الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التبعية من المنظور الأمازيغي

مهند بنّانه

2011 / 8 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


إن التبعية بكل أنوعها تمثل فشل محزن لـِ الإنسان ! و خيانة شبه مبررة لـِ ثمار هذه الأرض المعطاء , إن التبعية مرحلة من مراحل تحول الإنسان إلى الأخر حيث عندما نتبع الأخر نصل إلى مرحلة ننسى فيها من نحن و من أين جئنا ؟ عندما تتلاشى الهوية و الذات يتبنّى الإنسان هوية و ذات الأخر كـ حل وحيد واخير حيث لا مفر له إلا بأن يكون جزء من القطيع الذي اقترف ذنب الإيمان به وتقديسه .

عقارب الوقت لا تعود إلى الوراء فـ ذات الإنسان المميز ثقافيا عندما تختفي تترك ورائها صورة باهتة لا تشرق يوماً بلـ تبقى نسخة مكررة لـِ الأخر، حالة طارئة لكنها أبدية حينها ! إن ربط التبعية السياسية بالثقافية هو ربط واقعي و ملموس لكن يمكن أن نقول أن التبعية السياسية مرحلة سطحية من التبعية و يمكن أن تنقلب بإنقلاب الفكر السياسي عند الأفراد و بعدها الشعب لكن التبعية الثقافية و الفكرية هي التي تمثل الخطر الأكبر حيث بعد فترة تصبح جزء لا يتجزأ من حقيقة هذا الشعب ، مثل الصبي الذي يحمي تلك البيضة و عندما تفقس الأفعى يوهم نفسه بأنها حمامة و لكن لا مفر له فـ يجب أن يراها كذلك و إلا سقطت كل الأحلام و الليالي التي حلم بها بـِ تلك الحمامة التي يرميها بالأحجار من أمام نافذته كل يوم! إن التبعية موضوع يحتاج إلى التحليل و حلول بعيدة المدى.

لكن السؤال التقليدي ماهي أسباب التبعية ؟ ما مصادر قوتها و كيف يمكن إسقاطها و العمل من أجل إستقلالنا و الإمساك بـِ زمام أمورنا بـِ صورة كاملة، إن أسباب التبعية تحمل تاريخ يبدأ منذ ما يسمى الفتح الإسلامي و حكم الولي و فقه الإستبداد و ما خلق قبلية إسلامية جديدة تم إخفائها بـِ صورة جيدة حيث تم تصوير العربية كـ لغة الدين الوحيدة والإنتساب لـِ العروبة من علامات التديّن المباركة والنسب الرفيع الشريف! هذه كانت بداية الغزو الثقافي والفكري في شكل دين جديد لكن حقيقة الأمر هذا الدين الجديد لم يصلنا منه إلا ما يدعم ثقافة الأخر و لغته لكن الجانب المتسامح والعلماني يتم تجاهله بكل وضوح و سوء نية من قبل الأخر و هذه التبعية الدينية مهدت لتبعية سياسية ادخلت المنطقة حينها في صراعات على الخلافة و صراعات مذهبية كبيرة كان فيها الأمازيغ طرف ثالث و في الكثير من الحالات كان فيه الأمازيغ الطرف الأول و الثاني لكن الطرفين كانوا يعملون في مصلحة طرف ثالث ! يا لها من فترة شديدة الإنزلاق الثقافي و الفكري حيث ضربت اللغة الأمازيغية في مقتل و ضربت الثقافة الأمازيغية بصورة لا يمكن تتبعها.

بعيداً عن التحسر أو محاكمة التاريخ الغير شرعية فـ المجتمع الأمازيغي بصفة عامة يجب أن يبدأ صحوة ثقافية فكرية ينبذ فيها التقليد و التبعية في كل شيء و يبدأ بـِ الإهتمام بـِ لغته و فنونه بكل أشكالها و دعمها و العمل من أجلها بكل الوسائل المشروعة فـ الأخر مهما كان سواء كان الشرق أو الغرب هما وجهان لعملة واحدة فـ اسطورة اليمن و الجرمان هي فكرة واحدة ، العربية هي الفرنسية فلا فرق ولا فائدة تذكر منهما و واقعنا يصرخ بهذا.

الحقيقة هي عندما نرفض التبعية يجب أن نقدم البديل الجاهز، عندما نرفض الفن الدخيل يجب تقديم فن أمازيغي أصيل و عصري مليء بـِ الإبداع و الإمكانيات ، عندما نرفض اللغة الأخرى يجب دعم و تطوير لغتنا الأم ، عندما نرفض الغزو الثقافي و الفكري يجب تقديم بديل أمازيغي قوي و يملك حجج و براهين يمكن الوقوف و البناء عليها.

هذا يضع القاريء عند تساؤل أخر : أين و كيف سـ يصبح هناك بديل أمازيغي بهذه المواصفات، لـِ نفترض لا وجود لـِ العرب والأمازيغ او المغرب العربي وتامزغا، لا وجود لـِ تعريب وإعادة تمزيغ! ونتأمل نظرية إنسانية بسيطة بعيداً عن المسميات والتي تقول بأن الذين لا يملكون أفكارهم يشكلون خطر على أنفسهم ومجتمعاتهم حيث تنبع قراراتهم ومبادئهم من الأخر وبدون تفكير بها أو نقدها السطحي حتى، إعطاء الأخر الحق وملكية التفكير خطوة مدمرة يدفع البائع ثمنها وهذا الثمن يساوي الذوبان والتشتت وختاماً الإختفاء مع سبق التلاشي والذبول! ويصبح حزء من الماضي المنسي وقصة تعبر عن عجز في التطور والتأقلم " الإنتخاب السوسيو-طبيعي" مثل الديناصورات.

يمكن القول بأن مفهوم التبعية يساوي مفهوم اللامفهوم قابل لـِ التمدد والإنكماش والخداع الصادق، يمكنك أن تكون تابع مطيع "المخصي" وترى في نفسك رجلاً ذو مباديء! ويمكنك أن تكون جزء لا يتجزأ من القطيع المنسي وتتخيل نفسك وطنياً حراً!
إذاً التبعية لا تكون دوراً يلعبه الإنسان بصراحة و وضوح، ولا بصورة مباشرة غير قابلة لـِ الشك والتساؤل، بل هي سلسلة طويلة ومتداخلة من حقن الوهم المركزة، حقن وهم الحقيقة والهوية والمعرفة.

إن البديل الأمازيغي سـ ينمو ويتطور في بيئة مبدعة تتنفس حب الحرية والحياة، بيئة ترفض الإقصاء والإنغلاق في وجه الأخر، في تلك البيئة يمكن البناء لـِ رؤية أمازيغية صافية بعيده عن العصبية البدوية والقبلية والتوجهات القومية الجنونية! الكيفية لـِ تحضير هذا البديل الأمازيغي هي تقديم الأمازيغية في كل المجالات والبدأ في تقديم المحاولات و البدايات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من