الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحولات الإخوان .. وخواء النخبة

سعد هجرس

2011 / 8 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


"الإخوان المسلمون" غاضبون .. ويهددون ويتوعدون. وبعد أعوام من التعرض للاضطهاد بدأت تظهر عليهم أعراض الشعور بـ "العظمة"، فظهرت لهم أنياب وأظافر ومخالب بعد طول "مسكنة" واستدرار لتعاطف المصريين. ولم تكد تنقضى ستة أشهر "عسل" بينهم وبين المجلس الأعلى للقوات المسلحة، زايدوا خلالها على كل القوى السياسية فى إبداء التأييد للمجلس ، بل وتأليبه عليهم أحيانا إنقلبوا عليه ورفعوا ضده راية العصيان، لا لشئ إلا لاعتزامه إصدار إعلان دستورى جديد يتضمن مواداً تضمن "مدنية" الدولة.
و "منطق" الأخوان المسلمين فى هذا "الانقلاب"، أن هذا الإعلان الدستورى المرتقب يعنى – حسب نص بيان "الجماعة" – "الانحياز للأقلية التى تحاول فرض وصايتها على الشعب، وتمكينها من الالتفاف على إرادته التى تجلت فى استفتاء مارس ، والافتئات على صلاحية الهيئة التأسيسية المنوط بها كتابة مشروع الدستور".
وهو منطق يبدو وجيها من الناحية الشكلية، لكنه يتضمن مشاكل عديدة من حيث مضمونه، ليس فقط لأن استفتاء مارس الذى يتشبث به بيان "الجماعة" قد شابته ملابسات عديدة لا تمت لروح الديموقراطية بصلة، وإنما أيضاً لأن نتائج هذا الاستفتاء كأن لم تكن بعد صدور الاعلان الدستورى الأول الذى جاءت ثلاثة أرباع مواده من خارج المواد التى تم الاستفتاء عليها. ورغم ذلك فإن جماعة الاخوان المسلمين رحبت به. وبالتالى فإنه ليس هناك مسوغ موضوعى للحديث عن "أغلبية" و "أقلية" لقياس الإرادة الشعبية التى يتشدق بها بيان "الأخوان".
وهذا يعنى أن تلك النقطة التى تمثل محور منطق جماعة الأخوان المسلمين ليست هى جوهر الموضوع. فالقضية دون لف أو دوران هى إصرار كل فصائل تيار الاسلام السياسى على قطع الطريق أمام أى توجه نحو إرساء دعائم "دولة مدنية ديموقراطية حديثة"، طالبت الثورة.
وقد ظهر النكوص حتى عن شعارات "الاخوان" السابقة عن "دولة مدنية بمرجعية دينية" فى جمعة 29 يوليه التى رفعت فيها شعارات عن "دولة الخلافة الاسلامية" وظهر فيها العلم السعودى بدلاً من العلم المصرى ورفعت صور أسامة بن لادن بكل دلالاته كرمز مناهض لمدنية الدولة.
***
ورغم أن الأمانة تقتضى عدم تحميل "الاخوان" مسئولية مواقف باقى فصائل تيار الاسلام السياسى الأكثر تشدداً فإن إصرار "الجماعة" على شق صف القوى السياسية فى هذا التوقيت الحرج يثير تساؤلات عديدة.
بيد أن هذه التساؤلات المشروعة لا يجب أن تحبط الجهود الرامية إلى التوصل إلى "توافق وطنى" حول الخطوط الرئيسية لعقد اجتماعى جديد للبلاد فى هذه المرحلة التأسيسية للجمهورية الثانية. وهو ما يستلزم الحرص على دمج الإسلاميين فى العملية السياسية التى لا يجب أن تقصى أحداً.
والطريق إلى ذلك هو الحوار الوطنى الجاد وليس الاستقواء أو التهديد أو التحريض او إملاء الشروط، لأن هوية الدولة التى نريدها ليست مسألة تحسم بالأغلبية والأقلية وإنما بالتوافق.
ولذلك فإن بيان جماعة الاخوان المسلمين يسير فى الطريق الخطأ، لكن لا ينبغى مواجهة هذا التوجه العصبى باستقطاب مضاد.
ولعل "النخبة" المصرية – بما فيها من إخوان وغير إخوان – أن تتذكر أن انغماسها فى مثل هذه الممارسات العقيمة والألاعيب الصغيرة كان أحد أسباب تكريس عجز المعارضة إبان حكم مبارك، حتى جاءت دماء جديدة من الشباب المصرى الثورى وكسرت هذه الدائرة الشريرة التى دخلتها نخبة ما بعد الاستقلال. والآن تعود النخبة القديمة لتركب موجة الثورة وتحاول إعادة إدخالها فى نفس الحلقة الجهنمية القائمة على "توازن الضعف" بين حكم عاجز ومعارضة عقيمة.
وتنسى هذه النخبة التى انتهى تاريخ صلاحيتها – بما فيها النخبة الأخوانية – أن هناك رقما جديداً وصعباً فى المعادلة السياسية المصرية هو شباب الثورة، بمن فى ذلك شباب "الاخوان"، الذين لن يقبلوا العودة إلى السياسات البالية، ناهيك عن تحويل مصر إلى أفغانستان ثانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها