الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللجوء الى جنوب السودان !!

اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)

2011 / 8 / 20
حقوق الانسان


تداولت صحف ورقية ومواقع الكترونية قبل أسبوع وأكثر، خبر طلب أحد الصحافيين العراقيين اللجوء الى دولة جنوب السودان . وتباينت آراء وردود أفعال متابعي الخبر بين متعاطفين مع الصحافي ـ وهم الغالبية ـ وبين متهكمين ـ وهم قلة من الذين يتعاملون مع معاناة العراقي ببرود ، إذ يبيعون له الشعارات الوطنية الرنانة بلاتطبيق فعلي لها وإنما يجعجعون بها في تعليقاتهم ـ مثلما يدعيها السياسيون في تصريحاتهم ولا يترجمونها في أفعالهم ـ من غير أن يفهموا أن إطلاق رغبة اللجوء الى دولة أخرى إنما صرخة تعبر عن آلام الشباب العراقي ومعاناته في بلد لم يتوفر فيه حتى الآن مايمنح أولئك الشباب الاستقرار وقطف ثمار أحلامهم المؤجلة منذ سنين .
شهاب أحمد محمود ، طالب اللجوء ، شاب من جنوب العراق ، وهو صحافي تعرض للمضايقات في زمنين : العهد السابق والعهد الحالي ، فوجد نفسه تائهاً مغيباً عن التفاعل مع الحياة ، وقد ضاقت به سبل العيش الإنساني الكريم .
يبلغ شهاب من العمر 43 سنة أمضاها في العراق ، وبالرغم من هذه المدة الطويلة إلاّ إنه يشعر بالغربة فيه ، بعد أن وجد كل الأبواب موصدة في وجهه من جراء غياب الحرية الحقيقية والعدالة والديمقراطية ، فالبلد يسير الى الوراء ، والفساد بلغ أعلى درجاته ، حتى كأن العراق لايريد أبناءه ، وقد أصبحوا غرباء فيه ، بسبب طبقة سياسية عجيبة همها ربما التنكيل بكل عراقي خرج سالماً من ظروف مرحلة النظام السابق .
والمفارقة إن الذين تحملوا تبعات سنوات الحصار والمضايقات والخوف من الأجهزة الامنية خلال العهد السابق ، قد وجدوا أنفسهم في قائمة سوداء وضعتها أحزاب وبعض شخصيات كانت تعيش خارج العراق ولاتعرف شيئاً عن معاناة العراقي داخل بلده عبر عقود من الزمن المر حتى اليوم ، هذه الأحزاب جاءت لتتفرد بالسلطة هي الأخرى على وفق مبدأ الدكتاتوريات المتعددة التي تمثلها ( ديمقراطية العراق اليوم ) ، فاحتضنت أشخاصاً من الذين عاشوا داخل البلد ونقصد المتسلقين القادرين على الوصول الى الكراسي في كل زمن ، لتكون النتيجة المزيد من الغرق في أوحال الفساد مما تسبب في هدر ثروة البلد وتراجع الخدمات وتأجيل أحلام المواطن العراقي مرة أخرى .
لذا ليس غريباً على من يجد نفسه متضرراً مظلوماً في كل زمن أن يحاول البحث عن ذاته الضائعة والمغيبة قسراً ، من خلال التطلع للعيش في بلد آخر ، وإن لم يكن متقدماً .
ولم يجد شهاب سوى بلد جنوب السودان ليطالب عبر الانترنت باللجوء اليه ، عسى أن يعوض فيه سنوات شبابه الضائعة ، ذلك إنه بلد وليد قدم تضحيات جسام للحصول على الاستقلال بعد أن عانى الاضطهاد والإجحاف والظلم كثيراً ، وهو يشبه مدن جنوب العراق التي عانت الكثير من جراء السلطة المركزية سابقاً واليوم ، على وفق تعبير طالب اللجوء ، الذي يشعر بأن جنوب السودان قادر على إعادة إنسانية هذا الشاب اليه ، لأنه بلد وليد يبدأ من الصفر وستكون شخصيته وقيمته من قيمة الإنسان الذي يعيش فيه .
ومع وصف شهاب طلب لجوئه بأنه صرخة الى المسؤولين الفاسدين الذين ستؤدي أعمالهم الى إفراغ العراق من أبنائه ، فإننا نعرض هذا الموضوع ليس بصفته قضية شخصية كما فهمها بعض السذج والمنتفعين من فوضى البلد ، وإنما بصفته قضية عامة تعبر عن هموم العراقيين الذين كانوا يحلمون بعراق جديد يتفيؤون تحت أشجاره الوارفة ، فإذا بهم يجدون أنفسهم يهيمون في قفر جديد . فهل تنفع الذكرى ياأصحاب القرار في العراق لإنهاء الكابوس المرعب الذي جعل العراقي يشعر بالغربة في بلده ؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - روعة
نور محمد ( 2011 / 8 / 20 - 09:09 )
السلام عليكم
كما عودتنا الاستاذة اسماء على الابداع غير انها هذه المرة لاتبدع فقط وانما تغوص في شخصية هذا الصحفي الموجوع بصراحة جكدت كثيرا عندما قرات هذا الموضوع المؤلم انه يحمل كل تناقضات وسخرية العراق الجديد وعبرت عنه الاستاذة اسماء بكلمات راقية جدا عبرت عما في داخل صحفي لم ينال من العراق كما وصف في كلامه سوى الالم والحزن والقهر تحياتي لكما الصحفي شهاب والاستاذة اسماء


2 - كل التقدير لك
شهاب احمد محمود ( 2011 / 8 / 20 - 09:20 )
السلام عليكم
الست اسماء محمد مصطفى
يكفيني فخرا انت من الاشخاص القله جدا من وسطنا الاعلامي في العراق من انصفني ولم يسخر مني او يطلق الشعارات الفارغة وتبقين الانسان الرائعة والقلم الصحفي المتفرد بعطاءه واسلوبه واالاهم انسانيتة
دمت لنا سندا في المواقف الصعبة كما عهدنا بك
شهاب احمد
البصرة


3 - الامر خطير جدا
رؤى ( 2011 / 8 / 25 - 20:41 )
السلام عليكم
هذا الامر خطير جدا ويجب ان لايمر مرور الكرام خيرة شبابنا ومبدعينا يتركون بلدهم بسبب الاضطهاد والاجحاف والحقد من قبل فئة سياسية متسلطة الاستاذ الرائع شهاب انسان حمل هموم مدينتة البصرة على اكتافة كثيرا ودفع الثمن غاليا من ضرب وتنكيل واعتقال وظلم من حقة ان يفكر باي شي لان العراق اصبح جحيم بالنسبة له


4 - كلماتك تصف وصف حقيقي
دينا عباس الدايني ( 2011 / 11 / 10 - 13:29 )
حقيقةً لم تبقى كلمات تقال في حق هذا البلد الجريح الذي فره منه ابناؤه لكن أتسأل الى متى هذا الحال ؟ ، الى متى هذا الدمار والى متى... والى متى نبقى نقول الى متى الى حكامنا الا نستحق العيش عيشةً كريمة لماذا اللجوء الى الفرار من هذا البلد
.ياحكامنا أسئل الله ان ان يهديكم ماذا عساي ان اقول ألم اقول لكم لم تبقى كلمات
كلماتك تصف وصف حقيقي لما يمر به هذا البلد الجريح دائما انتي يااسماء كتاباتك اكثر من رائعة أحييييييييييكي ياأختي الفاضلة


5 - عشرات الالاف مئات الالاف مثل شهاب في العراق
نرمين المفتي ( 2011 / 11 / 10 - 13:32 )

عشرات الالاف، مئات الالاف، مثل شهاب في العراق.. ذكاء شهاب نفعه في طرح هذا اللجوء الغريب، اقصد الى دولة لم يلجأ اليها احد لحد الآن.. و هو يعتبرها ( صرخة).. لكنه يتناسى بأن الأذن في اجازة مفنوحة في العراق.. ملاحظة مهمة: ما يزال لبعض الحيطان اذان


6 - لماذا الغرابة
شهاب احمد محمود ( 2011 / 11 / 10 - 20:02 )
السلام عليكم
تحياتي ست نرمين
لماذا تعتبرين الامر غريبا ؟؟؟ انه واقعي ويمثلني جدا واتمنى ان يحدث الان قبل الغد واصر عليه دوما وابدا واعتبرها نعم صرخة مؤلمة جدا لانني للاسف لم اعد اجد نفسي فيما يسمى العراق

اخر الافلام

.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - استشهاد طفلين بسبب المجاعة في غزة


.. أمريكا.. طلاب مدرسة ثانوي بمانهاتن يتظاهرون دعما لفلسطين




.. وفاة 36 فلسطينيا في معتقلات إسرائيل.. تعذيب وإهمال للأسرى وت


.. لاجئون سودانيون عالقون بغابة ألالا بإثيوبيا




.. الأمم المتحدة تكرم -رئيسي-.. وأميركا تقاطع الجلسة