الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاصلاح السياسي يدخل الامتحان الصعب

حسن محمد طوالبة

2011 / 8 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


دخلت مسيرة الاصلاح السياسي مرحلة الامتحان , اي مرحلة التطبيق العملي , في فترة زمنية هي الربع الاخير من هذا العام , كما حددها الملك في خطابه الاخير اثناء استقبال لجنة تعديل الدستور , التي رأسها احمد اللوزي .
والربع الاخير من العام الجاري يعد مرحلة خطيرة في مستقبل المنطقة العربية التي تشهد انتفاضات سلمية وعسكرية , راح فيها ألوف القتلى والجرحى , ومئات الوف المشردين والمهجرين خارج ديارهم وبلدانهم . وقد تشهد الاشهر المتبقية من العام الجاري تغيير بعض الانظمة , وزوال بعض الاصنام الحاكمة , وقد تشهد تحالفات جديدة , قد تكون في صالح الجماهير العربية , وقد تكون في غير صالحها .
الاردن واقع وسط الحراك الشعبي في الوطن العربي , يؤثر ويتأثر بما يجري في المنطقة . وقد شهد حراكا شعبيا سلميا واسعا في معظم المحافظات , ووقعت عدة تجاوزات من القوى الامنية , أو من البلطجية الذين ترعاهم جهات لها مصلحة في عرقلة الاصلاح السياسي والاقتصادي . وفي الوقت نفسه يستعد الاردن لدخول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ,كما انه بارك بشكل مباشر وغير مباشر نتائج الانتفاضات في كل من تونس ومصر , وشارك بفعالية مع حلف الناتو في ليبيا , واعلن موقفا صريحا ناقدا ما يجري في سوريا , اي انه بات لاعبا مهما في أحداث المنطقة , ويأمل أن يكون له موقع مميز في الترتيبات السياسية المقبلة في المنطقة .
في ظل هذه الاوضاع فانه من المحتم عليه , ان يرتب وضعه الداخلي , ويلبي مطالب أبناء الشعب الاردني , ممثلا بأحزابه وجمعياته ونقاباته وقواه السياسية ورموزه الوطنية . ولابد أن نعترف بأن الملك عبدالله الثاني كان المبادر الى قيادة عملية الاصلاح , وشكل لجنة الحوار الوطني , ولجنة تعديل الدستور . ووضع الحكومة ومجلس الامة امام مسؤولياتها القانونية والاخلاقية , لكي تنجز المهمات الموكلة اليها . وقد أنجز قانون البلديات , بتعديلات متواضعة , ومن المفروض ان تجري الانتخابات البلدية في موعدها المحدد ,دونما اي تدخل من أي جهة في السلطة التنفيذية .
لابد ان نقر حقيقة موضوعية هي ان القوى السياسية , الاحزاب والجمعيات والنقابات , كل يطمح ان تلبي القوانيين طموحاتها هي , تحت مظلة انها تمثل الجماهير الاردنية , وفي الحقيقة لايوجد اي حزب يمثل كل الجماهير . وعليه من الصعب على اية لجنة مهما كان تنوع تمثيلها السياسي ان ترضي جميع الاطراف ,أو تأخذ بكل توصياتها التي سبق ان اقترحتها او قدمتها الى اللجان المختصة .
قانون الاحزاب الجديد لم يوجه له النقد كما وجه لقانون الانتخابات , وبالذات من حزب جبهة العمل الاسلامي , او الاخوان المسلمين بخاصة . لان هذا الحزب يعتمد على قاعدته الشعبية العريضة , فمهما كانت بنود قانون الاحزاب قاسية , فهي غير ذات قيمة لاي حزب له قاعدة واسعة في الوسط الشعبي . اما قانون الانتخاب فهو الذي تعرض للنقد الشديد , وبالذات من الاخوان , وقد يقاطعون الانتخابات المقبلة في محاولة منهم للضغط على الحكومة لتعديل فقرات القانون ,بما يلبي طموحاتهم السياسية , وهو حق لمن كفله الدستور , ومن حقهم على الحكومة ان يتوافقوا على قواسم مشتركة حول القانون .
اما التعديلات على دستور 1952 , فلم تتعرض للنقد الشديد كما تعرض قانون الانتخابات , ولكنها لم تسلم من النقد البناء , من الاحزاب والشخصيات , حيث وصفت التعديلات بالايجابية .ولاسيما الاضافات على فقرات الدستور , وابرزها انشاء المحكمة الدستورية , التي ستبت بصحة القوانيين ,اي دسترة القوانيين . انصب النقد على امور شكلية مثل مدة دورة المحكمة من اربع سنوات لتصبح ثمان سنوات , ولا أعتقد بصحة وصواب هذا المقترح , فالمدة المقررة أصح لافساح المجال أمام القضاة المتميزين لخدمة الامة ومصالح أبناء الشعب . أما التصويت على صحة القوانيين بستة أصوات من أصل تسعة , فيمكن تعديله ليرتفع العدد الى سبعة او ثمانية , اي ضرورة التصويت بشبه الاجماع , لان القوانيين تهم المجتمع كله . وتبقى العبرة في اختيار اعضاء المحكمة ممن يشهد لهم بالنزاهة والخبرة والاتزان العقلي والنفسي .
وكذلك الامر ينطبق على الهيئة العليا المشرفة على الانتخابات , فلابد أن يكون اعضائها من المستقلين ,وليس لهم تاريخ في أحد الاحزاب أو الجمعيات أو النقابات ,من أجل توفر النزاهة وعدم الانحياز الى اية جهة سياسية .
أما البت في صحة انتخاب النواب من قبل محكمة البداية , بحيث تصبح قراراتها قطعية ونهائية وملزمة , وعدم قبول الطعن في قراراتها , ففيه بعض الغبن , اذ من الضروري ان يطعن النائب الذي يشعر بالظلم في قرار المحكمة , ويستأنف الحكم في محكمة أعلى .
النقد الايجابي لايثير أية مخاوف ,بل الخوف من النقد الصارم للتعديلات , واعتبارها لم تقدم شيئا , ولا تلبي طموحات أبناء الشعب .
تتركز هذه المطالب على تقليص صلاحيات الملك , وتداول السلطة , والمطلب الاخير يستلزم تعديل قانون الانتخاب ليضمن فوز حزب ما أو تيار أو تكتل سياسي معين . وهاتان النقطتان محط خلاف وجدل كبير قد يقلب الطاولة , وقد يولد حساسيات مدفونة , ويثير فتنة نائمة . وعلية فمن الحكمة أن تدار عملية الاصلاح بعناية , ومن الحكمة أيضا أن يتم تنازل من جميع الاطراف عن بعض مطالبهم , ويظل الحرص على سلامة الوطن وأمنه , هو الهم الاول والاخير لها . أما الانجرار وراء وهم الانقلاب الكلي على النظام ,فهم وهم قاتل . وسيجر البلاد الى ما لاتحمد عقباه . فالحكمة مخافة الله اولا واخيرا .والحرص على سلامة الوطن والمواطن , وضمان مستقبل اّمن لمن يعيش في هذا الوطن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر إسرائيلية تتحدث عن مفاوضات جديدة بشأن الهدنة في غزة


.. شاهد| مسيرة في شوارع دورا جنوب الخليل ابتهاجا بخطاب أبو عبيد




.. مقتل طيار بالقوات الجوية البريطانية بعد تحطم طائرة مقاتلة


.. دمار هائل خلفه قصف روسي على متجر في خاركييف الأوكرانية




.. حكومة السلفادور تلعن نشر آلاف الجنود لملاحقة العصابات