الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما هو المطلوب من القيادة الفلسطينية في المرحلة القادمة

محمد أيوب

2004 / 11 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


ما هو المطلوب من القيادة الفلسطينية
في المرحلة القادمة
بقلم : د . محمد أيوب
بعد غياب الرئيس ياسر عرفات عن ساحة الفعل الفلسطيني وبعد الانتقال السلس للسلطة في رام الله يجد الفلسطينيون أنفسهم على مفترق طرق ؛ فهم ملزمون باتخاذ قرارات مصيرية في هذه الظروف الصعبة عربياً ودوليا ، والقيادة الجديدة ملزمة بالرجوع إلى الشعب واستفتائه حول كل ما تتخذه من قرارات ، لأنه من حق هذا الشعب أن يشارك اتخاذ القرارات المصيرية التي تخصه بكامله ولا تخص أية مجموعة أو منظمة وحدها ، ولعل أقرب نموذج لنا هو النموذج الإسرائيلي ، فهم لا يوقعون على أية اتفاقية دون التلويح بعرض الاتفاقية أية اتفاقية مع الفلسطينيين على برلمانهم أو على الشعب الإسرائيلي إذا دعت الضرورة إلى ذلك بينما يتم تغييب الشعب الفلسطيني وكأن الأمر لا يعنيه أو كأن الأمر يتعلق بشعب آخر .
ولعل المفاوضات السابقة قد حملت في ثناياها سلبيات كثيرة ، قد يكون السبب هو أن المفاوض الفلسطيني قد خاض تجربة المفاوضات دون خبرة سابقة بكيفية إدارة المفاوضات ، إذ أنه ليس المهم أن نفاوض ، فالمفاوضات ليست هدفاً بحد ذاتها ، ولكنها وسيلة لتحقيق هدف وطني يحوز على موافقة أغلبية الشعب الفلسطيني أو إجماعه على هذا الهدف ، العبرة إذن هي كيف نفاوض ؟ وكيف يمكننا أن ندير دفة المفاوضات ضمن المناخ الدولي القائم ، وأن نجعل أشرعتنا تتساوق مع اتجاهات الرياح السياسية السائدة دون أن تغرق سفينتا ودون أن نسمح لأي كان بأن يقوم بإغراقها ، فهناك من يريد في هذه المرحلة شطب القضية الفلسطينية من الذاكرة الإنسانية .
القيادة الجديدة مطالبة بأن تكون قيادة براجماتية مع المحافظة على الثوابت الفلسطينية في الوقت نفسه ، وعلى رأس هذه الثوابت حق اللاجئين في العودة وتقرير المصير ، هذا الحق ، لا يملك أي إنسان ولا تملك أية مجموعة مهما كان موقعها أن تتنازل عنه أو أن تستبدله بحق التعويض أو بعودة مبتسرة ومجتزأة ، فقد تم الترويج لفكرة التعويض عن أملاك اللاجئين ، وقد قال بعض المفاوضين في ندوة له في مقر محافظة خان يونس إن حق التعويض ثابت وأن الخلاف فقط على قيمة التعويض ! وكأننا في معرض للمزاد العلني لبيع ممتلكات الفلسطينيين ، إن حق اللاجئين في التعويض لا يسقط ولا يجب أن يسقط حقهم في العودة ، لأن التعويض يجب أن يدفع للفلسطينيين عن استغلال أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم لأكثر من ستة وخمسين عاما ، وعن معاناتهم الناتجة عن إبعادهم قسراً عن وطنهم .
أما بالنسبة للقدس فهي وقف إسلامي تخص المسلمين جميعا ولا يحق للفلسطينيين مجتمعين أن يتنازلوا عنها ، كما لا يجب التغاضي عن شطب حق العودة والقدس عن أجندة الاهتمامات الفلسطينية ، وإذا كانت الظروف الراهنة تجري في غير صالح الفلسطينيين ، فإنه من الممكن تأجيل البت في هذه القضايا لتبقى معلقة أمانة في أعناق الأجيال القادمة ، فالتاريخ ليس عقيما ولا الوطن كذلك .
إن المرحلة القادمة ستشهد ضغوطاً شديدة على الفلسطينيين من تلك الدولة التي جعلت من نفسها إلهاً لهذا العالم تتصرف فيه وفي مقدرات شعوبه تصرف إله أحمق من آلهة الإغريق القديمة ، فهي تدمر وتقتل وتصادر حريات الشعوب بدعوى أنها شعوب غير ديمقراطية أو أنها تصدر الإرهاب حيث أصبحت مقاومة الإرهاب والاحتلال إرهابا في هذا الزمن الرديء .
إذن ! ما هو المطلوب من القيادة الفلسطينية مرحليا ؟ لعل الإجابة على هذا السؤال تحتاج إلى التسلح بالوعي الكامل لمعطيات المرحلة ومراعاة أن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى الأمن والأمان وضبط الأمور ووقف الفوضى التي انطلقت من عقالها بحيث لم يعد هناك احترام للقانون وتم تغييب العدالة قسراً ، وأصبح الأقوياء والزعران يفرضون ما يريدون على الجميع ؛ فهل يمكن لشعب يفتقر إلى العدل أن يبني وطنا سليما معافى من الأمراض الاجتماعية.
والمطلوب أيضا حفظ النظام ووضع حد للتعديات على الشوارع والملك العام ، كما يجب وضع حد للتسيب في مجال التوظيف والتعيينات ، فقد ضاعت حقوق الأكفياء من الشباب ذكوراً وإناثا لأنهم لا يملكون المفتاح السحري للحصول على العمل ، مفتاح الواسطة والمحسوبية ، بل إن الكثيرين من العاملين هنا وهناك حصلوا على شهادات علمية بالواسطة دون أن يبذلوا أي مجهود علمي في سبيل الحصول على هذا المؤهل ، ولذلك يجب إعادة النظر في شهادات من حصلوا على مؤهلاتهم أثناء عملهم في مناصب تخيف المدرسين أو تغريهم بتقديم تسهيلات لهم.
إن أي بلد تفسد فيه المؤسسات الخاصة بالعدل والتعليم والصحة هو مجتمع منهار أو في طريقه إلى الانهيار ، هناك معلمون وهناك قضاة وهناك أطباء لا يستحقون الوظائف التي يحتلونها ، إن من يملك حق اتخاذ قرارات التوظيف والتعيين يجب أن يراعي الله في أبنائنا المتفوقين الذين تركوا يتسكعون في الشوارع ويبحثون عن الكوبونات أو العمل في برنامج البطالة لأنهم لا واسطة لديهم بينما نجد أبناء بعض المسئولين يقبضون رواتب وهم يدرسون ، يتم تفريغهم أثناء دراستهم وتقدم لهم المنح وكافة التسهيلات ، فهل هذا هو الوطن الذي قامت الثورة من أجل بنائه يا ترى ؟!!
القيادة الجديدة مطالبة بتحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين ، وهي مطالبة بتطبيق قانون من أين لك هذا على من اغتنوا دون وجه حق ، يجب تطبيق مبدأ المساءلة على من أصبحوا من أصحاب الملايين بعد أن كانوا لا يملكون شيئاً ، في حين تردت أحوال الناس الاقتصادية والمعيشية وازداد الفقراء فقراً .
إن الغرب يريد لنا قيادة مرحلية يسهل عليهم التخلص منها ، ولا مجال لإيجاد قيادة راسخة الجذور دون ترسيخ جذور ديمقراطية حقيقية تضع صلاحيات اختيار القيادة في يد الشعب وتجعله المرجع الأول والأخير لكل قيادة منتخبة انتخاباً حقيقيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدبابات الإسرائيلية تتوغل في حي الشجاعية وسط معارك عنيفة مع


.. إسرائيل تطلق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة وعشرات السجناء الآ




.. الديمقراطيون يدعمون بايدن رغم أدائه السيئ في المناظرة أمام ت


.. الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده بمعارك جنوب قطاع غزة




.. مستشفى فريد من نوعه لكبار السن بمصر| #برنامج_التشخيص