الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحسم العسكري

ساطع راجي

2011 / 8 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


الخلاف بين محافظة ميسان والحكومة الاتحادية بشأن تعيين مدير لشرطة المحافظة هو ليس الخلاف الوحيد ولا الاول بين حكومة محلية لاحدى المحافظات والحكومة الاتحادية فقد سبقته ورافقته خلافات كثيرة ومنذ سنوات مع بناء الهيكل الجديد للدولة العراقية وعقد مجلس النواب آواخر آذار الماضي مؤتمرا لتدارس هذه المشاكل، لكن يبدو إن مقررات وتوصيات المؤتمر لم تؤثر على مسار الاحداث.
الجديد في الامر إن أزمة ميسان تم استخدام الجيش فيها من قبل الحكومة الاتحادية لفرض الامر الواقع وحسم الخلاف لصالح مرشح الحكومة الاتحادية لتولي منصب قائد الشرطة رغم رفض مجلس المحافظة وجاء دخول الجيش على الخط دون أي تفسير من الحكومة الاتحادية للامر والاقسى إن القوى السياسية لم تهتم كثيرا بمتابعة هذه الازمة بل فضلت مواصلة العراك في الملفات المعتادة التي تخص توزيع المناصب ومواقع السلطة.
إن استخدام الجيش في حسم قضية خلافية بين احدى المحافظات والحكومة الاتحادية يضع مشروع دولة المؤسسات في خانة النسيان ويمثل خطرا يهدد الاستقرار في البلاد ويشيع استخدام القوة في فض الخلافات التي يمكن حلها عبر قنوات سياسية ودستورية دون إشاعة القلق في البلاد خلال مرحلة حاسمة تتمثل في اقتراب موعد انسحاب القوات الامريكية التي ينظر لها احيانا على انها الضامن الوحيد لاستمرار الحياة السياسية الدستورية في العراق.
أزمة قيادة الشرطة في ميسان لا يمكن التعامل معها بمعزل عن حالة الخروقات الامنية الخطيرة التي تحصل في محافظات الجنوب بذريعة مقاومة الامريكان ودفعهم الى عدم تمديد وجودهم في العراق وما صاحب ذلك من ظهور ممارسات ميليشاوية في الجنوب تحت مسميات وذرائع شتى، والواضح إن ظروف البلاد لا تتحمل عمليات عسكرية واسعة شبيهة بصولات الفرسان التي نفذت عام 2008، وكان الاجدى التنبه سياسيا لهذه الممارسات واطلاق حوار سياسي للتخلص منها بدل تجاهلها.
الازمة في ميسان هي جزء من ارتباك اداري وسياسي وقانوني يحيط بالعلاقة بين الحكومات المحلية في المحافظات والحكومة الاتحادية وهو ارتباك لا يوجد جهد حقيقي ومؤسساتي للخلاص منه في الوقت الراهن ويبدو ان الاطراف السياسية تريد استمرار هذه الحالة الضبابية في العلاقة وربما توسيع المنطقة الرمادية التي تعيش خارج سياق الحسم القانوني وذلك للاستفادة منها في المناورات وفي التملص من المسؤولية والاستمرار في تبادل الاتهامات وجني المغانم.
من الخطأ الاهتمام بالمشاكل الآنية للسياسة على حساب المشاكل البنائية والاساسية في الدولة بذريعة أسبيقة الاهم على المهم لأن ذلك يعني الاستمرار في الحلول الترقيعية المكلفة وهو سياق سيسمح من وقت لآخر بخرق السياقات القانونية والدستورية واللجوء الى منطق الظرف الطارئ وبالتالي اللجوء الى خيارات لا تنسجم مع أسس النظام السياسي وربما تتيح استخدام القوة لفرض الامر الواقع وتجاهل المواقف والاراء الاخرى حتى إذا كانت تنطلق من قاعدة دستورية وسياسية صحيحة.
استخدام الجيش في حل اشكالات سياسية وادارية هو استخدام غير صحيح ويؤدي الى تشويه دور المؤسسة العسكرية وتعريضها لاتهامات التسييس وهو استخدام يتناقض كليا مع العمل السياسي في دولة ديمقراطية، ومن الخطأ حشر هذه المؤسسة في خلافات حزبية على توزيع المناصب وتقاسم السلطة وقد يمثل الامر تهديدا لمدنية الدولة والحياة السياسية، وما حدث في ميسان قد يكون سابقة تؤسس لما هو أوسع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العاهل الأردني يستل سيفه تحية للأجهزة الأمنية والعسكرية


.. غانتس: يجب أن نعمل معا من أجل الوصول إلى انتخابات نشكل بعدها




.. وزير الخارجية الأميركي يبدأ جولة جديدة في المنطقة لبحث سبل ا


.. مصادر يمنية: مهمة إيصال الأسلحة إلى الحوثيين تنفذ عبر جماعات




.. تحقيق أمريكي يفضح فظائع الاحتلال في معتقل سدي تيمان