الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيزازي من السلفية إلى الاشتراكية أو ما دمت في المغرب فلا تستغرب

زكرياء الفاضل

2011 / 8 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


نشرت بعض الجرائد الإلكترونية المغربية خبرا، نقلا عن مصادر مقربة من الفيزازي الأصولي الفكر والسلفي النهج، مفاده أن هذا "الإمام" الروحي قد يترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة تحت لواء حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (بوركت يا شيخنا محمد الساسي في قرارك مغادرة قيادة حزب الاتحاد الانتهازي للشخصيات الوصولية). هكذا يضع زعيم السلفية يده في يد "خصومه" الإديولوجيين ليصبح "اشتراكيا" في حزب الوردة الذابلة. فالغاية تبرر الوسيلة، والغاية عند "الشيخ" الفيزازي ليس الله، كما هو الشأن معروف عند الصوفية، بل المقعد البرلماني، والوسيلة عنده ليست الشطحات الصوفية بل الانتهازية والانتفاعية السياسية. فالكل يعرف أن هذا البلطجي والوصولي قد تخلى عنه رفا..عفوا إخوانه السلفيون، وأنه لا شعبية له بخاصة بعد مواقفه السلبية من حركة 20 فبراير، لهذا قرر جعل حزب مفلس مطية للوصول إلى "حقيقته المطلقة". واختياره لهذا الحزب ليس عشوائيا، إذ قد باع هذا التنظيم السياسي، اليساري الماضي والمخزني الحاضر، ضميره منذ أواسط السبعينيات، ولم يبق من اشتراكيته وشعبيته إلا الإسم.
لن أفاجئ إن أظهرت الأيام المقبلة أن هذا الائتلاف السلفي-"الاشتراكي" من وحي وزارة الشئون الداخلية، وذلك لسبب مهم ورئيسي وهو أن الفيزازي ينوي الترشح كممثل لطنجة التي تعرف حراكا سياسيا قويا مناهضا لسياسة التجويع والتفقير المتبعة ببلادنا، مما يعني أن السلطة المخزنية لها يد في هذه العملية إذ الائتلاف المعزوم إنشاؤه سيتم بين الاتحاديين وحزب العدالة والتنمية المعروف بولائه الشديد للنظام ومعاداته لحركة 20 فبراير التي تقود الاحتجاجات بهذه المدينة المناضلة. فالنظام المخزني يريد للفيزازي لعب دور حلقة الوصل بين الحزبين اللاشعبيين لسد الطريق، حسب زعمه، أمام الحركة الشبابية للدخول في الصراع من أجل ولوج البرلمان وإعطائه انتعاشة حقيقية ستكشف حقيقة الدستور الممنوح. لذلك يعمل الجهاز المحافظ للدولة على إنشاء تحالفات سياسية، من عالم الفن السريالي، لقطع الطريق على القوى الشعبية الشريفة المناهضة للظلم والاستبداد وولوج البرلمان تلك الأحزاب المخزنية المطيعة والتي فقدت مصداقيتها لدى الجماهير الشعبية المحتجة.
إن تحول الفيزازي من معارض إلى موالي للنظام ليس بالأمر الغريب، إذ الحركات السلفية هي، في حقيقة أمرها، تنظيمات سياسية برجوازية نشأت وترعرعت في كنف البرجوازية الوطنية ولذلك فطموحاتها مطبوعة بالانتهازية والوصولية، كما أن حلولها المقترحة للخروج من الأزمة لم تغادر حدود الإطار الرأسمالي، مما يجعلها في تناقض، ظاهري، مع النظام القائم ووئام باطني معه(هذا الواقع ليس ذو طابع محلي بل إقليمي، حيث نلاحظ تواطؤ الإخوان المسلمين مع النظام المصري العسكري للالتفاف على الثورة الشعبية، وكذلك الأمر بتونس) . فهذه الحركات السلفية هي، في واقع الأمر، حركات تصحيحية للرأسمالية وليس إلا، وعليه فلا غرابة أن نراها تتأرجح بين معارضة النظام والتحالف معه ضد القوى الوطنية الشريفة المناهضة للاستغلال والاستبداد.
لقد تغنى النظام باستثنائية المغرب وتفاخر بثوريته، في حين أن الواقع يبطل يوما بعد يوم زعمه هذا، حيث أساليبه في الاحتيال على إرادة الشعب ومطالب الجماهير الشعبية لم تتغير ولم تبدع شيئا يذكر. كما أن هذا النظام، وبإصرار عنيد، لا يريد وضع تغيّر العقلية المغربية ونمو الجماهير الشعبية الفكري وبالتالي السياسي بحسبانه. فهو عاجز على مواكبة سفينة التغيير المبحرة عبر فضاء لا العالم العربي فحسب، بل والأوروبي أيضا، ومن قبلهما دول آسيا وأمريكا اللاتينية. فتسونامي التغيير لم ينطلق من تونس، وإن كان الأمر كذلك بالنسبة للدول العربية، بل من دول جنوب آسيا، ثم انتقل بعد سنوات إلى العالم العربي ومن بعده بدأ يلج الدول الغربية نفسها.
إننا نطمح لاستثنائية المغرب في التغيير أي نشهد عملية تغيير حقيقي تدب في شريان الجسم المغربي من دون سيل دموي، لكن يظهر أن السلطة المخزنية لها رؤية مغايرة لما نطمح له كوطنيين ومعارضين،بالداخل والخارج، شرفاء. فهل ينتظر المغرب مصير ليبيا أوسوريا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تضاريس المغرب تختلف عن القطرين المذكورين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية