الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قضية وطن - لا للتباكي الكويتي

مازن مريزة

2011 / 8 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


هل يا ترى يشعر بالسعادة من كان بلا عقل ؟ دعونا نتخيل الذين لم يرزقهم الله ، بأغلى ما لدى الإنسان، وهو العقل، هل هم سعداء حقاً ؟ أم أنهم يشعرون بسعادة مزيفة تفتقر إلى النقاء الوجداني والجمال الروحاني الذي يضفي على النفس السعيدة بهجة وأريحية تثير السرور في الآخرين ، وترسم البهجة على قلوبهم قبل وجوههم ، ربما لن نعرف الإجابة أبداً ، لأن السعادة هبة ربانية ، يمنحها لمن يشاء عاقلاً كان أم مجنوناً ، وبالطبع لن نستطيع أن نسأل مجنوناً إن كان يشعر بالسعادة ويستلذ بها ، بل ويفخر بها ، وإن كنّا نتفق بأن الناس يختلفون في قدراتهم العقلية ، ولكنهم يشتركون في عملية إشغال هذه القدرات بالتفكير ، ومهما كان مستوى هذا العقل من الرقي أو الضحالة ، فمن البديهي أن أكثر ما يشغله هو: المستقبل ، وهنا يبدأ التباين بين نوعية العقل المُفكر ، فالبعض يوازن بين تفكيره في الماضي والحاضر والمستقبل ، والبعض يفتقر إلى هذه الموازنة ، فيبقى حبيساً في أحدها أو بعضها ، لدرجة قد تصل إلى نسيان المراحل الأخرى والتخلي عنها ، مما قد ينعكس بدوره على الشخصية ، فتتحول من شخصية سوية إلى شخصية مريضة ، تقتات ليومها وتجتر لغدها من إطار الماضي ، بسبب خشيتها مما لا تتمناه في الواقع ، فتحبس نفسها بإفراط في دوامة الذاكرة المرتبطة بهيكل الجسد ، لتعيق طموحاتها وتطلعاتها المنطقية ، وتجعلها متمسكة بماضيها لدرجة الإفراط في التوقف عن نقطة معينة ، والاستغراق فيها ، لدرجة التباكي المثير للاشمئزاز ، وهذا بالضبط ما يحصل حالياً ، مع كتّاب الكويت – إن صح تسميتهم كتاب- فكل يوم يخرج علينا أحدهم ، وهو يحسب نفسه بأنه جاحظ زمانه ، وهو يكيل أنواع التهم للعراق والعراقيين ، وكان آخرهم وليس أخيرهم ، المدعو : جاسم محمد كمال ، في مقاله : لا للكلاوات العراقية ، المنشور في جريدة الوطن الكويتية ،المليء بالأخطاء الإملائية ،والمتخم بفضاضات من الكلمات القبيحة والاتهامات الباطلة ، التي لا تصدر إلا من شخص مهووس بالماضي ، متحجر عنده حد الجمود ، مستغرق فيه حتى النخاع ، ومتوقف عنده منذ عقود ، في البدء ترددت في الرد عليه ، فلا فائدة ترجو من إصلاح عقل ؛ نخرته الترّهات وعشعشت فيه أكاذيب أصبحت جزءا لا يتجزأ من عقل مريض ، وصلت به حد وصف زعيم العراق الخالد عبد الكريم قاسم ب( المقبور الأول ) ذلك الزعيم الذي لا يختلف فيه أثنين من الشرفاء على انه ابن العراق البار ، بغض النظر عن ظروف ذلك الزمن ونوعيته وتحالفاته المشبوهة ، التي أدّت إلى اغتياله وتغيبه ، ولكن أحداً من هؤلاء لم يستطع أن يغيّب أو يخفي دوره الوطني الشريف ، في وضع اللبنات الذهبية الأولى للدولة العراقية الحديثة ،وفي كتابة الصفحات الأولى من تأريخ العراق في القرن العشرين بأحرف من نور ، ذلك الزعيم الذي لم يجد شبراً من أرض العراق في حياته ، كما انه لم يجد شبراً من الأرض ليحتضن جثمانه الطاهر بعد مماته ، لا أدري لماذا تصّر هذه النوعية من الكتبة وليس الكتّاب ، على قلب الحقائق ، وتسمية الأشياء بغير مسمياتها ، ولماذا تسيطر عليهم النوازع الانتقامية في ظاهرة تكشف قلة الوفاء للبلد الذي حماهم طيلة عقود وقرون من أطماع هذا وذاك ، وما غايتهم الحقيقية في الوقت الراهن لإثارة مشاعر البغض ضدهم وضد بلدهم ، فإذا كان الماضي قد ذهب بكل جماله وقبحه ، ولا سبيل لإرجاعه ، فلماذا تقضون جُلّ أوقاتكم في الاستغراق بالتفكير ، بحدث قد ولّى ، أليس من الغباء أن تهدروا طاقاتكم العقلية والجسدية المحدودة في التفكير في أشياء ، خارج نطاق قدرتكم على تسيرها والتحكم بها ، ماضيا وحاضراً ومستقبلاً ، أليس من المفيد لكم أن تتوقفوا عن صب الوقود في ماكينة إنتاج الأزمات ، والتي تضعكم أبدا في موقف الريبة الدائمة ، أليس من الأنفع لكم والأجدى ، أن تغيروا لهجة التعالي الفارغة في التعاطي مع مشكلاتكم ، وتوجيه قدراتكم وتوظيفها للبحث عن طروحات أكثر ملائمة وتفاعلاً في البحث عن حلول تجدونها عندكم قبل غيركم ، بدلاّ من تلك الجعجعة المثيرة للملل،والتي تعودتموها كلما صادفتكم مشكلة مع الأخ الأكبر ، وذلك في سبيل تمنية النفس في الحصول على بعض الاطمئنان المغشوش ، حاولوا البحث عن مواضيع وكلمات أكثر رقياً وأكثر حيوية ، علّكم تنجحون في إنقاص منسوب مشاعر الكراهية والبغض المتزايدة ضدكم ، كما ننصحكم في البحث عن خارطة حديث جديدة للمشهد المتفاقم بين العراق العظيم والكويت ، حاولوا يا هؤلاء أن تكسبوا حب الشعب العراقي الذي سيبقى وحده الفيصل في ظل وجود الأزمنة السياسية الدائمة التغيير ، وذلك باتجاه إعادة تقييم الماضي واستشراف الحاضر في ضوء إزالة التراكمات السلبية التي أتقنتم وتفننتم في وضعها والتنصل منها لاحقاً ، والتي عدّها العراقيون أفعالا تحتاج بالضرورة إلى ردود أفعال مناسبة ، ولكنكم في كل مرة تتركون الفعل الأولي نفسه وتتناسونه وتتشبثون برد الفعل من الطرف الآخر ، حيث ينطبق عليكم المثل العراقي (( ضربني واشتكى و سبقني بالبكا )) ، والله إني لأشفق عليكم منكم ،فلا تجعلوا من تمترسكم وراء غلكم الأسود مرضاً مزمناً يسيطر عليكم للأبد ، ويلوث أقلامكم وألسنتكم ، بما لا يرضاه أي حصيف لديه ما يكفي من الشرف الرفيع بدلا من المنطق الرقيع ، لا تدعوا الماضي يعميكم بعد الآن عن رؤية جادة الصواب ، ويثنيكم عن مسلكها ، راجعوا أنفسكم مرارا ، وحالوا أن تخرجوا من جلباب التبعية المطلقة لبعض الدول العظمى ، وتصرفوا كأحرار العالم ، وتنفسوا هواء الحرية الطازج بدلا من الهواء الفاسد الذي تتنفسوه في برجكم العاجي الذي آثرتم إلا أن تقيموا فيه ، و بدلاً من وصف كل الحكومات العراقية المتعاقبة بالمشئومة والمقبورة ،إبتداءا من حكم الملك فيصل الأول وانتهاء بالحكومة الحالية ، أعيدو التفكير في معنى أن يكون الجميع بأمكنتهم وأزمنتهم على خطأ وأنتم وحدكم على الصواب ، كما أن قضية الغلو والانفعال المبالغ فيه والسخرية أصبحت ظاهرة سلبية يتميز بها الكتّاب الكويت في سبابهم للعراق والعراقيين ، ولكننا لن نستطيع بأي حال من الأحوال الرد عليكم بنفس نوعية حبركم المصنوع من جثث كواسر الحقد النافقة ، والمعجون بمياه الخليج المالحة ، فأقلام العراقيين معروفة بحبرها الفواح ، المصنوع من رماد تنانير خبز الجنوب العبق ، ومعجون بماء دجلة والفرات العذب ، وأخيراً أقول لكتبة الكويت – ولا أعني كتابها الشرفاء- قولوا خيراً أو اصمتوا للأبد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين يعرض شروطه لوقف الحرب في أوكرانيا • فرانس 24


.. انطلاق مناسك الحج في مكة المكرمة وسط درجات حرارة قياسية




.. سلسلة هجمات لحزب الله على إسرائيل وواشنطن وباريس تسعيان لوقف


.. ما بين هدنة دائمة ورفع حصار.. ما هي تعديلات حماس على مقترح ب




.. جبهة لبنان وإسرائيل المشتعلة.. هل تحولت إلى حرب غير معلنة؟|