الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الحلم وجفنه قصة قصيرة

وفاء عبد الرزاق

2011 / 8 / 20
الادب والفن



الفطريات سبَّبت الرائحة الكريهة للقدم ذي المسامير والشقوق، واختبأت فيها كمن افترش حصيرا للراحة .
هو يدركُ ذلك جيدا.
ويدرك أكثر أن حَرَّ الصيف تواطأ معها كي تنتشر بين أصابع السيد..
لكنه لا يطيق رائحة القدمين.. أعفان من اشتراه حقيقة وليست وهم،، إضافة إلى خِسَّته أنه غير طاهر وتتسلل القذارة إلى قدميه وإن احتذى حذاءً مُغلقاً، حتى حين يضعهما على فراشه وقت النوم لا يمرر الماء عليهما مقتنعا أنه الأطهر بين الناس والأنقى.

فرصة الحذاء للتحرر من الرائحة الكريهة هي وقت النوم.
اشتراه السيد ذات عيد من محل لبيع الأحذية في السوق القريب من داره.

كانت هوية الرجل غامضة بالنسبة إليه، هو الحذاء الأسود الجميل الذي كان يسرُّ أغلب زبائن المحل لما له من صفات الجودة والصبغ اللامع والجلد المسبوك بدقة وإتقان.

علاقتهما علاقة حميمة في بادئ الأمر،، لكنها سرعان ما اكتنفها الغموض وقتما بدأت تفوح من قدميّْ الرجل رائحة نتنة.

أن تكون رافضا وتسمع صوتك،،حتما غير ممكن لأنك حذاء.
طالما ارتضيتَ لنفسك بهذا ،،تحمَّل نتيجة رضاك.
(هذا ما كان يردده الحذاء الأسود دائما مع نفسه)

حين مشى حافيا ذات يوم قائظ تخللت الفطريات أصابعه وبين أظفاره وهو لا يدري.. إنما الحذاء الذي قطع الشارع منزوعا بيدي صاحبه كان يرى الفطريات تزحف في كل مكان،،خشي أن يخبره فلا يصدقه ،، حتما سيكذبه لأن السيد لا يستطيع رؤيتها.
صمتَ حتى وصلا الدار وركنه سيده جانبا في الصالة.
حين يلبسه الرجل تتحول حياته إلى جحيم،، بين عرق القدمين والرائحة الكريهة وبين أطفال الفطريات التي تتقافز بداخله.. لا يستطيع إسكاتها أو طردها،،والمزعجة والمملة لديه عجائز الفطريات،، تزحف ببطء وتقذف سائلا لزجا.
كم تمنى أن ينساه في مبنى عمله حين ينزعه تفاديا للرطوبة والحر وإعطاء قديمه فرصة للتهوية.

السؤال الذي يطرح نفسه عليه دون كلل أو ملل:
هل كل العاملين في دائرة الكهرباء تعفّنْ أقدامهم الفطريات؟
وهل كل أحذية البيت بفطريات؟
زوجة الرجل مدرِّسة،،لابد وأن الطلبة شموا الرائحة ،، فقد أسرّه حذاؤها الأحمر خبرا: - حين تدخل الصف يسد الطلبة أنوفهم .

ذات أمسية وهما بين الضجيج والطنين تحت السرير قال لصاحبه حذاء السيدة المفتوح من الخلف.
- ما رأيك لو أطلق عليك اسم صابر؟
فتعجب الحذاء الأحمر من التسمية:
وعلام تطلق علي هذا الاسم؟
تألم لحاله وحال رفيقه قائلا:
- كلانا تخثر الصبر في رئتيه حتى تهرأ جلده.

في الأمسية ذاتها سمع الحذاءان حديث دار بين امرأة الجيران وزوجها عن الفطريات التي تنمو بين الحلم وجفنه وتأففا من شدة الحر في تموز ومن الكهربا العاطلة، ثم راح كل منها يحك جلده ويهرش أصابع قدميه.
ابتسم وقتها الحذاء الأحمر:
- العدوى تسري في الظلام يا صديقي.
ثم اقترب من فردة الحذاء الأسود متحرشاً حاكا جلده بجلدها:
- لماذا لا ندفع صاحب القدم العفنة بالفطريات إلى الهاوية لنريح الإنسانية منه.


في الظلام الدامس. ناما تحت السرير مع حذاء الابن الأكبر للأسرة الذي تمرح فيه صبايا الفطريات لتعطي عفونة أكثر حيوية من حذاءَيْ والديه،،بينما تسربت الفطريات ذات الخبرة في تلوِّث الحياة وانتشرت في








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام


.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد




.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش


.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??




.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??