الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اُمْرَأَةٌ .. فَتًى .. وَ بُنْدُقِيَّةْ

نجاة الزباير

2011 / 8 / 19
الادب والفن


هذه قصة نابعة من الجرح العربي النازف، لامرأة عانقت الموت مع ابنها. فإلى المرأة العربية و إلى نساء غزة وأبنائها تنحني حروفي.




اُللَّيْلُ يُبَعْثِرُ أَوْرَاقَهُ
هَلْ كَانَ يَقْرَأُ لَهُمْ بُرْجَ اُلْحَيَاةْ
مُتَأَمِّلاً خَـطَّ اُلْمَمَاتْ ؟!!
1
كَانَ يَمْشِي بِلَا هُويَّةٍ يَتَأَمَّلُ بِحُزْنٍ خُطَاهُ
مُرْهَـقًا مِنْ صَوْتٍ يِئِنُّ فِي حَنَايَاهُ
اُلْتَفَّ حَوْلَ كَاحِلِـهِ اُلْحَرِيقْ
وَفَـاضَتْ عَيْنَاهُ
ـ "لَا تَتْرُكِينِي أُمِّي لِذِئَابِ اُلْأَرْضِ
فَأَنَا يُوسُفُ اُلْقَادِمُ مِنْ بِئْرِ اُلْوَهْمِ"
صَـدَّتْـهُ
اُنْتَفَضَ جَنَاحَـاهُ :
ـ "دَعِينِي أَتَدَثَّرُ بِمِلْحِ اُلْأَرْضِ
وَأَرْكُضُ كَمَا يُوحَنَّا
لِيَقْتَاتَ مِنِّيَ اُلْمَوْت."


2
كَانَا لَا يَسْمَعَانِ غَيْرَ صَوْتِ اُلرَّصَاصِ
لَمْلَمَتِ اُلْمَرْأَةُ شَعْرَهَا
مَسَحَتْ بِلُطْفٍ عَنْ ثَوْبِهَا
تَعَطَّرَتْ بِقِنِّينَةِ اُلْحَرْبِ
وَرَكَضَتْ نَحْوَ بِحَارِ اُلدَّمِ.
وَقَـفَـتْ
تَأَمَّلَتْ مَصِيرَهَا.
كَانَ اُلْقَمَرُ حِينَهَا يُضِيءُ
وَكَانَتْ خُطُوَاتُهُمَا تُزْهِرُ
ـ "إِلَى أَيْنَ يَمْضِيَانِ ؟"
وَشْوَشَتْ مَحَارَةُ اُلْغَضَبْ.
3

اُلطَّرِيقُ طَوِيلٌ يَعُبُّ مِنَ اُلْخَوْفِ حَصَاهُ
وَكَانَ اُلْبَرْدُ اُلشَّدِيدُ يُقَوِّسُ ظَهْرَهَا
دَفَعَتْ فَتَاهَا نَحْوَ حُضْنِهَا
وَغَنَّتْ مَوَاوِيلَ
تَفْهَمُ وَحْدَهَا جُرْحَهَا.
جَلَسَتْ فَوْقَ أَعْضَاءِ حُلْمِهَا
تَعُدُّ سُبْحَةَ عُمْرِهَا
يَـا لَلْهَوْلِ !
كَمْ مَضَى تَقُولُ فِي سِرِّهَا
ـ "هَلْ كَانَ عَلَيْهَا تَوْدِيعُ أَنْفَاسِهَا؟!"
قَالَ ظِلُّ اُلْأَرْضِ وَهوَ يَعْدُو مِنْ جَفْنِهَا.

4
كَانَا غَرِيبَيْنِ أَنْهَكَهُمَا اُلظَّمَأْ
دَنْدَنَ اُلْفَتَى بِلَحْنٍ حَزِينٍ
"أَنَا اُلْأَرْضُ
وَاُلْأَرْضُ أَنْتِ
خَدِيجَة ! لَا تُغْلِقِي اُلْبَابْ
لاَ تَدْخلِي فِي الْغِيَابْ
سَنَطْرُدُهُمْ مِنْ إِنَاءِ اُلزُّهُورِ وَحَبْلِ اُلْغَسِيلْ
سَنَطْرُدُهُمْ عَنْ حِجَارَةِ هَذَا اُلطَّرِيقِ اُلطَّوِيلْ
سَنَطْرُدُهُمْ مِنْ هَوَاءِ اُلْجَلِيلْ" *

5
كَانَ اُلْعَالَمُ يُصْغِي لِذَبْحِ اُلْبَرَاءَةِ
تَسَلَّلَا مِنْ عَيْنِ اُلْهُدْهُدِ
رَأَيَاهُ يَهْذِي بِوَطَنٍ زَائِفٍ
وَلِلظُّلْمِ يُـصَلِّي.
ـ "هَلْ وَصَلْنَا ؟ !!! "
مَرَقَ اُلْفَتَى مِنْ تَحْتِ إِبْطِهَا
ـ "عُـدْ"
قَالَتْ بِخُفُوتٍ لا يُسْمِعُ نَبْضَهَا.

6
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
ـ ـ ـ
يَا لَهَذَا اُلْجُنونِ اُلَّذِي خَاصَرَ مَوْتَهَا !!
ــــــــــــــــــــــــ
*من " قصيدة الأرض" للشاعر الكبير محمود درويش
* شاعرة من المغرب









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في البال أغنية ودرويش
محمد نور الدين بن خديجة ( 2011 / 8 / 19 - 19:08 )
تحية الابداع والكلمة الشعرية الصادقة

ها انت ترسمين خط شاعرية بادخة بالمعاني وهي تنحو نحو تفاصيل دقيقة تشبه لقطة سنمائية بامتياز بدون تقريرية ولا سقوط في تسجيلية مباشرة.
كل مرة تؤكدين انك شاعرة تنهل من بحر شعرية خاصة ومتميزة تشبه فقط -نجاة-
تمنيت ان تحضري للإحتفالية التي اقيمت احتفاءا بذكرى رحيل محمود درويش بدار الثقافة .يوم 18 غشت 2011 .كانت ستكون هذه القصيدة في مستوى الاحتفاء .تحياتي


2 - تحية
نجاة الزباير ( 2011 / 8 / 19 - 21:31 )
الزجال الرائع المعاني ذو الصوت الرخو الأديب نور الدين بنخديجة
شكرا على هذا البهاء
كنت سأسعد باللقاء الذي اعتذرت عنه نظرا لسفري، أتمنى أن نقيم احتفالية أخرى لشيخ الشعراء محمود درويش
كل التقدير لك

اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال