الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ادراك الشامل .. في قصائد الخزعلي

حيدرعاشور

2011 / 8 / 18
الادب والفن


ادراك الشامل .. في قصائد الخزعلي
حيدرعاشور
البستاني يقفل كل الابواب ...
حارس البستان الامين ...
لكن الطيور ...
تدخل دون استئذان ...
ينفث دخان سجائره متحسرا ....
لماذا الحراسة والسماء ملك الطيور ..؟!
هناك من لا يتاثر بالشعر الا اذا كان يعالج شيئا يمس حياته وارتباط الشعر بحياة الاخرين يفرض على الشاعر مستويات متعددة في المعالجة وكفكفتها بالاقناعاة والتخاييل ،ويقول ميشال سليمان في احدى ترجماته الماركسية: الشاعر هو نبي على درجة مرتفعة من التطور الفلسفي والاجتماعي.
المتعة الشعرية وتجربتي البسيطة في قراءة الشعر،لعلها مخاطرة ومجازفة ان اطرح رائيا خاصا عن ديوان الشاعر ريسان الخزعلي الذي يحمل عنوان ( طريقة في الغناء ) لما يحمله هذا الشاعر من معرفية ودراية في المفردات ،وعمق في تجربة ميدانية وقرائية اضافة الى معايشته المناطق الجنوبية التي سجلت حضورا مميزا في بنائه الشعري وكان هدفها هنا استذكارا لعصر نابض بالحياة من خلال جمهرة المفردات الشعرية الموثقة بتاريخ عصرها ... لذلك وثقه بالشعر سيرة الجمال لشخوصه الرئيسة التي فيها معنى كبير في داخله وليس لاحد غيره .
يقول ارشيبالد ماكليش : الجميع يقرأون جميز ثم يقرأون جويس ثم يتحولون اليوت وبروست وكافكا ثم الى اليساريين في عقد من العقود حتى تبدو الكتابة الجديدة وكانها لغة الاعلانات في الصحف الانيقة التي تردد صدى الثرثرة المتغيرة للزي الحديث فكان (ريسان)هو الشاعر المشاكس ،هونفسه ،ويبقي نفسه ويكون شعره جديدا تماما في عصر يتسم بالبدع الانيقة ، فالقصائد التي انا في بحورها تنم عن شخصية مبدع يحيا تفاصيل شعره مفتشا عن مفهومه للحياة ويعترف لنفسه ...اذا يعترف امام المتلقي فهو مرميا في عالم متحفز عكس من خلاله مغامرات مؤرخه بقصائد اقل ماساوية من سابقاتها واقل عنفا واكثر عاطفية ،وتبريز اشخاصا اكثر انسانية و(ريسان ) من الشعراء الذين يصفوا احوالهم ووجدهم بحساسية عالية .. ما يعلم ان كل ذي وجد عانى مثله او قد يعاني مثله وهذا كان واضحا في قصيدة (مباهج التقويم الميلادي ) من المؤكد كتبها من وجع الشارع العراقي المتامل التجديد ولكن لا اثر له فكان التشاؤم والامل صوت ريساني ينطلق من كلمات
ان خيطا يمر في السماء ...
اسميه غيوما ...
وارى مطرا في بستان غيري ...
اباركه
لينتهي ... اهمس ضاحكا ان عام 2012 قادم في 1/1 . صورة شعرية واضحة وهي تدين من له سلطان على الارض،
ولهذا نجد في قصائده انواع متعددة من الصور الشعرية ونوعين من الكلام الدارج بين الشخوص والنص الشعري على درجة موفقه ترافقها حركات كثيرة ونبرة ملحنة مغناة تتحسس ايقاعها وكأن الشاعر ريسان الخزعلي يتحدث اليك وانت تقرأ بتلك النبرة الموسيقية بحيوية المعنى كما في قصيدة ( سرجون ) التي تحتوي على قفزات فجائية من التخيل الشعري، والتنوع بلغة الضاد بقصيدة ( بلاد النهرين ) التي توسمت بالعنف والبساطة والتمرد بدرجة رفيعة من الوطنية حين يقول : مللنا وعود السياسيين /بلا نصاب ... يصادقها البرلمان.
وكثرة الملل السياسي صدح في مخيلته صوتا وكانه يلقي الشعر بنغم موسيقي تمرن مجالسيه على سماعه وهو يعاتب ويذكر باسماء واعوام من النضال والعذاب والحرمان عاشها مناضلون من اجل بلاد الرافدين . وثمة فيض من الرثاء للشاعرالراحل عبد اللطيف الراشد واستشهادا واستذكارا خلقي رفيع لمسيرة الراشد الشعرية والحياتية .. الشعر هنا في قصيدة (رثاء فاشل عن شاعر فقير جدا ) فن مثل رسم صورة الانسان ان صح التعبير .
يقول : اندره موروا.. ان البحث وراء الوثائق هو رياضة رائعة ... كما في( قصائد اقرب الى الوضوح ) ، وهنا الوثائق التي صورها هي عبارة عن ذكريات يشوبها اشياء عميقة في صلة الشخص والمكان... اضافة الى تكرار الاحداث لحياتنا الانية وخاصة احداث الاحتفاء بالاعياد وذكرياتها وظرورة استذكارها ،وقد حشد مخيلته المستنفره في (رباعية الحضور) كما رسم الوجع في قصيدة (ورقة من الجحيم ) واشترط بها اشتراطاته القديمة والجديدة على ان لا يرى الدمع سوى الرفاق فقط وهذه صورة واضحة لا اختزال الوجع اليساري فيما رسم الامل في ( الرجل الكبير ) ليوكد مهما حل بنا هناك فسحة ووقت للحلم والقراءة .
من فنتازيا الريسانية جعل توقيع اهدائه للاصدقائه حسب طريقته الشعرية التي اراد ان يوصلها لهذه الاسماء التي ذكرها نهاية المجموعة وعنوانها ( توقيع اهداء) وهو على يقين ان قراءتهم لهذه المجموعة تمسهم من الناحيتين ، المجايلة والانتماء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا


.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم




.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا


.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07




.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب