الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قديس بطعم الفودكا

واثق الجلبي

2011 / 8 / 17
الادب والفن


قديس بطعم الفودكا/

قد لا آتي بشئ جديد في حياة الروائي الكبير تولستوي ولكن لا بأس بفتح كوة صغيرة ينبعث منها صوت الضوء القادم من الأرض التي أطلق شعبها عليه (محامي مئة مليون من الفلاحين الروس) ...
قبل مدة من الزمن إحتفلت روسيا والعالم بالذكرى المئوية لوفاة تولستوي المولود عام 1828والمتوفي عام 1910 وهو صاحب الملحمتين (الحرب والسلام) و(آنا كرنينا) حيث صوّر الواقع الروسي بعدة الروائي الحاذق ولم يغادر أدق التفاصيل الحياتية آنذاك .
لقد أضيفت صفة القداسة إلى تولستوي بصعوبة حيث عاش حالة من التناقض المرير بين كونه كونتا إقطاعيا يملك من الضياع والعبيد الشئ الكثير وبين خلجات قلبه وشعوره بمعاناة أناس هو سيدهم المطاع ..
أخذ تولستوي ينشر مقالاته داعيا فيها إلى المساواة بين الناس وصار بهذا محامي الفقراء ولقد كتب في إحدى مقالاته( كل واحد منا يفكر بتغيير العالم لكن لا أحد يفكر بتغيير نفسه) هنا جاء خوف زوجته(صوفي) بتوزيع أراضيه على الفقراء وخاصة بعد فتحه مدرسة خاصة لأبناء المزارعين فكانت القطيعة بين القديس وزوجته التي كان يكن لها من الاحترام الشئ الكثير وكانت تنسخ بخط يدها روائعه كالحرب والسلام وقد نسختها سبع مرات قبل نشرها...
كانت فلسفة تولستوي في الأدب بوصفه فنا أشبه بالدين وبالجمال حيث وجدا ليعطيا حياتنا السرور وللأدب الجيد حياة مفادها التجارب الإنسانية التي تعلمنا وتغذي الأرواح التائهة وتعيدها إلى دروب الجمال والسمو.
فتن تولستوي بأدب بوشكين وغوغول وتورغنيف لكنه لم يتحمس لديستوفسكي الشديد الرومانسية
قرأ تولستوي الكتب المقدسة والقرآن الكريم وأعجب به أيما إعجاب وقال كلمته المشهورة ( يكفي محمدا فخرا إنه خلّص أمة من مخالب شيطان العادات البالية وفتح أمامها دروب الرقي والتقدم..إن شريعة محمد ستسود العالم لإنسجامها مع العقل والحكمة).
كانت فلسفة تولستوي محط ريبة الكنيسة التي لم تقبل آراءه وكفرته ولكنه ظل ثابتا عليها فصار له مريدون وأنصار وأتباع.تولستوي صاحب اللحية البيضاء الطويلة التي تشبه لحية سقراط أطلت علينا من الكوة التي فتحناها بادئ الأمر بحكمته وفلسفته الجمالية داعيا الجميع إلى مائدة إنسانية واحدة ربما هي مائدة عيسى إبن مريم ولكن ليس للمتكبرين فيها أي مكان ..فالناس كلهم سواء نزلوا إلى هذه الأرض رغما عنهم وسيرحلون رغما عنهم ولكن كم من العظماء سيخلدهم التاريخ.
البساطة كانت شعار تولستوي الكبير الذي عاش ومات وهو يتماهى مع هذا المفهوم حتى صارت له عنوانا بارزا وعلامة فارقة فعاش بسيطا بكل المفاهيم المتأتية من نفس طمأنها الجمال فطارت روحه كالحمامة البيضاء وهي تحمل ما تحمل من عبق الحرية والسلام متأقلمة مع الحرية التي قرأها في القرآن وتأثر بشخصية النبي الأكرم فجسّد ما إعتقد به في أحاديثه التي تنم عن شفافية الروح وتألق الفكر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أون سيت - الأسطى حسن .. نقطة التحول في حياة الفنان فريد شوقي


.. أون سيت - أولاد رزق 3 .. أعلى نسبة إيرادات .. لقاء حصري مع أ




.. الكاتب علي الموسى يروي لسؤال مباشر سيطرة الإخوان المسلمين عل


.. بيت الفنان الليبي علي غانا بطرابلس.. مركز ثقافي وفضاء إبداعي




.. العربية ويكند | جيل بايدن تقود الرئيس بايدن إلى خارج المسرح