الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حذاء 20 فبراير ولحية عبد السلام ياسين

محمد مقصيدي

2011 / 8 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


بداية , يفترسني سؤال برّي : هل أضاعت حركة 20 فبراير حذاءها , أم أضاعت الطريق ؟ إنه من المؤسف جدا , أن تكون الحركة وضعت بوصلتها بين أنياب جماعة العدل والإحسان , بل وجمعت كل أغراضها وأحلامها في حقيبة أصحاب السيد عبد السلام ياسين رئيس الجماعة , قد يحاول البعض تسويق هذا المقال بسذاجة على أنه طعنة من الخلف لمسار النضال ضد نظام المخزن المغربي في هذا الوقت بالضبط , أو أنه مبالغة في تقييم الواقع على الأرض . بيد أنه , إذا نزع كل شخص نظارة الأحلام الوردية وتحلى بالشجاعة الكافية لإعمال الوعي النقدي سيجد أن حركة 20 فبراير قدمت هدايا ثمينة للحركات الإسلامية المتطرفة , هدايا ربما سندفع ضريبتها لعقود طويلة مقبلة .
واهم من يظن أن إنهاك ديكتاتورية النظام الملكي القائم ستحسم في أسابيع أو شهور , هنالك هوة كبيرة بين الأحلام والواقع . وواهم أكثر من يعتقد أن الأزمة المغربية منبعها الرئيسي والوحيد هو القصر الملكي .
باختصار , إننا لا نصارع فقط وحشا أسطوريا , وهو وحش الديكتاتورية الملكية . بل الخطير في الأمر , أننا نصارع في نفس الوقت سرطانا أكثر فتكا , وهو الإسلام السياسي . يمكنني القول بكل يقين أن المناخ والثقافة السياسية المغربية متعفنة بجراثيم الإسلام السياسي أكثر مما تعاني من ديكتاتورية النظام الملكي . وحتى أكون أكثر دقة في الكلام , إن حركة 20 فبراير ليست حركة منسجمة ذات أرضية وأهداف واضحة , بل هي حركة اجتماعية تمثل ردة فعل تلقائي , بأنوية متعددة , تمكنت عبرها الجماعات الإسلامية الإرهابية المغربية من الخروج إلى الشارع تحت مظلة حقوق الإنسان التي وفرته لها التجمعات المحسوبة على الديموقراطية والعلمانية كالجمعية المغربية لحقوق الإنسان والنهج الديموقراطي واليسار عموما ,

ولأعطي هنا بعض المنزلقات التي ارتكبها هؤلاء المحسوبين على الخط الديموقراطي المغربي من داخل 20 فبراير , مقدمين عطايا تاريخية سخية للجماعات الإرهابية الإسلامية :

أولا : عندما كان يتم الإعداد لمسودة الدستور , ورغم أن غالبية شرائح 20 فبراير كانوا مع مقاطعة الدستور . إلا أنه لا أحد جهر بصوته في الإحتجاجات من أجل علمانية الدولة ومدنيتها , ولا أحد امتلك الشجاعة لذلك , رغم النقاش الصاخب الذي دار في تلك الفترة , بل كان يظهر جليا أن ممثلي القصر الملكي داخل اللجنة الدستورية كانوا أكثر حداثة وديموقراطية بالنسبة لموضوع مدنية الدولة ,مما أدى بالسيد بنكيران إلى ممارسة ضغوط كثيرة على مستشاري الملك للعدول عن مدنية الدولة , بل وصل به الأمر , إلى التهديد بالنزول إلى جانب 20 فبراير إن تم التخلي عن ثيوقراطية الدولة وتبني مدنيتها. أليست هذه كارثة سياسية تسببت فيها 20 فبراير للمغرب ؟ حيث أصبحت سندا قويا لزعيم الحزب الإرهابي .

ثانيا : إن صمت مكونات حركة 20 فبراير عن مدنية الدولة , لا يمكن إعتباره في أي حال من الأحوال مسألة حيادية وتوافق مرحلي . بل هو انتصار كاسح لإيديولوجية الجماعات الإرهابية , إن تغييب مسألة علمانية الدولة في هذا التحالف يقصم ظهر الديموقراطية قبل ولادتها , ويفرغها من محتواها . إذ لا يمكن قبول تحالف العلمانيين والديموقراطيين مع القوى الظلامية الرجعية بأي شكل من الأشكال من أجل العمل على إلى إسقاط ديكتاتورية الملكية لصالح ديكتاتورية الإسلام السياسي .

ثالثا : إن جماعات الإسلام السياسي توظف الديموقراطيين والعلمانيين بشكل خطير من داخل حركة 20 فبراير لأجل تحقيق مكتسبات كثيرة سواء في علاقتها مع الملك أو مع الشعب , وهو مالا تنتبه إليه المكونات الديموقراطية داخل الحركة , بل يعتقد بعض الديموقراطيين بسذاجة أنهم هم من يقوم بتوظيف الإسلامويين في هذه المعركة من خلال استعمال إمكاناتهم البشرية واللوجيستيكية للضغط على النظام .

رابعا : لقد أصبحت حركة 20 فبراير عصا غليظة تمسكها الجماعات الإرهابية من أجل نشر ثقافة الكراهية ضد الآخر , وها هو السيد ذو اللحية الشوفينية بنكيران يهدد مرة أخرى بأنه سينزل إلى الشارع مناضلا في صفوف حركة 20 فبراير إن لم يحقق أحلامه في الإنتخابات التشريعية المقبلة . أهنالك سوريالية أكثر من هذه أيها السيد دالي ؟
خامسا : لا أدعو إلى التخلي عن 20 فبراير , ومن الأكيد أنه لا يمكن إقفال الطريق على الإسلامويين داخل الحركة لأنها عمليا أصبحت تميل إلى كفتهم . ولكنني أدعو إلى نقد ذاتي ووقفة تأمل من طرف المناضلين الديموقراطيين الشرفاء من أجل تصحيح المسار , وإلى الجهر علانية بالمبادئ الحداثية والعلمانية وتوضيحها للشعب , من أجل بناء ثقافة سياسية جديدة ومناخ مؤهل لزراعة الديموقراطية في المغرب .
وأخيرا , أتمنى أن تكون 20 فبراير قد أضاعت فقط حذاءها في لحية عبد السلام ياسين , ولم تفقد الطريق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المعي انت يا مقصدي
عبد الله بوفيم ( 2011 / 8 / 23 - 11:02 )
لقد تنبهت حقا ان البساط سحب من تحت اقدام أمثالك, وأنك كنت تلعب وما تزال بالنار
يقول المغاربة الصحراوييون- للي ما يعرف العب استاخر- كذلك انت يا مقصدي لقد وجدت نفسك انك تتراجع يوما بعد يوم وتفقد بوصلتك بل وحذائك في لحية مسلم متدين واحد .تهت في اللحية الواحدة ما مقصدي فما بالك لو ولجت دهاليز الحركات الاسلامية فمؤكد انك لن تخرج منها وستفقد فيها عقلك وان خرجت تكون اهبلا تائها
تمهل يا مقصدي ولتعلم ان الشعوب الاسلامية راجعة إلى دينها وبليد من يسير ضد التيار ويحاول أن يحول مجرى الوادي ليسير في الاتجاه المعاكس
ارفق بنفسك يا مقصدي وترحم على والديك حيين وميتين فقد اختارا لك اسما جميلا تيمنا باسم محمد بن عبدالله رسول الله صلى الله عليه وسلم


2 - عبد الله بوفيم
إدريس أزيرار ( 2011 / 8 / 24 - 12:34 )
هذه عودة قوية الى ساحة الحوار المتمدن عودة بحلة جديدة اكثر تطرفا..
يا هذا ما دمت واثقا لهذا الحد بان الشعوب الاسلامية راجعة الى دينها وان الاسلام سيغزو القلوب في جميع انحاء العالم اذن لم كل هذا الحنق والفظاظة في الرد عندما يعبر كاتب او معلق -بليد يسير ضد التيار ويحاول أن يحول مجرى الوادي ليسير في الاتجاه المعاكس - عن موقفه من ارهاب الحركات الاسلاموية
على هامش المقالة ارجو ان تراجع ردودي على تطرفك واحقادك المتواصلة في مقالة السيد عزيز باكوش في محور مقابلات وحوارات بتاريخ 19/08/2011ستجد ردودا تناسب تطرفك
شكرا للسيد الكاتب على مقالته القيمة

اخر الافلام

.. تسارع وتيرة الترشح للرئاسة في إيران، انتظار لترشح الرئيس الا


.. نبض أوروبا: ما أسباب صعود اليمين المتشدد وما حظوظه في الانتخ




.. سبعة عشر مرشحا لانتخابات الرئاسة في إيران والحسم لمجلس الصيا


.. المغرب.. مظاهرة في مدينة الدار البيضاء دعما لغزة




.. مظاهرات في تل أبيب ومدن أخرى تطالب بالإطاحة بنتنياهو