الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فتحُ طرابلس .

الطيب آيت حمودة

2011 / 8 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


في العشر الأواخر من شهر رمضان من هذا العام ، كما كان في فتح مكة في الثامن للهجرة ، انقلب السحر على الساحر بعد جهد جهادي أبداه ثوار ليبيا بتحرير ربوعها من قبضة الطاغية صاحب السجل الدموي داخلا وخارجا ، فبعد تحرير الجهات الشرقية مسبقا ، امتد ت إرادة الثوار لتحرير ( البريقة ، ومصراتة ، و الزاوية ، والجبل الغربي بمدنه ، وغيرها من المدن الليبية التي التحم سكانها طواعية مع الثورة ، فلم يبق سوى طرابلس عرين النظام ورمز صموده وطغيانه بوسائل إعلامه التي بدت مشروخة تردد فكرا تآكل بفعل التطورات المتلاحقة .
*** طرابلس وعملية ( فجر عروس البحر) .
لم نكن نتوقع أن تسقط طرابلس سريعا بهذه السهولة ، فالتقديرات تشير أن مواقع دفاعية للكتائب قد أقيمت على مشارف المدينة لصد أي هجوم محتمل ضدها ، وأن مخططات دفاعية مستحكمة داخل المدينة ترشح قيام ما يُعرف بحرب المدن ، غير أن هذا الإحتمال المتوقع والسناريو المحتمل لم يكن بتاتا ، لأن الثوار بقيادة المجلس الإنتقالي قد أعدوا مخططا سريا محكما لإسقاط طرابلس بأخف الأضرار الممكنة ، بتجييش سُكانها وتنظيمهم للقيام بثورة من الداخل من داخل طرابلس ذاتها لتمكين سكانها من أثبات أنهمليسوا أقل وطنيةمن أهالي بنغازي والزاوية ، و صبراتة ... ، وهي مفاجأة غير متوقعة لنظام القذافي ، وهو ما سهل سقوط أحيائها الكبرى من (فشلوم وتاجوراء وسوق العرب ... ) بسهولة ، ومهد الطريق للزحف على باقي الأحياء بما فيها ( الساحة الخضراء) التي تغير اسمها إلى ( ميدان الشهداء ) ,ولم يبق سوى دك باب العزيزية على الطاغية وزبانيته أو ولوجها بدون مقاومة ذاك ما ستنبيء به الساعات القادمة .
*** نظام القذافي في خبر كان .....
سقوط نجلا القذافي سيف الإسلام ، والساعدي في أسر الثوار ، وحصار بيت ( محمد القذافي ) في بيته أحدث فرحا في أوساط ساكنة طرابلس الذين تأكدوا من نهاية النظام ، فأقاموا أعراسا بلا نهاية بالبارود والزغاريد ، غير إن إكتمال الفرحة سوف لن تتم إلا بعد القبض على القذافي ، الذي يبدو أنه محاصرا في باب العزيزية أو مختبئا في (سبها أو سرت ) ، مع وجود احتمال لجوئه إلى الجزائر وهو احتمال يصعب تصديقه لأن نظام الجزائر لا يمكنه استقبال صاحب سجل إجرامي متابع ٌ وطنيا ودوليا ، ففي الأمر شبهة تواطؤ أو تعاطف ؟ وهي كفيلة بتفجير الوضع الجزائري لاحقا ، وهو ما ليس في صالح النظام وإن تناصر معه سرا لحاجة تمليها حالات الأنظمة الاستبدادية .
*** مصطفى عبد الجليل يُطمئن ...
كعادته الهادئة ، وصراحته المعهودة ، وإيمانه الظاهر كمسلم ملتزم وسطي ، استطاع رئيس المجلس الإنتقالي الليبي بشمولية طرحه أن يجيب عن جميع التساؤلات والحيرات على المستووين الداخلي والخارجي ، وحرص كل الحرص الإحتكام إلى القانون في معالجة كل التجاوزات ، ونبه الثوار بأن دورهم لايمتد للقصاص من خصومهم ، فالعدالة والقانون وحدهما المخولان بذلك ، وهي نقطة ايجابية نتمنى أن تتحقق ، ومهما يكن فإن مصاعب الثورات تبد أ حتما عند انتصارها ، ولا شك أن ما وقعَ ويقعُ في تونس ومصر أحسن دليل عن ذلك .
*** معالم الدولة الليبية الجديدة المؤمولة؟ .
المهم أن اتهامات القذافي بوجود إمارات إسلامية ، والقاعدة أمر متجاوز ، وتطمينات رئيس المجلس الإنتقالي واضحة بشأن إقامة دولة ديموقراطية يحكمها القانون في ظل احترام مباديء حقوق الإنسان في العيش الكريم دون ميز في اللون والعرق ، وهي إشارات كافية لتأسيس ما يعرف (بالدولة المدنية) ؟ فكيف سيكون موقف الإسلاميين ، وكيف يتقاسم اللليبيون مراكز القرار في ظل الولاءات القبلية والعشائرية ، وكيف يتناغم الجميع وفق هذه الدولة الليبية الجديدة في ظل الصراعات الهوياتية والإديولوجية ، أشياء ستفصح عنها أيام المستقبل ، وبقاء مصطفى عبد الجليل في قيادة ليبيا في فترة انتقالها ، نحو التأسيس والمؤسسات مرهون بتطبيق تعاليمه وأوامره في الميدان ، خاصة ما يتعلق بالقصاص الفردي أو الجماعي ضد المناوئين ، وكل تحد للقانون والعدالة معناه انسحاب عبد الجليل مصطفى من سدة رئاسة المجلس الإنتقالي ...موقف شريف لهذا الرجل الذي تعهد بأن مهمته تنتهي بإسقاط القذافي .
*** أنظمة العرب كأن على رؤوسهم الطير ...
جل الدول العربية لم تبدي موقفها مما وقع بليبيا البارحة ، حتى مصر الثورة لم يصدر عنها أي موقف تجاه نجاحات الثورة الليبية ؟ وكل القراءات تشير إلى تخوف الأنظمة العربية من نجاح الثورة الليبية ، فهي الضربة القاصمة التي ستأتي بانتصارات الشعوب على أنظمتها أسوة بالشعب الليبي ، ولا يستبعد أن يكون للثورة الليبية زخما أكبر وردات أعمق تصيب الأنظمة المتبقية في المقتل ،وهوما ينذر بسقوط نظاما الأسد وعبد الله صالح قريبا ، كما أن تخوفات نظام الجزائر قائمة وبارزة للعيان ؟ .
*** نصرٌ للشعب الليبي ، أم نصرٌ لحلف الناتو ؟
لايمكن لعاقل أن يُنكر جهد الناتو في توفير غطاء جوي آمن للثوار ، ولا يمكن نكران الجهد الدبلوماسي (لأمريكا ، وفرنسا ،وبريطانيا ) في شد أزر الثوار ، وهو ما لم يجدوه عند أشقائهم وأهل ملتهم ؟ فأين عقيدة الولاء والبراء ، وأين نصرة المظلومين المقهورين ، يبدو أن الولاء انقلب براء عند حُكامنا ، فأصبح الكافر مؤتمنٌ على الحقوق والأرواح والأرزاق أكثر من أهل الملة ، ما معنى أن يرفع الثوارُ في طرابلس ( أعلام الناتو ) ، وأعلام (فرنسا وبريطانيا ...) وليس أعلام مصر ، والجزائر ، وسوريا ، والسودان ؟ مفارقات عجيبة يجب قراءتها وسبر أغوارها للوصول إلى مكمن الداء .

الثورة الليبية نجحت ، ونجاحُها مؤكد ولو بعدم ا لقبض على الطاغية القذافي بعدُ ، فبحثُ الثوار عنه جار من مدينة لأخرى ، ومن ( زنقة زنقة ، دار دار ، بيت بيت ) حتى يقضى عليه قتلا أو أسرا ، وفي أسره أفضل الحلول حتى يحاكم محاكمة عادلة يسجلها التاريخ بأحبار نوارنية مذهبة ، تنعكس خيرا على الشعوب المهضومة الحقوق المقهورة في حقوقها الحياتية والمدنية والروحية والفكرية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مجرد راي
الطاهر ماملي ( 2011 / 8 / 22 - 18:08 )
اكبر مغالطة ان تقول مصر الثورة التي اعتقد جازما انها تمثيلية فقط ولم ترقى حتى الى ربع ثورة فقلب النظام بقى على حاله وموقفه الاكثر من سلبي تجاه كل من الثورة الليبية والسورية اكبر دليل على صدق ما ارى


2 - ثورة مموهة .
الطيب آيت حمودة ( 2011 / 8 / 22 - 19:14 )
شكرا على ملاحظتكم بشأن ثورة مصر ، فأنا بدوري أشك في صدق نوايا العسكر والفريق طنطاوي بترسانته ، ويتجلى ذلك في مسرحية محاكمة ‘
حسني مبارك ، وإطلاق الحرية لأبنائه حركة وتجوالا قبل دخولهما قفص الإتهم وخروجا منه ، مع تواطأ سافر للتلفزة في أخفاء وجه المتهم ، ناهيك عن تلكأ العسكر في تطبيق مطالب الجماهير الثائر المعتصمة وتفريقهم بالقوة ، مع سلاسة في التعامل مع اسرائيل لتحقيق منافع مشتركة وإعادة ضخ الغاز لها .
مؤشرات عديدةتشير إلى أن النظام السابق قائم ، فقد خرج من الباب وعاد مسرعا من النافذة ، وهو ما جعل النظام لا يؤيد لا الشعب السوري ولا الليبي .
تحياتي للطاهر ماملي.


3 - انتصرت ثورة الليبيين ثورة الكرامة والحرية وال
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2011 / 8 / 23 - 19:11 )
تحياتي المخلصه اخي الطيب ايت حموده وتهانينا بنحرر ليبيا من الطاغية المهووس
الان يجب البدء بثورة البناء المادي والثقافي والانسان هو الاول وهو الاخير وكل شئ منه واليه
يجب التيقظ والاستفادة من اليجربة العراقيه لعدم السماح -لاسامح الله-للارهاب والفساد المالي والاداري والى بناء دولة ليبيا المدنية دولة المواطنين المتساوين
وازرعوا ليبيا بخير الزراعة الحديثة والصناعة والخدمات العصرية وبمؤسسات الثقافة والرفاه فليبيا غنية اولا باهلها ومن ثم بالنفط وغيره والاهم ستكون ليبيا غنية بعمل مواطنيها في الانتاج الوفير الحديث والخدمات العصرية في ظل الدولة العصرية المدنية الدمقراطية
تحياتنا وتهانينا واجلالنا لشعب ليبيا العزيز الكريم البطل

اخر الافلام

.. مسلسل إيريك : كيف تصبح حياتك لو تبخر طفلك فجأة؟ • فرانس 24 /


.. ثاني أكبر جامعة بلجيكية تخضع لقرار طلابها بقطع جميع علاقاتها




.. انتشار الأوبئة والأمراض في خان يونس نتيجة تدمير الاحتلال الب


.. ناشطون للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية: كم طفلا قتلت اليوم؟




.. مدير مكتب الجزيرة يرصد تطورات الموقف الإسرائيلي من مقترح باي