الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النجاح : السير في دروب الفساد

بن جبار محمد

2011 / 8 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


النجاح : السير في دروب الفساد

تضج المكتبات بمئات المؤلفات التي تضع قواعد الواجب إتباعها و الخطوات المستقيمة ربحا للوقت و الجهد و المال لكي تصل الى النجاح في الحياة و تحقيق الكثير من الرفاهية و الإستقلالية و الرغبات.. كتابات تنطلق تارة من توثيق العلاقات الإنسانية و تارة معرفة مكنونات النفس البشرية و تارة من قراءة الواقع و تارة من دافع المغامرة و التهور ...المؤلفون يحاولون إعطاء مصداقية لكتابتهم و هم يقدمون نصائحهم الى القراء بإلإستناد الى تجاربهم و تجارب غيرهم من الناجحين و معظمهم يسيق مقولة النجاح يجر النجاح فتعرف الى الناجحين يسهل عليك تحقيق النجاح -هذه الأخيرة لا ندري مدى صدقــها في بلدنــا- بل وكل تلك الوصفات المقدمة من مؤلفين أجانب و عرب و جزائريين ..لماذا ؟
إستقراء الواقع الجزائريمن خلال مكوناته السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية يوحي لنا أن كلمة النجاح تحتاج الى إعادة تفسيرهــا و تشريحها و تنزيلها على النموذج الجزائري ..إذا كانت كلمة النجاح تعني الوصول الى المكان أكثر إشراقا في هذا العالم بتحدي الصعاب و العراقيل التي تصادفك في الطريق و تجتازهـا سليما و تصل الى منصة التتويج بشرف وكرامة و مصحوبة بهتافات الإعجاب أو بدونها . فإن النجاح في الجزائر ليس كذلك ؟ و لا داعي لقراءة تلك الكتب التي تقدم لك الوصفات السحرية لأن مفعولها غير مؤكد .
هناك تقاليد راسخة في المجتمع يعرفها كل فرد فينا أنه لا يمكن أن تنطلق في مسارك الفني أو التجاري أو العلمي أو الرياضي إذا لم يكن هناك قــوة تحتضنك و يد عليا تباركك في مسارك و تستظل بــها و تستعين بــها و ترعااك..
إذا رأيت مؤسسة ما ناجحة و تدر الملايين و خزائنها ممتلئة و تنشط بشكل كبير فأعلم أن هذه المؤسسة من ورائهــا جماعة أو عصابة أو سلطة بكل تدرجاتها و متاهاتها و هي البقرة الحلوب المدللة التي ترعى حيث شاءت و متى شاءت دون يحدها سور او سياج أو مانع او كما يقول الناس العاديين عندنا (من أصحاب الفوق ) و يشير بسبابته الى الأعلى ..
إذا رأيت جريدة ناجحة و واسعة الإنتشار و تطبع الالاف النسخ و تستأثر بحصة الأسد من الإشهار فأعلم أن وراءها جنــرال قابع في الظل يهش عليها التحرشات من أقرانه من هنا و هناك دفعا للنص نص ..
إذا رأيت محاميا ناجحا و مشهورا و كلمته لا تصل الى الأرض فأعلم أنه له علاقات مشبوهة مع القضاة الواقفين منهم و الجالسين وهو غارق في الفساد الى دقنه و رائحته العفنة تمتد الى الآفاق ..يلتجئ اليه أصحاب المصالح فيحسم نزاعاتهم في أول جلسة .
و هناك آلاف الأمثلة مشابهة في المضمون و تختلف من حيث الشكل فقط ..
إذا أردت أن تنجح في الجزائر يجب أن تدفــع , لا يهم موهبتك أو جهدك أو عيونك ..تدفع لسدنة و حراس الهيكل على مختلف مستوياتهم و أن تحوز رضاهم و تقدم القرابين لهم و أن تمــر على القنوات أو الدروب التي تحددها قوانينهم و حصصهم و إياك أن تستثير أحدهم فأنك لاتصل إلى غايتك و منتهاك و لن تر خط النهاية مهما حاولت و لن تتذوق طعم النجاح أبدا .
كل شيء يخضع للقوى الخفية , تعيين الوزراء ’ تعيين نواب الشعب , أعضاء المجالس المنتخبة , المدراء التنفيذيين , القضاة ,مدراء الوكالات , المجلس الدستوري , الولاة , مدراء الجامعات و مدراء الإذاعات الوطنية , التلفزيون , الجمارك ...,القائمة طويلة غير متناهية ..
خاتمة القول أن النجاح (عندنا) كلمة مطاطة لا تنطبق عليها المقولات الشائعة و الدارجة يمكن تفسيرها على أنها سيــر في دروب الفساد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في جباليا ورفح بينما ينسحب من


.. نتنياهو: القضاء على حماس ضروري لصعود حكم فلسطيني بديل




.. الفلسطينيون يحيون ذكرى النكبة بمسيرات حاشدة في المدن الفلسطي


.. شبكات | بالفيديو.. تكتيكات القسام الجديدة في العمليات المركب




.. شبكات | جزائري يحتجز جاره لـ 28 عاما في زريبة أغنام ويثير صد