الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الحيثيات الكاملة لحل اتحاد عمال مصر؟
عبدالوهاب خضر
2011 / 8 / 19الحركة العمالية والنقابية
وافق مجلس الوزراء المصرى منذ ايام برئاسة الدكتور عصام شرف علي مذكرة وزير القوي العاملة والهجرة احمد البرعي بشأن الأحكام الصادرة ببطلان انتخابات اتحاد نقابات عمال مصر "2006 -2011".. وكلف المجلس الوزير بتنفيذ هذه الأحكام وما يترتب عليها من آثار بما في ذلك حل مجلس ادارة اتحاد نقابات عمال مصر واستكمال تنفيذ باقي الاحكام وتشكيل لجنة مؤقتة تتولي ادارة الاتحاد لحين اجراء الانتخابات تحت اشراف قضائي.. وقد وافق المجلس علي اتخاذ وزير القوي العاملة للقرارات والإجراءات اللازمة لتنفيذ ذلك الأمر ، وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية.
اتحاد العمال عاش في حالة طوارئ مستمرة منذ صدور هذا القرار وعقب تشكيل اللجنة الجديدة التي تضم صابر بركات وعبدالحميد عبدالجواد وفوزي عبدالباري و امينة شفيق ومحمد طاهر ورفاعي وصلاح علواني و عزت شوقي ويسري بيومي وسيد الكارته و خليل صدومة و سيد ابو المجد وسيد عبدالمقصود وعواطف عبدالعظيم ومحمد عبدالسلام البري وصلاح نعناع وناجي رشاد وخالد الازهري و سيد الصيفي ووائل عبدالوهاب وعبدالخالق طارق وواحمد عاطف العيسوي ورحمة رفعت وذلك برئاسة احمد عبدالظاهر أحد القيادات ا لنقابية التي استبعدها رئيس الاتحاد السابق.. فما هى التفاصيل ؟
المؤيد والمعارض
بداية واذا كان وزير القوي العاملة والهجرة قد اكد أن كل الإجراءات التي تم اتخاذها قانونية، وأنه كان لابد من احترام أحكام القضاء التي تأخر تنفيذها عدة سنوات، وأصدر الدكتور احمد البرعي قرارا بتشكيل اللجنة المشرفة علي الاتحاد العام لنقابات عمال مصر خلال الفترة الحالية، وتضم اللجنة 25 عضوا يمثلون كل أطياف المجتمع برئاسة الدكتور أحمد عبدالظاهر، فيقول إسماعيل فهمي، القائم بأعمال رئيس الاتحاد العام للعمال،إن القرار الصادر بحل مجلس إدارة الاتحاد مخالف للقوانين الدولية.
وأوضح فهمي أنه تم إنشاء الاتحاد علي أسس قانونية ووفقا للاتفاقية الدولية رقم 87 التي أقرتها مصر ولا يجوز حله بقرار إداري، علاوة علي أنه لا توجد أية أحكام قضائية تقضي بحل مجلس إدارة الاتحاد، وأن الأحكام الصادرة التي أشار إليها وزيرالقوي العاملة في مذكرته تؤكد بطلان انتخابات عدد محدود من اللجان النقابية وليس مجلس إدارة الاتحاد .
وأضاف أنه كان يتعين علي وزارة القوي العاملة والهجرة بصفتها الجهة الإدارية آنذاك تنفيذ هذه الأحكام وحل اللجان العمالية التي صدرت بشأنها أحكام وتشكيل لجان إدارية بدلا منها لحين إجراء انتخابات تكميلية عمالية أو الانتظار لحين إجراء الانتخابات العمالية في دورتها 2011 - 2015.
وأكد فهمي أن اتحاد العمال كان مستهدفا منذ أن تم تشكيل حكومة الدكتور عصام شرف، مشيرا إلي أنه سيدعو جميع أعضاء مجلس إدارة الاتحاد وهيئة المكتب للاجتماع وسيعتبر مجلس إدارة الاتحاد في حالة انعقاد دائم وطاريء لحين وضوح الرؤية أوالتصدي لهذا القرار السلبي من خلال الاجراءات القانونية المناسبة، مشيرا إلي أن هذا القرار يخالف نصوص الاتفاقيات الدولية واتفاقيات منظمة العمل الدولية ، وقال انه بشأن التنظيم النقابي العمالي وحله لا يجوز لأي جهة إدارية حل الاتحاد، حيث ان الاتحاد ليس جهة إدارية تابعة للحكومة.
وأكد كمال أبو عيطة عضو الاتحاد المصري للنقابات المستقلة، أن القرار الصادر من مجلس الوزراء الخاص بحل مجلس إدارة الاتحاد العام للعمال، تأخر كثيرا، مضيفا: "انتظرت هذا القرار من 40 سنة.
وقال إن القرار الصادر سليم، ويتفق مع القانون، وخاصة قانون 35 لسنة 76، الذي يتمسك به أعضاء الاتحاد، ويرفضون بسببه قانون الحريات النقابية، حيث يعطي القانون 35 وزير القوي العاملة والهجرة الحق في حل الاتحاد، مشيرا إلي أن هناك أكثر من 167 حكما قضائيا صادرا ببطلان الانتخابات النقابية لدورة 2006 /201، وكانت الوزيرة السابقة عائشة عبد الهادي، ترفض تنفيذ هذه الأحكام، لأن الاتحاد كان الذراع اليمني للنظام السابق في رقبة العمال .
وأشار أبو عيطة، إلي أن اللجنة التي ستدير الاتحاد مؤقتا، لن تكون برئاسة وزير القوي العاملة، تجنبا للتدخل الإداري في شئون التنظيم النقابي، مضيفا أن الاتحاد المستقل سيشارك في هذه اللجنة.
ناجي رشاد أحد أعضاء لجنة الإشراف علي الاتحاد ، قال إن وزير العدل قال مفيش اي قوانين جديدة الا بعد تشكيل مجلس الشعب والمشكلة أن الانتخابات النقابية سوف تبدأ في اكتوبر القادم ، فهل ستجري في ظل قانون 35 بكل مساوئه أو في ظل قانون جديد للحريات النقابية، وأضاف أن المادة 19 من قانون الحريات الجديد تجبر العمال علي ان يكون التشكيل احادي ففي ظاهر الكلام هناك تعددية ولكن في الباطن يرسخ البقاء علي التنظيم النقابي الواحد(!!).
حيثيات
بعض الدعاوي القضائية الاخيرة التي اقامها الاتحاد المصري المستقل للنقابات ودار الخدمات النقابية والتي لم تتطرق لها الصحف والتي كشفت عن الحيثيات الكاملة التي استند اليها المطالبون بحل الاتحاد والتي جاء فيها انه لما كان الاتحاد العام لنقابات عمال مصر- الذي فُرض علي العمال كتنظيم نقابي وحيد محتكراً للحق في تمثيلهم، ومستلباً حقهم الدستوري الأصيل في تكوين نقاباتهم المستقلة بحرية، والذي لم يكن- في واقع الأمر- سوي إحدي أدوات النظام السابق في الهيمنة والحكم.. قد أهدر حق العمال المصريين- وبينهم الطالبون- بالتعبير عن مصالحهم، والتفاوض مع الأطراف الاجتماعية الأخري بشأنها مما أخل اخلالاً صارخاً بتوازن واستقرار المجتمع.
وتضيف الدعاوي القضائية انه ايضا ولما كانت قيادات التنظيم المسمي الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، والتي تنتمي غالبيتها العظمي إلي ما كان يعرف بالحزب الوطني الديمقراطي "الحاكم سابقاً" الذي قضت المحكمة الإدارية العليا بانقضائه، وكان هؤلاء قد أخضعوا تنظيمهم "النقابي" لدواعي النظام السابق ومصالحه ، واستخدموه في خدمة هذه المصالح جاعلين منه أداة لتحقيقها، وقاطرة من قاطرات الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي حاق بالوطن معطلاً ومجرفاً قواه الحية وإمكانياته وطاقاته المتنوعة، ولما كان سقوط النظام يستتبع سقوط أدواته، وكان إخلاء الساحة من هذه الأدوات شرطاً لازماً لبناء المجتمع الديمقراطي، الذي ينعم بالحرية والعدالة ، والذي يصون موارده ، ويحمي ثرواته، كما يصون كرامة أبنائه، ويكفل لهم حقهم في الحياة الكريمة، ولما كان استمرار التنظيم المسمي بالاتحاد العام لنقابات عمال مصر يضر بالمجتمع وأبنائه- وعلي الأخص منهم- العاملون بأجر جميعهم فلابد من حله.
لماذا؟
وبقراءة في هذه الدعاوي القضائية الجديدة تتم الاجابة علي الاسباب الحقيقية لحل الاتحاد والتي جاء فيها:
أولاً : الكيان المسمي بالاتحاد العام لنقابات عمال مصر قد زال من الوجود القانوني والواقع المادي في حيثياتها لما قضت به في الطعون أرقام 20030، 20279، 20459 لسنة 57 ق من انقضاء الحزب الوطني الديمقراطي وتصفية أمواله وعودتها إلي الدولة حيث نصت المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولي) علي أن: "إسقاط النظام يستتبع بالضرورة وبحكم اللزوم والجزم سقوط أدواته التي كان يمارس من خلالها سلطاته لاينفك عنها".... " وإذا كان الحزب قد زال من الوجود القانوني والواقع المادي فإن ولاية هذه المحكمة تنصرف إلي الكشف عن حقيقة هذا الزوال، مع ترتيب الآثار القانونية عليه، وتتمثل في تصفية أمواله وتحديد الجهة التي تؤول إليها هذه الأموال"، وقد حرصت المحكمة الإدارية العليا في حكمها علي التأكيد علي الحق الدستوري الأصيل الذي تضمنه الإعلان الدستوري الصادر في الثلاثين من مارس سنة 2011 فيما نصت عليه الفقرة الأخيرة من مادته الرابعة من أن " للمواطنين حق تكوين الجمعيات وإنشاء النقابات والاتحادات والأحزاب..." والذي اعتبرته المحكمة حقاً "يتأبي علي الانتقاص منه أو المساس به".
سيطرة
وجاء في الحيثيات انه إذا كان " التنظيم النقابي يتمخض تصرفاً حراً لا تهيمن عليه سلطة الإدارة، بل يستقل عنها ليظل بعيداً عن سيطرتها".. وإذا كان من غير الجائز أن "يرتهن تأسيس النقابة بإذن من الجهة الإدارية، ولا أن تتدخل هذه الجهة في عملها بما يعوق إدارتها لشئونها، ولا أن تقرر حلها أو وقف نشاطها..." «المحكمة الدستورية العليا، الحكم في القضية رقم 6 لسنة 15ق»، إلا أن هذه الحرية النقابية- التي تتعين كفالتها، وعدم الانتقاص منها- إنما "تتمخض عن قاعدة أولية في التنظيم النقابي تمنحها بعض الدول قيمة دستورية في ذاتها، لتكفل بمقتضاها حق كل عامل في الانضمام إلي المنظمة النقابية التي يطمئن إليها، وفي انتقاء واحدة أو أكثر من بينها- عند تعددها- ليكون عضواً فيها، وفي أن ينعزل عنها جميعاً، فلا يلج أبوابها، وكذلك في أن يعدل عن البقاء فيها منهياً عضويته بها". وطبقا لذلك فان واقع الحال أن العاملين في مصر قد عانوا طويلاً حرمانهم من الحق في التنظيم وتكوين المنظمات النقابية التي يؤسسونها بحرية وفقاً لإرادتهم، حيث أحيط هذا الحق بالكثير من القيود القانونية والإدارية التي كبلته عقوداً طويلة بإنشاء هذه المؤسسة البيروقراطية- علي شاكلة النظام- وفرضها كتنظيم نقابي وحيد يحظر تكوين النقابات خارجها، ولما كانت القيود المفروضة علي حق تكوين النقابات استقلالاً عن هذا التنظيم الذي استحال مؤسسة رسمية من مؤسسات الدولة- مع استمرارها وتشابكها- قد أنتجت بدورها منظومة مكتملة من الإجراءات الإدارية والنظم البيروقراطية المعتادة التي كرست انفصال التنظيم النقابي "الرسمي" عن جموع العمال وارتباطه بجهاز الدولة ارتباطاً كبيرا ،فقد أدي ذلك إلي إفســــــاد الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد علي النحو التالي:
اختلطت الأدوار.. حيث بات التنظيم النقابي أداة من أدوات النظام الحاكم، وبوقاً لدعايته، وظهيراً للدفاع عن سياساته وممارساته، حرصاً علي إجماع زائف لم يدفع ثمنه العمال وحدهم وإنما المجتمع كله.. حيث لم يكن ذلك- في واقع الحال- سوي حجب لتبادل الآراء بما يحول دون تفاعلها وتصحيح بعضها البعض، وتعطيلاً لتدفق الحقائق التي تتصل باتخاذ القرار، وتعويقاً لانسياب الشخصية الإنسانية التي لا يمكن تنميتها بغير التعدد والتنوع، والتفاعل الخصب، ولم يتسبب التنظيم المسمي بالاتحاد العام لنقابات عمال مصر الملحق بالنظام في إهدار الحقوق العمالية فقط بل في إهدار الثروات الوطنية .. وذلك في موافقته واشتراكه في تمرير صفقات الخصخصة وبيع الشركات التي انطوت علي الكثير من الفساد- الذي لم يعد محلاً للشك الآن- حيث شارك بعض رجاله في تمرير هذه الصفقات، ولعبوا أدواراً بارزة في تسهيل خروج العمال علي المعاش المبكر تمهيداً للبيع، ودافعوا دفاعاً مستميتاً عن جميع الإجراءات التي تم اتخاذها في هذا السياق.
تشكيلاته
وجاء ايضا في حيثيات الحكم ان هذا التنظيم- بهياكله وتشكيلاته القائمة- تنال منه مطاعن جدية تتعلق بإجراءات الترشيح والانتخاب لعضويتها التي تمت وفقاً للقرارات الوزارية أرقام 298، 299،300، 301 لسنة 2006 والتي انطوت علي انتهاكات واضحة للحريات النقابية تبدت- علي الأخص- في فرض قيود علي حق الترشيح، وانتهاك حق المرشحين في الاتصال بناخبيهم، وعرض آرائهم بحرية، وعدم المساواة بينهم.. وشملت العملية الانتخابية تجاوزات لا مجال إلي إنكارها- سجلتها تقارير الراصدين، والصحفيين مصحوبة بالصور والمستندات- وكان أبرز مظاهرها حرمان أعداد واسعة من العمال "الأعضاء" من حقهم في الترشيح.. حيث صدرت عشرات الأحكام القضائية في انتخابات مجالس إدارات الكثير من النقابات، ولم يكن ذلك إسهاماً وحيداً- علي أهميته- لقادة الاتحاد في إفساد الحياة السياسية، فمعظمهم- بوصفهم أعضاء في الحزب الوطني "المنحل" كانوا مشاركين بارزين في ممارساته السياسية المعروفة وفي مقدمتها المخالفات الجسيمة التي دمغت الانتخابات البرلمانية، ولعله لم يعد خافياً الآن- في ضوء التقرير الصادر عن لجنة تقصي الحقائق، والتحقيقات مع حسين مجاور رئيس الاتحاد في الدور الذي لعبه قادة هذا الاتحاد في مواجهة ثورة الشعب المصري بدءاً بالإشارة الصادرة منه يوم 26 يناير إلي رؤساء النقابات التابعة متضمنة تعليمات مشددة "بإجهاض أي محاولات لإقحام العمال في المظاهرات التي تشهدها القاهرة والمحافظات".. مروراً ببيانه الثاني يوم الأربعاء الثاني من فبراير (يوم معركة الجمل) الذي يرحب فيه بما "أعلنه الرئيس مبارك من تغيرات وإصلاحات عظيمة من خلال الإصلاح الدستوري والحرص علي حماية مصر من الذهاب إلي المجهول".. زاعماً أن "العمال المصريين لا يمكن أن يقبلوا انتهاك النظام"!!.. وانتهاءً بمشاركة رئيس الاتحاد وبعض قياداته ضد المتظاهرين في ميدان التحرير في هذا الأربعاء الدامي.
سقوط
ثانياً: الانتصار للحرية النقابية يقتضي تحرير العمال المصريين من الإكراه والانضمام القسري إلي الكيان القائم فقد استقر قضاء المحكمة علي أنها هي التي تهيمن علي تكييف وقائع الدعوي، وتحديد حقيقة الطلبات فيها بما يتفق مع نية المدعي من وراء اقامتها- مع مراعاة حدود الاختصاص المنوط بقاضي المشروعية- وكانت المحكمة في حكمها الصادر بحل الحزب الوطني الحاكم سابقاُ قد استبانت حقيقة الطلبات في ضوء "إرادة الشعب المصري مصدر السلطات والذي يسمو علي الدستور والقوانين، والذي منح المجلس الأعلي للقوات المسلحة شرعية إدارة شئون البلاد بصفة مؤقتة حتي يكتمل بناء المؤسسات الدستورية، ومن حيث إن إسقاط النظام يستتبع بالضرورة وبحكم اللزوم والجزم سقوط أدواته التي كان يمارس من خلالها سلطاته بحيث لا ينفك عنها"- وكان الكيان المسمي "الاتحاد العام لنقابات عمال مصر" واحداً من هذه الأدوات التي أفسدت الحياة السياسية والإقتصادية والاجتماعية، وهو ما أحجم عن إقراره أو الكشف عنه- وبحق- المجلس الأعلي للقوات المسلحة حتي لا يتهم بأنه اغتصب سلطة هذه المحكمة المنوط بها دون غيرها الكشف عن حل الحزب وتصفيته وتحديد الجهة التي تؤول إليها أمواله، وذلك احتراماً منه للسطلة القضائية ولمبدأ الفصل بين السلطات، ومن ثم بات واجباً علي هذه المحكمة الكشف عن ذلك السقوط وما يترتب عليه من آثار"
وأضافت الحيثيات إن العضوية "النقابية " في هذا التنظيم الذي صدر حكم بحله موزعة بين عضوية شبه إجبارية في القطاعين العام والحكومي، وعضوية ورقية لمن يسددون الاشتراكات من أجل الحصول علي رخصة العمل بينما لا يعرف بعضهم بعضا ولا يعرف شيئاً عن التنظيم المحتسب عضويته فيه، وذلك أن العاملين في الأجهزة الحكومية وشركات قطاع الأعمال العام يتم ضمهم أوتوماتيكيا إلي عضوية هذا التنظيم دون تقدمهم بطلب انضمام، ودون سؤالهم عن رغبتهم في الانضمام من عدمه، ثم يتم اقتطاع اشتراكاتهم النقابية إجباريا من أجورهم الشهرية ، وإن مثالاً جلياً يمكن تقديمه حيث كان الاتحاد العام لنقابات عمـال مصر قد اتخذ قراره بتاريخ 26/12/2011 بتشكيل ما يسمي "النقابة العامة للعاملين بالمالية والضرائب والجمارك"، والتي عرفت بالنقابة الرابعة والعشرين حيث كانت النقابات التابعة للاتحاد قد استقر عددها زمناً طويلاً عند رقم ثلاثة وعشرين طبقاً لتصنيف نقابي مفروض لا يتغير رغم تغير وتبدل الأحوال والبني الاقتصادية ، فكيف تشكلت هذه النقابة إذن؟! والاجابه ان قرارا يتخذه الاتحاد، ثم كتاب يوجهه رئيسه إلي رئيس مصلحة الضرائب العقارية يطلب فيه اقتطاع اشتراكات نقابية شهرية من رواتب العاملين اعتباراً من أول يناير 2010 وتوريدها إلي "النقابة العامة الجديدة" التي تقرر إنشاؤها تحت مسمي "النقابة العامة للعاملين بالمالية والضرائب والجمارك".. علي أن يستقطع منها ما يعادل 10% من قيمتها يتم توريده مباشرة إلي الاتحــاد العام لنقابات عمال مصر، وكان مجلس إدارة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر قد اتخذ قراراً بتشكيل النقابة العامة الجديدة بمسماها حيث نظرت جمعيته العمومية في القرار وأقرته بجلستها المنعقدة يوم 26/12/2009.. حيث رأي الاتحاد في ذلك سنداً كافياً لاستقطاع الاشتراكات من العاملين وتوريده لهذه النقابة اعتباراً من أول يناير 2010.
مخالفات
وتري حيثيات الدعاوي القضائية وإن المفترض-الذي يستقيم مع المنطق، ويوافق القانون- أن تتجه إرادة العمال إلي تكوين نقابة عامة، وأن يفصحوا عن هذه الإرادة بطلب تشكيلها، أو طلب الانضمام لها.. بينما يشكل الاتحاد نقاباته بموجب قرار يتخذه وهيئة يقوم بتسميتها وتعيينها دون تحديد أسماء أعضاء النقابة، أو اجتماعهم، أو انتخابهم ممثليهم، أو أي مما يمكن اعتباره تعبيراً عن إرادة العاملين المنضمين إلي النقابة، أو علي الأقل إفصاحاً عن وجود هؤلاء الأعضاء «عددهم، مـواقع عملهم أو محافظاتهم»، ثم يتم تحصيل الاشتراكات علي المشاع من جميع العاملين في الوحدات والمنشآت الحكومية التي تقرر تكوين النقابة بها.
وعلي الجانب الآخر.. يشترط لقيد الراغبين في العمل وإعطائهم ما يعرف "بكعب العمل" سدادهم اشتراك النقابة العامة التي تضم في عضويتها العاملين في المجال الذي يرغب العامل في العمل به "وفقاً لجدول التصنيف النقابي".. حيث يلحق العامل- وفقاً لذلك- بعضوية هذه النقابة قسراً دون أن يعلم عنها شيئاً قبل أو بعد ذلك.. كما يشترط لحصول سائقي سيارات الأجرة والميكروباص أو غير ذلك ممن يعملون كقائدي سيارات سداد اشتراك النقابة العامة للعاملين بالنقل البري.. حيث يلحق هؤلاء بعضويتها قسراً، وقد أدي ذلك كله إلي حرمان العمال المصريين من حقهم الأصيل الثاني في المفاوضة الجماعية التي تعذر تنظيمها في ظل غياب المنظمات النقابية المستقلة التي يثق بها العمال وتستحيل المفاوضة دونها.. حيث اضطر العمال إلي تنظيم إضراباتهم وحركاتهم الاحتجاجية ابتداءً لاستدعاء الأطراف الأخري إلي التفاوض معهم مباشرةً أو مع ممثليهم الفعليين الذين يختارونهم بحرية أثناء الحركة حيث بات الإضراب أداة ابتدائية لتحريك المفاوضة بدلاً من أن يكون محطتها الأخيرة التي لا يتم اللجوء إليها قبل استنفاد إمكانياتها الأخري.. وتواترت الإضرابات والتحركات الاحتجاجية علي نحو غير مسبوق خلال الأعوام الماضية كاشفةً عن مجتمع غير مستقر عصف بتوازنه غياب الحريات والحقوق النقابية الأصيلة الذي ضاعت معه آليات التفاوض.
ضرورة الحل
وتنتهي الدعاوي القضائية التي اقامها عدد من المحامين المتخصصين الي انه ولما كانت المرحلة الانتقالية الدقيقة التي تمر بها بلادنا الآن.. تستدعي جميع الجهود المخلصة والعمل الدءوب من أجل تطوير الركائز المجتمعية التي تتيح إمكانيات التفاوض والاتفاق وتطور فرص حل المنازعات بدلاً من تفجرها رفضاً أو احتجاجاً وطلباً للحقوق، ولما كانت الإشكالية العملية التي تتحدي هذه المهمة بالغة الإلحاح هي الأوضاع الراهنة للتنظيم المسمي "الاتحاد العام لنقابات عمال مصر".. والرفض العمالي الواسع لهذا الهيكل الشائه الذي دأب العمال في التعبير عنه أثناء احتجاجاتهم المتواترة خلال السنوات السابقة إلي الحد التي تصدرت مطالبها في الكثير من الأحوال طلبات حل المنظمات النقابية القائمة وسحب الثقة منها ، فقد بات ضرورياً الآن تحرير العمال المصريين من "إسار الاتحاد العام لنقابات عمال مصر".
مطالب
أما المطالب الوطنية التي انطلقت مؤخرا فلم يهتم بها النظام السابق وهي المطالب التي كانت قد وضعت شروط استقلال اتحاد العمال بشكل عملي وهي فصل الاتحاد عن الحكومة وإطلاق حق الإضراب دون قيود تعسفية وكذا حقوق الاجتماع والتظاهر والاعتصام وحرية العامل في إصدار الصحف والمطبوعات والنشرات المصنعية، وتحريم تدخل الدولة في شئون النقابات، واستعادة نقابة المصنع لشخصيتها الاعتبارية، وضمان حرية الانتخابات النقابية ونزاهتها وإخضاعها للإشراف القضائي الكامل الذي يشمل عمليات الاقتراع والفرز وإعلان النتائج وإبعاد وزارة العمل وأجهزة الأمن عن التدخل في هذه العملية.
وكان اقرار هذه الاستقلالية كفيلا بعدم وضع الاتحاد الذي كان مطمعا تاريخيا للنظام الحاكم في مأزق فهو الاتحاد الذييضم أضخم عضوية علي مستوي المجتمع بالمقارنة مع الأحزاب أو النقابات العمالية الأخري إذ يضم 5 ملايين عضو وذلك خلال بناء تنظيمي ضخم يضم 1745 لجنة نقابية يقودها 21 ألف قيادة نقابية وهذه اللجان تتبع 24 نقابة فضلا عن وجود 17 اتحادا محليا علي مستوي المحافظات، كما أن التنظيم النقابي يضم إمكانات مادية هائلة من بنوك وقري سياحية وجامعات عمالية ومعاهد تدريب ومدن سكنية، واشتراكات عضوية تبلع 50 مليون جنيه.
وفي مصر سعت الحكومات المتعاقبة منذ عام 1952 الي السيطرة علي الحركة العمالية بل وتأميمها، فمنذ صدور أول قانون برقم 319 لسنه 52 والذي تنص إحدي مواده علي أنه إذا انضم ثلاثة أخماس العمال في مصنع ما إلي النقابة فإن باقي العمال يصبحون أعضاء بحكم القانون وقد تتابعت التشريعات بعد ذلك وساهمت بدرجة كبيرة في احكام هيمنة الحكومة علي النقابات وتأميمها وكان آخرها قانون النقابات العمالية رقم 12 لسنة 1995 ولقد أكدت المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بتاريخ 27 أبريل سنة 1995 العدد 17 بالجريدة الرسمية عدم دستورية المادة 38 من قانون النقابات العمالية ، حيث تنص الحيثيات "أن تكوين التنظيم النقابي لابد أن يكون تصرفا إداريا حراً لا تتدخل فيه السلطة العامة بل يستقل عنها ليظل بعيدا عن سيطرتها ، ومن ثم تتمخض الحرية النقابية عن قاعدة أولية في التنظيم النقابي " وتستطرد المحكمة في حيثياتها لتؤكد حق كل عامل في الانضمام إلي المنظمة النقابية التي يطمئن إليها وفي انتقاء واحدة أو أكثر من بينها وكشفت عن أن استقلال اتحاد العمال عن الدولة يكمن في عدد من النقاط: أولها وجود حريات نقابية وانتخابات حقيقية من القاعدة حتي القمة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. سودانيات يتظاهرن احتجاجا على إخلاء مركز إيواء في بورتسودان
.. أزمة غذائية تلوح في لبنان بعد احتراق أراض زراعية في الجنوب و
.. تعرف على أسواق المزارعين في أميركا
.. قطاع الدفاع الفرنسي لن يتأثر بـ-التقشف- في مشروع الميزانية ل
.. تدمير كامل لمستشفيات جنوب لبنان ومقتل 87 من العاملين بالمجال