الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر بين جدل ثورة الشعب والانقلاب العسكري

محمود عبد الرحيم

2011 / 8 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


يكون واهما من يدعي أنه يعلم إلى أين تسير مصر؟ فالمشهد يزداد غموضا يوما تلو آخر، بل ومؤشرات الخطر على الثورة الشعبية المجيدة تكاد تتحول من تقديرات ورؤى إلى حقائق ملموسة، على نحو يثير الخوف من مصير يضرب كل التوقعات التي تصاعدت بعد خلع الديكتاتور العجوز، والآمال التي جرى الرهان عليها في إمكانية هدم دولة الفساد والاستبداد التي تكرس للتخلف والتبعية، والسعي سريعا لبناء دولة مدنية ديمقراطية عصرية ترعى الحريات والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وتُشيد على أساس من القانون والمواطنة.

فما نراه الآن ليس سوى استماتة في الإبقاء على بنية النظام الذي توهمنا أنه سقط أو على وشك، وإعادة توزيع أعوانه في كل المواقع القيادية، بذات السياسات الفاشلة مثلما رأينا في حركة المحافظين الأخيرة وقبلها في التعديل الوزاري، بل وتحويل الثورة التي توهمنا كذلك أنها انتصرت، وفي طريقها لتحقيق أهدافها بقوة الدفع الذاتي وبدون عثرات، إلى مجرد قضية جدلية تنتهي لاحقا إلى لاشيء، هي وما يتعلق بها من قضايا، سواء ما يخص محاكمات رموز الفساد، وعلى رأسهم الرئيس المخلوع مبارك، أو أسس بناء الدولة المدنية الديمقراطية العصرية التي يتقدمها صياغة دستور جديد يحدد بنية النظام الجديد وتوجهاته داخليا وخارجيا، وطبيعة كل سلطة وصلاحياتها ويجفف منابع صناعة الديكتاتور.

ليس هذا فحسب بل ما نراه توظيف الإعلام الحكومي والخاص في هذه المعركة الخبيثة أو فلنقل لعبة الخداع الاستراتيجي، والقيام بنفس الأدوار القذرة التي كان يلعبها جهاز أمن الدولة، من تغييب وعي الجماهير وإلهائهم عن القضية المحورية بقضايا هامشية أو تعبئتهم باتجاه المسارات المضادة للثورة.

ناهيك عن حملات تشويه المعارضين لمواقف السلطة الانتقالية، المطالبين باستكمال الثورة وإعادتها إلى مسارها الصحيح، ومحاولة إضعاف هذه الجبهة لصالح تقوية جبهة أنصار مبارك ورفع أصواتهم التي كانت متوارية وإعطائهم مساحة تزداد يوما بعد يوم في الساحة الإعلامية وفي اللجان الرسمية، بل وفي الشارع، وحتى أمام قاعات المحاكم ليتولوا رفع صوره والمطالبة بإعفاء رمز شرورهم من المحاكمة، مع الاعتداء على ضحايا هذا الديكتاتور الملطخة أياديه بدماء شعبه والملطخ تاريخه بالعار والخزي، بينما رجال الأمن المدنيين والعسكريين يتفرجون.

الأدهى من ذلك أن حملة تكميم الأفواه تتصاعد، سواء بإجبار بعض الإعلاميين على ترك برامجهم الجماهيرية وتسريحهم من العمل، مثلما حدث مؤخرا مع مقدمة البرامج بقناة "دريم" دينا عبد الرحمن أو بتوالي التحقيقات أمام النيابة العسكرية لعدد من النشطاء آخرهن أسماء محفوظ و مها أبو بكر، كعودة لرسائل التخويف والتحذير للمعارضين، فيما يتم تدليل من ارتكبوا جرائم بحق الشعب والوطن أقل وصف لها هو الخيانة العظمى، بمحاكمات مدنية أقرب إلى مسرحيات العبث منها إلى عدالة ناجزة ذات مصداقية، ويتم الرهان على عنصر الوقت وإطالة أمده حتى تهدأ المشاعر الملتهبة، وينشغل الناس أو يتم شغلهم بأمور أخرى، حتى يجري ترتيب الأوضاع لساكني الزنازين المكيفة، رفاق الطريق والمصالح وفق وضعية "الخروج الآمن"و "الخروج المشرف" على غرار ما تتحدث عنه المبادرة الخليجية مع نظام ديكتاتور اليمن، وربما يتم استحداث وضع جديد كـ "خروج هادئ" أو "هروب آمن".

والسؤال الذي بات يطرح نفسه بمرارة الآن هل انتصرت الثورة أم أنها سُرقت من يد الشعب الذي استغل فقر وجهل غالبيته ليحولها لمجرد أغنية وعبارة مستهلكة لا صدى لها على الأرض، ثم شكوى مضجة من آثارها الأمنية والاقتصادية المضخمة والمفتعلة، بينما واقع الحال يقول إنه تم تفريغ الثورة من مضمونها كحركة تستهدف الهدم من أجل البناء، وتغيير شامل وجذري على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لتتحول حركة الجماهير الثورية الديمقراطية إلى مجرد تسليم سلمي وهادئ للسلطة، كما كان يريد الأمريكان وحلفاؤها الإسرائيليون والسعوديون، إلى قوى منظمة تستكمل نفس المسار، وتحافظ على ذات المصالح المتشابكة داخليا وخارجيا، حتى لو كان الثمن إجهاض حلم المصريين المؤجل بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، والعودة لوضعية "محلك سر".

للأسف من ينظر إلى ميدان التحرير رمز الثورة الشعبية الذي تحول بين ليلة وضحاها إلى ثكنة عسكرية يتم تحريم التظاهر والاعتصام به وفضهما بالقوة المفرطة إذا ما تجرأ الثوار على الاقتراب من جنباته، ونزول رئيس المجلس الأعلى العسكري أول رمضان ليصافح الجنود ويتجاهل الحديث مع الجماهير تصله رسالة واضحة لا تحتاج إلى تفسير.

وما ترك الساحة مفتوحة للقوى الدينية وخاصة السلفيين ليرفعوا أصوات التهديد والوعيد للفصائل الليبرالية واليسارية وافتعال معركة حول الدستور إلا ورقة لعب من ذات الأوراق القديمة ليضعوا المجتمع المصري أمام خيارين كلاهما مر إما العسكر أو الفاشية الدينية.

فهل قامت الثورة لتصل لدولة مدنية ديمقراطية لا دينية ولا عسكرية أم أننا ضللنا الطريق أو كنا نعيش حلما سرعان ما سوف نستيقظ منه على كابوس مرعب يخبرنا أننا إزاء انقلاب عسكري كنا ندعمه بأيدينا ويحركنا لا إراديا لنحقق مصالح قيادته لا ليحقق مطالب الشعب؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ضربوا الاعور على عينه
جاك عطالله ( 2011 / 8 / 19 - 19:58 )
الحرامية استلموا راية دولة العصابات الحاكمة من الحرامى الكبير ومايقدروش يسيبوها ولو مفلسه وع الحديدة لانه مفيش حته هاتاخذهم بالغنيمة اللى معاهم والمشكلة انهم بيعتمدو على السلفجية والاخوان فى ارهاب الشعب وخداعه وتخديره بالدين القشرى السلفى واللى ما بيخافش او مستبيع بيودوه على المسلخ العسكرى المسمى ظلما بالقضاء العسكرى يتسلخ ويتنفخ ويتنضف من الوطنية هناك - الشعب لازم يعرف انه لسه محكوم بعصابة مبارك باقنعه اخرى والنهاردة بيورطونا بحرب مع اسرائيل علشان نتخرس و ندور على طقة ناكلها بدل مانموت من الجوع - رايى الشخصى انه ضربوا الاعور على عينه قال خسرانه خسرانه - بدل ما نستنى قرن ثانى يخلصوا علينا العصابة نقوم كلنا بايد واحدة وزى ما تيجى تيجى ما اطنش ها تكون اسوا مما نحن فيه حاليا ولازم نتحرك قبل ما يفسخوا البلد زى البشير ويدوا سينا على طبق للفلسطينيين واليهود حسب الخطة الحالية


2 - الثورة ..تجربة غير مسبوقة فى تاريخ المصرى (1)
عبدالرؤوف النويهى ( 2011 / 8 / 20 - 15:13 )
من الصعب التكهن بما ينتهى به الحال بمصرنا المحروسة ،فنحن على شفا حفرة من المخاطر التى تحيط بنا من جانب. وأزعم أن ما يحدث ،الآن ،ما هو إلاحالةترقب وانتظار قد تقصر وقد تطول..وكون هناك قوى خرجت من الشقوق كى تمارس لعبتها القذرة فى الإمساك بزمام الأمور ،فهذه القوى تملك الهشاشة من الداخل والتفاهة من الخارج ، وهى ليست بقادرة على صنع مستقبل لهذه الأمة ،فما هم إلا مجموعة رؤوس ترى أنها الصواب الوحيد فى هذا البلد ،وأعلم ويعلم الجميع أنهم هم والخواء سواء ،فلامشروع ولامنهج ولارؤية سياسية أو إقتصادية وإنما هى ضجيج ولاطحين ومايحدث فى مصر الآن ثورة تقتلع الجذور وتمهد لإقامة مجتمع مدنى ديمقراطى ،وأختلف مع أستاذنا الفاضل محمود عبدالرحيم فيما يطرحه(وما ترك الساحة مفتوحة للقوى الدينية وخاصة السلفيين ليرفعوا أصوات التهديد والوعيد للفصائل الليبرالية واليسارية وافتعال معركة حول الدستور إلا ورقة لعب من ذات الأوراق القديمة ليضعوا المجتمع المصري أمام خيارين كلاهما مر إما العسكر أو الفاشية الدينية)
لا ياسيدى إنها الحرية التى ننادى بها ..فلماذا اختفت أصوات اللبيراليين والثوريين ؟؟؟ ...


3 - الثورة ..تجربة غير مسبوقة فى تاريخ المصرى (2)
عبدالرؤوف النويهى ( 2011 / 8 / 20 - 15:29 )
ماذا نريد من تجربة غير مسبوقة عبر تاريخ المصرى الذى يمتد لآلاف السنين..إنها ثورة لشعب دأب على تقديس حكامه ،ولم يكن فى لحظة من اللحظات يشك فى الخروج على الحاكم .ولاننسى التراث الدينى عبر آلاف السنين الذى كان الدماء التى تسرى فى عروق المصريين ..ولاننسى أيضأً تغييب الوعى لأكثرية الشعب عبر هذه العصور ولاننسى أيضاً أن كسر العادة لن يكون بالسهولة التى نظنها. أجل أصحاب المصالح فى الداخل والخارج يقفون وبقوة ضد أى إصلاح ،فمابالكم بثورة تهدد العروش وتبدد الأحلام !!! أقول لك سيدى الفاضل مهما كانت الظروف التى تحيط بنا من كل جانب ،وتحاول إقصاءنا عن ثورتنا العظيمة ،لن تسطيع هذه الظروف أن تعيدنا إلى الوراء مرة ثانية .
سيدى الفاضل أنا أحد الذين اكتووا بنار الطغاة ولا أنسى ثورة الجياع فى يناير 1977م كنا الطلبة فى سنة التخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة ..ثورة هزت عرش بطل الحرب ولم يكن هناك سلاماً بعد مع العدو الصهيونى ، لم تتوقف وأصبحت نارأ حارقة عبر كل هذه السنوات من يناير 1977وحتى يناير 2011م..ولايمكن لثلة أو طغمة هادنت طويلاً أن تتصدر المشهد المصرى ..لكنها ستنتهى بين لحظة وأخرى .


4 - الثورة ..تجربة غير مسبوقة فى تاريخ المصرى (3)
عبدالرؤوف النويهى ( 2011 / 8 / 20 - 15:46 )
أنا أدعو كل القوى التنويرية الثورية الحريصة على مستقبل هذا البلد أن تتكاتف وأن تكون القدوة فيما نسعى إليه ولا أظن أن سكوتها فى مصلحة البلد ،عليها التواجد فى كل مناحى الحياة وأن تسعى نحو طرح الأفكار لقيام مجتمع مدنى ديموقرراطى ..عليها استغلال كل المنابر والميديا الإعلامية ..عليها التحرك من أقصى البلاد إلى جنوبها. ولا أشك لحظة واحدة فى مسلك المجلس العسكرى فيما يجاهد من أجله ..فالمجلس العسرى غير مؤهل لحكم مصر ..وهم أعلنوا ذلك مرات عديدة ..إنهم لم يتوانوا فى تقديم الرئيس المخلوع إلى المحاكمة ..ومايجرى من محاكمات لم تكن محاكمات هزلية أو مسرحيات كوميديا تؤدى أمام الشعب للتغرير به..وإنما محاكمات حقيقية ..إنهم الآلهة الذين أوهموا أنفسهم بالتحكم فى مصير شعب قهروه بالنار والحديد عبر عصور ضاربة فى القدم،ووجدوا أنفسهم مجرد أشخاص عاديين فلامجد ولاصولجان ولاسلطة ولاتمييز ..إنهم أمام القانون وهو الحصن الحصين لهذه الأمة ..فلايمكن أن نشكك فيه أو نطعنه من خلف أو نطعن فى نزاهته ..
ياسيدى الفاضل ..إذا فقدنا الثقة فى كل شيىء ..فماذا يتبقى لنا كى نؤمن به ونثق فيه...


5 - الثورة ..تجربة غير مسبوقة فى تاريخ المصرى (4)
عبدالرؤوف النويهى ( 2011 / 8 / 20 - 16:08 )
نجاح أى ثورة مرهون بالوقت والزمن وقوة رجالها وصبر شعبها ..هكذا قرأنا فى التاريخ .أما أن نقف محلك سر ونطلب تحقيق أهدافنا من ثورة عظيمة قام بها الشعب كله ..فكلنا شهود على ماحدث ولم يحك لنا وإنما كنا أحد السائرين نحو العدل والثائرين لحقوق ضائعة والمطالبين بالحرية أولاًأخيراً ..سنوات طويلة لم يجف مداد القلم عن الهدم من أجل البناء .ياسيدى لن نكون شعباًضعيفعاً.. لن نكون كبش فداء للعسكر أو الفاشية الدينية .إنها ثورة ولن تخمد نيرانها حتى تتحقق الأهداف والمطالب.
أنا لا أقلل من خوفك ولامن تخوفك ولامن هواجسك التى تملأ القلب والعقل ..إنما أشد على يدك وأقف معك فى خندق واحد .واهتف بكل الثائرين ألا يتسلل إلى قلوبهم الوهن وألايعترهم الهم والغم .إننا الشعب الذى قام بالثورة والمؤمن بمطالبه وعدالة أهدافه .أنا ياسيدى أسعد مخلوق على سطح هذه الأرض ..كنا نظن أننا جثث متعفنة .وخابت ظنون الطغاة.أنا ياسيدى عشت أزهى سنوات عمرى ..أنا أرى شعباً عظيماً يهدم باستيل الطغاة ويسحبهم من أقفيتهم ويحاكمهم وليكونوا عبرة لمن تسول نفسه أن يعبث بعظمة هذا الشعب الحر الكريم .
لاتخف فنحن فى أول المشوار.
وشكراً ياسيدى الفاضل

اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح