الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطة الانفصال - اليسار الاسرائيلي ينفذ عملية انتحارية

هداس لهب

2004 / 11 / 27
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


منذ اطلق شارون خطة الانفصال، اختفى اليسار الاسرائيلي كقوة مستقلة عن الساحة؛ لقد غيّر بيلين موقفه ب180 درجة، ومن نبيّ المفاوضات مع الفلسطينيين، انقلب لدعم خطة اساسها انكار الشريك الفلسطيني، وضرب معاهدة جنيف التي بادر اليها بنفسه؛ كما في اوسلو كذلك اليوم، يراهن هذا اليسار على الحصان الخاسر. ولكن هذه المرة الثمن سيكون اغلى.

هداس لهب

تظاهر الآلاف من نشيطي اليسار الاسرائيلي مساء يوم الاثنين، 25/10، دعما لخطة الانفصال الاحادي الجانب. في اليوم التالي كما هو معروف اقر الكنيست الاسرائيلي الخطة بالاغلبية. الجهة المنظمة للمظاهرة كانت "مركز الاغلبية" الذي يضم حزب العمل وحركات اليسار، ومن بينها "سلام الآن". في المظاهرة تحدث كل من رئيس المعارضة، شمعون بيرس، ورئيس حزب "ياحد"، يوسي بيلين، وعضو الكنيست ميخائيل ملكيؤر من حزب "ميماد" (للمتدينين الليبراليين).

المظاهرة كانت الذروة في الحملة التي يقودها اليسار لاعادة الشرعية لعدوه التاريخي: اريئل شارون. تحت شعار "الاغلبية تقرر: الخروج من غزة وبدء الحوار"، الذي يدعي المنظمون انه يعبر عن رأي 70% من الجمهور الاسرائيلي، يمهد اليسار الارضية لفرض خطة خطيرة على الشعب الفلسطيني.

"منذ اطلق شارون مبادرته الجديدة، اختفى اليسار الاسرائيلي كقوة مستقلة عن الساحة. لم تصدر عنه كلمة احتجاج واحدة، ولو هزيلة، ازاء الحملة العسكرية التي قادها شارون انتقاما لقتل الطفلين من سديروت: لقد اجتيزت كل الخطوط الحمراء، دون ان يتفوه قادة سلام الآن، ياحد وحزب العمل، بكلمة." (زئيف شترنهل، هآرتس 31/10)

عائلة رافض الجندية يونتان بن آرتسي، نشرت مقالا اتهمت فيه اليسار بالعمى التاريخي والجبن الايديولوجي، اللذين افسحا المجال ل"خطة الجيتو الفلسطيني في قطاع غزة." (ynet، 7/11)

مدير عام حملة "مبادرة جنيف"، جادي بالتيانسكي، اعرب عن اسفه ل"تنازل اليسار حتى عن الحق بان يصرخ، وفضل ابتلاع طبخة شارون عديمة المذاق، كما لو كانت طعاما ملوكيا". (عكيفا الدار، هآرتس 22/10)

كيف انقاد اليسار الاسرائيلي وراء شارون؟ ما الذي حل بانصار اوسلو والمبادرين لمعاهدة جنيف؟ هل تغير شارون وتبنى مبادئهم، كما يدعون، ام انهم هم الذين نسوا دورهم كحارس للمبادئ الانسانية وتنازلوا عن راية المفاوضات؟

الذرائع التي يسوقها اليسار لتبرير خنوعه المخجل، عديدة منها انها "الخطة الوحيدة المطروحة على جدول العمل"، "عدم ازعاج العملية التاريخية"، "منع اليمين المتطرف من اسقاط شارون"، وغيرها من التصريحات التي تؤكد ان هذا اليسار قد اندفع وبقوة الى الهوامش.



رهان خاسر

قبل اكثر من عقد تحالف اليسار الاسرائيلي مع القيادة الفلسطينية، وراهن على اتفاق اوسلو. مع اندلاع الانتفاضة الثانية غرق الاتفاق في حمام الدم، وبقي اليسار دون برنامج سياسي. تفكك اليسار تجلى في تراجع حزب ميرتس في انتخابات كانون ثان 2003، من عشرة مقاعد الى ستة فقط. محاولة ميرتس تجديد نفسه من خلال تأسيس حزب "ياحد"، لم تثمر الا عن حزب هو نسخة مشوهة للاصل. الارباك، البلبلة والخلافات الشخصية هي ما يميز موقف الحزب الجديد ازاء خطة الانفصال.

لمدة طويلة اتخذ يوسي بيلين، الرئيس الجديد لياحد، موقف المعارضة من خطة شارون واعتبرها "وصفة اكيدة للكارثة". ان كون بيلين المبادر لمعاهدة جنيف التي شكلت اساس تحالفه مع ميرتس، صعّب عليه دعم خطة شارون. فقد اعلن شارون نفسه ان خطته تأتي لاحباط مبادرات سلام اخرى، وكان واضحا انه يقصد معاهدة جنيف بالتحديد.

لا شك ان بيلين وشركاءه شعروا بالرضا عندما نشر ملحق هآرتس (8/10) المقابلة مع مستشار شارون، المحامي دوف فايسغلاس، الذي قال ان مبادرة جنيف هي من اهم صانعي خطة الانفصال. معارضة بيلين لخطة شارون عزلته في الاقلية ليس فقط داخل حزبه، ولكن ايضا داخل المجلس الشعبي لمعاهدة جنيف الذي اراد ابتلاع السم الذي جرّعه له شارون.

فجأة غيّر بيلين موقفه ب180 درجة. من نبيّ المفاوضات مع الفلسطينيين، انقلب لدعم خطة اساسها انكار الشريك الفلسطيني. الجميع تفاجأ، حتى شركاؤه في قيادة الحزب الذين دعموا الخطة من البداية. في جلسة كتلة "ياحد" التي عقدت في 18/10 طالب بيلين بمنح شارون شبكة امان غير مشروطة حتى 31/3/2005، آخر موعد لاقرار الميزانية. ويعني هذا ان ياحد لن يعمل على اسقاط شارون في كل عمليات التصويت في الكنيست، الامر الذي لم يطالب به حتى سريد.

لمنع الشكوك في سلامة نواياهم وتحسبا من المواجهة، تهرب نواب "ياحد" في الكنيست من طلب نشيطي سلام فلسطينيين ان تتم دعوتهم للكنيست ليفسروا لنشيطي اليسار الاسرائيليين اهمية تنفيذ الانسحاب بالتنسيق مع الطرف الفلسطيني.

بلدوزر الانفصال سحق مبادرة اخرى هي "الاحصاء الوطني" لعامي ايالون، رئيس الشاباك السابق، والدكتور سري نسيبة. خطة الانفصال تتعارض تقريبا مع كل كلمة في برنامج الحركة المؤسس على اتفاق للحل الدائم في حدود الرابع من حزيران 1967. وقد اضطر ايالون ان يصحح اعلان المبادئ باضافة بعض السطور التوضيحية التي تقول: "طالما ليست هناك قيادة فلسطينية مسؤولة تأخذ على عاتقها التفاوض مع اسرائيل، والى ان يتم التوصل لحل دائم، سيكون على اسرائيل تنفيذ خطوات تنهي سيطرتها على 3.5 ملايين فلسطيني...". (هآرتس، 22/10)

لقد نجح شارون في اخراس الاصوات النقدية في اليسار، وحظيت خطته بدعم جارف من كل المؤسسة الامنية وحزب العمل وياحد. والآن ايضا تجدد دعم البيت الابيض له بعد اعادة انتخاب جورج بوش لولاية ثانية. اليسار الاسرائيلي حلم دائما ان ينفذ اليمين "العمل الاسود": تفكيك المستوطنات، اما المبادئ فلتذهب للجحيم. كما في اوسلو كذلك اليوم، يراهن هذا اليسار على الحصان الخاسر. ولكن هذه المرة الثمن سيكون اغلى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موقف التنظيمات المسلحة الموالية لإيران من التصعيد في رفح| ال


.. إسرائيل - حماس: هل ما زالت الهدنة ممكنة في غزة؟




.. احتفال في قصر الإليزيه بمناسبة مرور 60 عاما على العلاقات الف


.. بانتظار الحلم الأوروبي.. المهاجرون يعيشون -الكوابيس- في تونس




.. حقنة تخلصكم من ألم الظهر نهائيا | #برنامج_التشخيص