالقاعدة الإسلامية بمنطق العذر والتي تقول التمس لأخيك سبعين عذرا وان انتهيت من السبعين، فقل لعل هنالك أعذاراً لا أعلمها.
لقد نفدت السبعين عذراً للصمت الفلسطيني و خصوصاً الإسلامي منه، ونفذت الأعذار كلها التي لا يعلمها الشعب السوري، وصار الأمر كله على المحك.
إما أن تنهي هذه الفصائل "علاك" المقاومة و "تخاريف" كونها إسلامية فتخرج عن صمتها و تدعم النظام السوري قولا و قتلاً كما تفعل أحزاب شمالية غربية و دول شرقية وننتهي. و إما أن تعبِّرَ عن صدق مقاومتها للعدو الصهيوني و رفضها للظلم أياً كان مصدره حتى لو كان ذلك المصدر هو النظام السوري الذي يدعمها فتبرهن على صدق الطوية وعلى الشفافية السياسية بالرغم من أن الوقت قد تأخر كثيراً.
لم يستعن محمد صلى الله عليه وسلم بمشرك على كافر. فكيف يستعين هؤلاء المتأسلمون من حماس والجهاد ، كما صار يبدو عليهم مؤخراً، بنظامٍ إرهابي فاجرٍ كنظام بشار الأسد، لولا أنهم بعيدون كل البعد عن الإسلام، وقريبون كل القرب من الفجور و الإرهاب؟
إن خمسة أشهر من تقتيل كتائب الأسد للشعب السوري الأعزل أزاحت الرمد و الورم و حتى الغبش عن أعين الشعب السوري و كشفت كثيراً من الحقائق التي يصعب إثبات عكسها في هذا الوقت الحرج. و أول تلك الحقائق أن قيم الحياة تنتصر دوماً عند العلمانيين والكفرة أولاد الستين ما بعرف شو، بينما يهزأ بها و يصمت عن انتهاكها "الصحابة الجدد" أصحاب الخطب الرنّانة على القنوات الفضائية. خمسة أشهرٍ من جرائم بشار الأسد كشفت أن منظمات كحماس و الجهاد قد اقتربتا من ابتلاع شعاراتهما و شرعيتهما معاً.
و السؤال المهم الآن هو: هل حماس و الجهاد و غيرهما من الحركات إسلامية منظمات إرهابية تضع يدها في يد إبليس اللعين لتحقيق مصالحها أم لا؟
ترى ما هي أدلة من يجيب بلا، و ما مدى واقعيتها إذا لم تخرج هذه الفصائل عن صمتها الإرهابي اليوم قبل الغد؟ ترى و كيف سيصنفها الشعب السوري بعد سحقه لنظامه قبل أن تدين جلاد الشعب السوري على الأقل من باب "لا أستعين بالإرهابي (النظام السوري) على الإرهابي (النظام الإسرائيلي)" و إلا كنت إرهابياً بامتياز.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحلة مؤثرة تتهافت عليها شركات صناعة السيارات العالمية | عالم


.. عريس جزائري يثير الجدل على مواقع التواصل بعد إهداء زوجته -نج




.. أفوا هيرش لشبكتنا: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الج


.. مصدر لسكاي نيوز عربية: قبول اتفاق غزة -بات وشيكا-




.. قصف إسرائيلي استهدف ساحة بلدة ميس الجبل وبلدة عيترون جنوبي ل