الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة إلى القضاة: لا تخضعوا لقانون الغاب

العفيف الأخضر

2011 / 8 / 18
دراسات وابحاث قانونية


يوم قرأت افتتاحية "لوموند"- ولافتتاحيتها وقع دولي – التي سخرت من مهزلة محاكمة الرئيس بن علي والحكم عليه في جلسة واحدة بـ 35 عاماً سجناً ! قلت ها أن القضاء التونسي يلتحق بالقضاء الإيراني والسوداني: الأول يحكم بما أمر به المرشد والثاني لا تدوم محاكمته للمتهم أحياناً أكثر من 5 دقائق !.
أما عندما سمعت بالنبأ السعيد:تبرئة رئيس الحرس الجمهوري،الجنرال علي السرياطي الذي رشحه الإعلام الحر وغير المسؤول لعقوبة الإعدام،تبدد الانطباع الأول فلم تكن الغلطة إلا كبوة جواد؛لقد وصل القضاء التونسي إلى سن الرشد،إلى الحكم باستقلال عن أي ضغط عدا الضغط الجوي. القضاء المستقل والنزيه هو حجر الأساس في بناء دولة القانون:استقلال القضاء وحرية الإعلام المسؤول.أتمنى أن يستمر هذا الاتجاه لكي يقول مؤرخو تونس الغد إن القضاء التونسي دشن ميلاد دولة القانون في أغسطس 2011،التي ستدشن بدورها ميلاد الدولة الديمقراطية.
مثل هذا الانجاز التاريخي يُخيف أقصى اليمين الإسلامي المعادي لاستقلال القضاء ودولة القانون فضلاً عن الدولة الديمقراطية. لذا يصرخ محتجا: القضاء لا يستمع للشارع للإسراع في محاكمة"الفاسدين"(وإذا لم يحاكمهم القضاء فسيحاكمهم الشعب بدلاً منه)كما في ايران الخمينية؛أقصى اليمين الإسلامي لا يريد قضاة محترفين بل قضاة مناضلين،ان لم يكونوا مناضلين في صفوفه فعلى الاقل في تياره ، للانتقام من كل ما ومن تفوح منه رائحة العقلانية والعلمانية.
القضاء غير ملزم إلا بواجبين:تطبيق القانون والاستماع إلى صوت الضمير الأخلاقي.لا أحد غيرهما يحق له أن يملي عليه حكمه.بل بمجرد أن يقبل إملاء الشارع ينتقل فوراً من تطبيق القانون المتمدن إلى تطبيق قانون الغاب:في الشارع تعقد جلسة المحاكمة،وفي الشارع يصدر الحكم وفي الشارع ينفذ على الطريقة الإسلامية،الإيرانية والسودانية.وهذا ما تريده جماعات وأحزاب أقصى اليمين الإسلامي المتغولة اليوم في تونس الجريحة.إنهم يريدون استبدال الحيثيات القانونية بحيثيات سياسوية وشرعية متقادمة.
لقد دمروا المؤسسة الأمنية بـ"تطهيرها" وحلّ البوليس السياسي الذي لا غنى عنه للوقاية من الإرهاب، وها هم شرعوا في تدمير مؤسسة القضاء ليخلو لهم الجو.
تدمير القضاء يحتاج إلى جلاد وكاهن.الجلاد هو "شارع" أقصى اليمين الإسلامي وحلفاؤه ،"والكاهن" هو بعض الإعلاميين الذين باعوا أقلامهم وألسنتهم لأقصى اليمين الإسلامي السياسي الذي يتصرف في أموال قارون بترودولارات الخليج.وهكذا نشروا إعلاناته وإملاءاته مُموهة في مقالات وقعوها ضد أحكام القضاء المستقل.
في فرنسا مثلاً يُحْظر على الإعلام انتقاد أحكام القضاء بعد صدورها.فلماذا لا يطبق القضاء التونسي هذا الفصل[= المادة]إن كان موجودا ضد بعض الإعلاميين الفاسدين ؟وإذا لم يوجد بعد في القانون التونسي فلا بدّ من إيجاده.
عن أي شارع يتحدث أقصى اليمين الإسلامي وحلفاؤه وحاملو أقلامه؟
الشارع الحقيقي هو الذي رفض التسجيل التلقائي في القوائم الانتخابية، وسيكون عزوفه عن التصويت في الانتخابات القادمة أدهى وأمر، احتجاجاً ليس على عدم الإسراع في محاكمة قادة "التجمع" ولا على تحرير السيدين بشير التكارى وعبد الرحمن الزواري أو تبرئة رئيس الحرس الجمهوري الجنرال علي السرياطي،بل احتجاجاً صارماً على الجانحين والمجرمين الذين يقوّضون في كل لحظة أمن التونسيين ومؤسساتهم واقتصادهم ومستقبلهم بحرق الشركات والمؤسسات ومراكز الأمن وقطع الطرقات وغير ذلك من الجنح والجرائم التي تُرتكب في اليوم مئات المرات بتحريض من أقصى اليمين الإسلامي وحلفائه !.
الفاسدون الحقيقيون هم رجال ونساء أقصى اليمين الإسلامي الذين يحرضون من وراء حجاب المراهقين على النزول بمعدل التنمية الاقتصادية إلى- 3 % وكانت إلى 14 يناير 2010 +3,7 % .
هؤلاء الفاسدون الحقيقيون هم الذين يحق للقضاء أن يوقفهم في قفص الاتهام لأنهم هم الذين ينظمون "الفوضى الخلاقة"للفوضى.ولأنهم هم الذين يريدون مسخ تونس إلى صومال: الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود.
أيها القضاة،
يا بناة دولة قانون الغد وتالياً ديمقراطية تونس الغد، طبّقوا القانون الذي هو قوة الحجة وأغلقوا آذانكم دون صراخ "شارع" الإسلاميين ومرتزقتهم الذين يُرهبونكم لتطبقوا حجة القوة.
أيها القضاة الأجلاء
لا تحترموا هذا الشارع المسكون بالرغبة في التشفي والانتقام،بل احترموا بدلاً منه الإجراءات القانونية التي هي الضمانة الجوهرية لحقوق المتهم ، وبالنتيجة لحقوق جميع المواطنين الذين سيشعرون بالأمن إذا اقتنعوا بأنهم في حماية قضاء مستقل ونزيه.
ليكن شعاركم "الشارع" ينبح وقافلة استقلال القضاء تسير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا للتطرف
محمود المنيف ( 2011 / 8 / 18 - 17:11 )
اوافقك ان اليمين الاسلامي فاسد و مفسد و يشكل خطرا على تونس لكنك سيدي الكريم تتناسى لب المشكل و هو بقايا الاستبداد البوليسي و فلول الحزب الواحد بمهرجيه و زبانيته
لا استغرب مساندتك لهؤلاء فلطالما دافعت عن سادتهم بورقيبة و بن علي و الواقع ان خطرهم على البلاد لا يقل عن الخطر اللذي يشكله الفكر الاسلامي الصحراوي المتخلف
بقي الخطر الاكبر و هو جوقة المثقفين اللذين مازالوا لم يفهموا و قد فهم سيدهم و مازالوا يغلبون مصالحهم الشخصية و وصل بهم الامر الى درجة الدفاع عن منظومة قضائية فاسدة نكلت بشعبنا اكثر من نصف قرن...لو كان لنا مثقفون يتبنون حق الشعوب في الحرية و الكرامة و العدل لما وجد الارهاب الاسلامي اصلا و لانقرضت هذه الحركات الدينية المتطرفة بل لسجن الدين نفسه بخزعبلاته داخل دور العبادة...لكن من يفهم و من يقدر

اخر الافلام

.. تحذيرات أممية من حظر إسرائيل وكالة الأونروا.. ما التفاصيل؟


.. الأمم المتحدة: نصف مليون لبناني وسوري عبروا الحدود نحو سوريا




.. مستوطنون حريديم يتظاهرون أمام مقر التجنيد قرب -تل أبيب- رفضا


.. مسؤولة الاتصال في اليونيسف بغزة: المستشفيات تعاني في رعاية ا




.. الأمم المتحدة: أكثر من مليون نازح في لبنان