الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطاب مفتوح إلى السيد المشير

إكرام يوسف

2011 / 8 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


خطر لي أن أخاطب سيادتكم مباشرة، بعد مرور الأشهر الستة التي كان مفترضا أن يتم نقل الحكم بعدها إلى إدارة مدنية، لأطلب منكم المسارعة إلى مصارحة الشعب في خطاب رسمي واضح وصريح؛ يوضح للشعب حقيقة ماحدث حتى الآن، وما يعتزم المجلس العسكري تحقيقه في الفترة المقبلة، ويجدد التعهد بعودة الجيش إلى الثكنات، مواصلا رسالته المقدسة الأسمى في حماية تراب البلاد.
ولا يخفى على سيادتكم أن فرحة الشعب المصري بنزول قوات الجيش إلى الشوارع ـ بعدما كان من قوات الشرطة ـ باتت تتلاشى تدريجيا، ويحل محلها شعور بالتوجس شيئًأ فشيئًا؛ وأن العالم الذي أبدى انبهارا رائعا بثورة الشعب المصري مطلع العام، واستعاد احتراما كان يكنه للمصريين ـ وتراجع في عهد المخلوع ـ يراقب بانتباه ما ستؤول إليه الأحوال على أيديكم. كما يتأهب التاريخ لتسجيل صفحة باسم المجلس العسكري بقيادتكم، نرجو أن يسطر فيها ما يرفع هامات أبنائكم وأحفادكم، ويضمن لكم المجد والخلود في قلوب المصريين إلى الأبد.
ولا شك أنكم عاصرتم سنوات طوالا، بحت فيها أصوات تطالب المخلوع وأركان نظامه بمطالب، كان من شأن الاستجابة لها أن تضمن له مكانة كريمة في التاريخ، ونهاية أكثر احتراما. غير أنه أصم أذنيه وأغمض عينيه؛ ولم يستمع إلا للمنتفعين بفساده واستبداده فزينوا له أعماله، وأعموه عن رؤية مصير المستبدين المحتوم. تخيل يا سيادة المشير، لو كان المخلوع استمع إلى مطالب المخلصين منذ بداية عهده؛ فنأى بنفسه عن رئاسة الحزب الحاكم، وعين نائبا له، وأبعد زوجته وابنيه عن التوغل في صفوف الحكم والتحكم في رقاب العباد وثروات البلاد، وأبدى احتراما لأبناء شعب عريق، كان من سوء حظه أن يحكمه من لم يدرك قدره. وماذا لو كان سمح بمشاركة سياسية حقيقية، وأوقف تزوير الانتخابات وسمح لممثلي الشعب الحقيقيين بالوصول إلى مقاعد البرلمان وممارسة الرقابة الشعبية الحقيقية، وسن القوانين التي تصب في صالح الشعب وليس في صالح الأسرة ومحاسيبها؟ لاشك أن مثل هذه القرارات كانت ستحرم أسرته ومحاسيبه بعض المكاسب المادية ـ تبين الآن أنها زائلة ـ وربما قللت من سنوات حكمه؛ لكنها كانت ستضمن له مجدا وخلودا في قلوب المصريين وصفحات التاريخ.. وهو، كما تعلمون، الأبقى!

ولما كانت آفة المخلوع ـ التي أوصلته لما آل إيه حاله ـ نظرة قاصرة للمكاسب الشخصية، حصرتها في نفوذ وثروة، وأغفلت المكاسب الشخصية الأسمى ـ كالسيرة العطرة والمكانة الكريمة ـ فساء اختياره لمعاونين ومستشارين، ساقوه إلى مصير مهين؛ نأمل أن تضعوا نصب أعينكم أن التاريخ لا يرحم، وأن تكون خطواتكم محسوبة بدقة تعلي ما هو أبقى على كل زائل.
ولكم ـ يا سيادة المشير ـ أن تسجلوا باسمكم سطورا من ذهب في صفحات التاريخ؛ إذا حرصتم بالفعل على الوفاء بتعهدكم ضمان انتقال الحكم إلى سلطة مدنية ممثلة لإرادة الشعب؛ وأظهرتم تمسك الجندي بزيه العسكري الذي لا يدانيه أي منصب مدني يدفعه لخلعه، مهما بلغت وجاهة المنصب. ولاشك أن المسئولية التي تصديتم لتحملها تلقي على كاهلكم بمسئولية إعداد كافة الضمانات اللازمة لمنع الالتفاف على ثورة دفع فيها الشعب أسمى قربان للحرية؛ وخير أجناد الأرض أقدر من يثمن قيمة دم الشهداء. عليكم أن تعملوا وفق معطيات واقع أظهرت أن الشارع المصري لا يحركة تيار بعينه، ومن ثم فليكن تحالفكم مع كافة التيارات والجماعات الوطنية. ولتتخيروا مستشاريكم من الشرفاء ذوي الخبرة بمختلف انتماءاتهم الفكرية والسياسية، على ألا يكونوا من توابع نظام يعملون على إعادة إنتاجه بوجوه جديدة؛ لأن المصريين نفد صبرهم من استهانة المخلوع بذكائهم، ومماطلته الدائمة بهدف الالتفاف على مطالبهم المشروعة. ولتعلموا أن الضمان الوحيد لاستقرار البلاد، دستور يتمتع بتوافق ألوان الطيف السياسي والاجتماعي في البلاد. ولا يخفى على سيادتكم أن تراخي جهاز الشرطة في مواجهة الانفلات الأمني لن يحسب فقط ضد وزارة الداخلية في عهدكم، ولكن لوما كبيرا سيوجهه التاريخ والمصريون إليكم، خاصة إذا تمت الانتخابات البرلمانية في ظل وضع ينذر بمخاطر جسيمة. وإذا كنا شهدنا السلاح الأبيض والسنج والسيوف في موقعة العباسية، فلن نبالغ إذا أبدينا تخوفًا من انتخابات تشهد وقوع ضحايا وسفك دماء، لاقدر الله، سوف تتحملون أمام الله والتاريخ المسئولية عنها. ولا شك أنكم تدركون أن كرامة المصريين خط أحمر؛ وأن شعبًا انتفض يوم عيد الشرطة، ليرد على امتهان كرامة المواطنين، لن يغفر بعد ذلك ممارسات مماثلة من أي جهة أخرى؛ ولتكن الشرطة العسكرية مثلا. ويراقب هذا الشعب ـ في قلق وتوجس ـ مواصلة محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، في الوقت الذي يحاكم فيه رموز نظام المخلوع أمام قاضيهم الطبيعي. ولتعلم ـ يا سيادة المشير ـ أن المصريين عادوا إلى تجاهل وسائل الإعلام الرسمي بعدما عاودت سيرتها القديمة في نفاق الحاكم على حساب الحقيقة، كما صاروا يراقبون ـ بقلق ـ حساسية الضباط الشديدة وغضبهم من أي محاولة للنقد في الإعلام، وهو ما يسحب في الحقيقة من هيبة الضباط ولا يدعمها.
وعلى كاهلكم يا سيادة المشير، تقع مسئولية كتابة تاريخ مصر الحالي؛ وسوف تسجل الإيجابيات والسلبيات باسمكم إلى الأبد؛ فلتتذكروا أين وضع التاريخ أحمد عرابي رغم أنه هزم عسكريا، وأين وضع الخديو الذي قمعه.. ولتتذكروا أين وضع الفريق سعد الشاذلي، وأين وضع المخلوع الذي سجنه، وسحب منه وسام الشرف العسكري وأزال صورته من لوحة المعركة في بانوراما أكتوبر؛ فكان صعوده إلى بارئه مكللاً بالمجد والفخار في نفس يوم خروج المخلوع من القصر يجلله العار، عبرة لمن يعتبر.. ولكم الخيار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المشكه أوالحل
د.فاديه مغيث ( 2014 / 5 / 28 - 18:25 )
صادق ومطلوب كل ما توجهينه للرئيس القادم,,,ولكننى اختلف فيما يتعلق بشخص الرئيس الذى تعودالكثيرين مناأن ينأوا به بعيدا عن كل إثم..وكاننا لا يجب ان نقربه بنقد أوبسوء ...وهذه الخصيصه لاحظتها حتى منذ العهد الملكى ... فشخص الرئيس هو فى ذاته ما يحمل مواصفات ايجابيه ومصفوفة اخلاقيه تم تكريسها خلال سنواته السابقه وفق ما تعرض له من وسائط التنشئه والتربيه خلال أطوار تكوينه فهى إما أنها جيده تجعله يسير بشعبه نحو الصواب والإنجاز ...أو إما سلبيه فيسقط بشعبه فى آسن الغوايه الشخصيه مطلقا لرداءته العنان غير عابىء بمسولياته فيختار معاونيه أكثر منه رداءة...ويصبح معيار الرضا الرئيسى عن جوقة الحكم هو اتقان الفساد ...ولذا فأنا ارى مبارك هو أس الفساد ومروجه والداعى إليه

اخر الافلام

.. تعرف على تفاصيل كمين جباليا الذي أعلنت القسام فيه عن قتل وأس


.. قراءة عسكرية.. منظمة إسرائيلية تكشف عن أن عدد جرحى الاحتلال




.. المتحدث العسكري باسم أنصار الله: العمليات حققت أهدافها وكانت


.. ماذا تعرف عن طائرة -هرميس 900- التي أعلن حزب الله إسقاطها




.. استهداف قوات الاحتلال بعبوة ناسفة محلية الصنع في مخيم بلاطة