الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ستينيون

فليحة حسن

2011 / 8 / 22
الادب والفن


ستينيون
أنا من مواليد الستينات صدقوني وأنتم والحال كذلك تعلمون معنى أن يكون الإنسان من مواليد الستينات، ملحوظة أولى :
( ما اكتبه الآن ليس له علاقة بكم من قريب أو بعيد أيها الإحياء؛ وإنّما أقتصر حديثي مع مَنْ هم على شاكلتي من الصامتين طبعاً فلا يحق لنا أن نتبادل الأمكنة والأدوار مثلما صلة الحديث والحدث مقطوعة بيننا )
نعود الى الحكاية :
"صادفته أمس"
إشارة ثانية ( كلّ ما هو ( أمسِ) ليس بالضرورة أن يكون أمساً قريبا أو أن يكون أمساً حقيقياً وكلامي يعود في الأصل عن الحديث عن المدينة ( هذه)، آسفة انتم الآن غير قادرين الى النظر الى الجهة المشار إليها لذا فأنني أضن بأن صديقي الجاحظ قد انقلب على قفاه ضاحكاً ممسكاً بكلتا خاصرتيه استهزاءً بما حدث بيننا وأعني انقطاع التواصل)
نعود مرة أخرى الى الحكاية وأقول :
"صادفته بالأمس واقفاً، وعن من حوله منصرفاً، وبالهم ملتحفاً, بانتظار من أتى به الى هنا ،من ذوي الرأي والنهى ،ليعود به الى مكانه الأصل، فقد باءت زيارته بالفشل، بعد أن رأى مارأه ليلاً ونهاراً، فصرخ جهاراً أن عودوا وخذوني ، فقد لا أعيش مثلما خططتموا لي، وبذا فقد فشلتُ في أن أكون شاهداً على ما حدث، والجثث تسابق الجثث؛"
( الشهود الذين يتركون في هذا المكان عادة يكونون قد مروا بتجارب سحق مريرة تصل بهم حدّ اشتهاء سحق العظام على سحق الروح فهم نادراً مايكونون غير مشوهين)
لا عليكم نعود مرة أخرى الى حكايتنا فأقول :
" انتظر وكما نحن منتظرين فعّل مجيب، واستدرك حين حل ّ المغيب ، بهمهمات نعلمها نحن أيضا، وفي الظلام نشّتر منها بعضاً، ثم لجأ الى الصفير، كي لا تخرسه ضيعة المصير، فمن تركوه فيه، لم يأخذوا عنوان المكان الذي ستجرفه الحرب إليه ، فإذا ما كان سيستمر واقفاً الى تيبس أيامه، وهذا ما سيحدث فعلاً فمن يعلم بوقفته واندحار أحلامه، فما كان عليه إلا أن يمدَّ يده الى جيب قميصه الأيسر، فعّل بصيص أمل فيه يظهر، أطبق خواء اليد عليها فاختل توازنه وجثا على ركبتيه، واخذ ينتحب إذ لا رجوع مكتوب عليه ،"
طبعاً ستقولون هذه حكاية بسيطة قد تحدث للكثير ولكن أسمحوا لي أن أقول لكم انتم لم تبصروا ما أبصرته ، والأمر لا يتعلق بصاحبنا هذا، بل بالكثير من الشهود الذين مازلوا مزروعين من 1-7 – 1976 الى وقتنا الآن،
والذين أرسلوهم الى هناك عنوة فلم يبادروا الى سؤالهم عن نتيجة الملاحظة ، ولم يمنحوهم لحظة واحدة للتفكير باستثمار عائدات الفرح وكثيراً ما بقوا حليقي سعادات ذا لحى همية، وأظافر متسخة بالفقر يعانون من رشح الاغتراب ؛
الآن صار عليكم إذا ما مررتم بتلك المدينة، ووجدتم شواهد تستن قوانين الحزن وتصرّح بها للعابرين مجاناً مثل المدينة ( هذه) فلا تصدقوا ما كتب عليها أبداً:
( يا قارئ كتابي ابكي على شبابي بالأمس كنت حياً واليوم تحت التراب )
أبداً فهذا كلام مغلوط لعدة أسباب أهمها :
• إن هذه الشواهد هي في الأصل شهود صماء – بكماء
• إذا فرضنا وجود قارئ لما فوق الشاهدة من بوح فكيف سنتيقن بوجود سامع لما تحت الشاهدة من أنين
• أناّ لها الحرب أن تترك لنا وقتاً لمزاولة الترويح فيه عن النفس بالبكاء وهي القابضة علينا حدّ العصر
• إن نسبة وجود الشباب والحياة ضئيلة جداً إذا لم تكن مستحيلة الحدوث بيننا نحن الستينيون ؛
• ثم إن التراب واحد وان تعددتْ أنواعه فقد غطانا تراب المعارك وتراب الحصار بجوعه أي إن وجودنا والتراب ليس له علاقة بفوق وتحت
• في رأيي وهذه أهم نقطة إن الأمس ومثلما قلت لكم سلفاً ليس بالضرورة أن يكون أمساً حقيقاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان