الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسامة أنور عكاشة على ذمة ثقافة الإلغاء

محمد الحاج ابراهيم

2004 / 11 / 28
حقوق الانسان


قضية أسامه أنور عكاشة هي االرابعه من نوعها في مصر بعد فرج فوده و نصر حامد أبا زيد ونوال السعداوي والتي تقضي بتطليقه من زوجته لأسباب تناوله أئمة أطهار ، هذه المرة كانت الفتنة بين عكاشة وعمرو بن العاص القائد العسكري المعروف ،الذي خدم بخلافة عمر وعزله إثر عجزه عن استعادة الإسكندرية من البيزنطيين عام 645م ،من ثم أعاده عثمان بعد أن صار خليفة ،ولم نقرأ معلومة واحدة تبين أنه كان من صحابة رسول الله أو من الأئمة ،وهذا الحكم خاضع لمفهوم [ الاجتهاد التراكمي الذي يزيد أبناء الأمة تشتتا، من حيث الانتماء المعتقدي والفكري] فالحكم على هذه القضية خاضع لاجتهاد مستحدث وغير سلفي،لماذا لم تُعتمد نصوص سلفية بهذه القضية؟ وعندما تُعتمد النصوص السلفية لابد من اعتماد المرجعية الدينية المؤسِّسة لهذه النصوص وهو القرآن أوّلاً والسنة ثانياً دعامات الدين الإسلامي الحنيف من لحظة انطلاقته الأولى بنشرالرساله ،وبعد ذلك يأتي دور المجتهدين العقلانيين الذين يبنون أحكامهم بالاستناد لهاتين المرجعيتين، ليتم تجنب الأهواء الثأرية لأنصاف أو أرباع رجال الدين الذين يفترضون أنفسهم قيمين على المجتمع والحياة لمجرد أن أطالوا لحاهم ولبسوا الجلباب وكأن إطالة اللحى ولبس الجلباب تجعل الواحد منهم يحلُّ مكان رسول الله ، فيتحوّل إلى مشرّع وهو لايفهم من الدين غير إقامة الحد على فلان أوعلان ممّا يؤسّس لظهور نمطين من رجال الدّين أحدهما يعتمد القرآن الكريم والسنّة النبويّة مرجعا، أما الآخر فيعتمد اجتهاد المجتهدين مرجعا، والفارق بين الاثنين كالفارق بين الملاءة والخواء ما يدعوا للتفريق بين رجال الدّين وأشباههم ،وبالتالي محاكمة عكاشة تتّم على قاعدة الاجتهاد وليس المرجعيّة الدينيّة، أي على قاعدة الجلباب واللحى وليس على القاعدة الشرعية المستمدّة من تعاليم الإسلام وفقهه.
أزمة أنور عكاشة ليست مع عمرو بن العاص ،لأنّه لو استُدعي عمرو للشّهادة سيعترف أنّه لم يكن نبيّا ولا إماما ولا مرجعا دينيّا أو فكريّا أو داعية، بل سيقول كنت قائدا عسكريا عينني الخليفة عمر بن الخطاب وعزلني، من ثم أعادني الخليفة عثمان بن عفّان بعد تولّيه ، و كنت أمينا بخدمتي للأمة ولم أقصّر بشيء من واجباتي ، فعمرو بن العاص لن يقول أكثر ولاأقلّ .
حقيقة الأزمة في أمتنا أنها مع هذا العقل المُحاكِم والقاضي بشؤون الأمّة على أساس الاجتهاد المستحدث والملقّح ماضوياً بدلالات اجتهاديّة وليست مرجعيّة وهذا يُمكن أن يفترض رؤية شخصيّة ذاتيّة النّزعة وتتمّ المحاكمة على هذا الأساس ويتمّ التّطليق دون تحديد الفصل بين الزوج وزوجته من الناحية الإيمانية التي تستدعي سؤالا حول كُفر الزوج وإيمان الزوجة فلم التفريق بينهما إن كانا بنفس التوجه ؟ هل ذكر التاريخ الإسلامي وغير الإسلامي أنّ الرسول الكريم طلّق زوجين كَفَرَه يوم كان يوجه الدعوة بنفسه ،فبمن يقتدي مكفّري عكاشة أو مقيمو الحد عليه ؟ إن كان النص التناقلي الغير واضح وفاقد المرجعية الدينية التاريخية هو مصدر التشريع فتلك مصيبة وإن كان المشرعون تناقليا هم الحكَم في ذلك فنحن أمام الكارثة التي تؤسس للتسيب المجتمعي ويصبح كلٌّ على هواه يحكم بحجة الكفر والإيمان ويضيع المجتمع بين هذا وذاك ويصير كلُّ ملتحٍ مشرع حتى لو كان لايعرف الصلاة فتدب الفوضى في بلادنا بسبب هؤلاء الجهلة الذين وصفهم السيد قطب يوما بجاهلية القرن العشرين ،هؤلاء هم الذين يرفضون المستند التاريخي الموثق كما فعلوا مع فرج فوده يوم قتلوه لأنه قال الحقيقة الغائبة التي لم يجرؤ على قولها أحد منهم، ويبدوا أن ثقلهم في مصر أكبر من أي مكان آخر حيث احتجّوا على حيدر حيدر بروايته المعروفة ولم يحاكموه كونه خاضع لقضاء يختلف عن القضاء المصري الذي يأخذ بهكذا اتهامات فاقدة الدلالة والإثبات بكل أسف .
أسامه أنور عكاشه اسم له دلالاته في مجتمع متحضر وإن لم يكن له هذه الدلالات فذلك يعني تخلف المجتمع الذي يعيش فيه والذي تمتع منذ زمن ليس بقليل بهامش ديمقراطي يؤسف أن يفرز هكذا إفرازات وما أكثر الآيات القرآنية التي تعطي للفرد حقّه (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) و(لاتهدي من أحببت إنّ الله يهدي من يشاء) وغيرها وغبرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اللاجئون السوريون في إقليم كردستان يتمسكون بحلم العودة إلى م


.. Ctجولة مفاوضات جديدة تنطلق في مسقط بين الحكومة اليمنية والح




.. إطلاق نار مكثف صوب خيام النازحين بالمواصي


.. شهادات صادمة من سجن سدي تيمان عن عمليات تنكيل وحرمان وتعذيب




.. دوجاريك: القيود المفروضة على الوصول لا تزال تعرقل عمليات الإ