الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليبيا التي غيبها عنا القذافي 42 سنة

ادريس الواغيش

2011 / 8 / 22
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


كل الأصنام العربية قديمها وحديثها هوت بالطريقة نفسها من هبل إلى هنيبعل ، وبنفس السهولة في المنعطف الأخير والحاسم . انهيار مفاجئ وسريع لدكتاتوريات عربية حكمت شعوبها بيد من حديد ونار، عكس ما كانت توحي به كل المعطيات الخادعة ظاهريا. وإلا من كان يعتقد أن تونس / العاصمة والقاهرة أو حتى طرابلس أخيرا كانت ستسقط بهذه السهولة ؟. هو خداع ومكر الإعلام ، وضعف واستسلام الجبروت والظلم أمام الحق مهما طغى. البارحة فقط (20 غشت 2011) انتهت حقبة سوداء من تاريخ ليبيا ، لتبدأ أخرى نتمنى أن تكون مغايرة تماما لما عرفناه عنها من قبل. هي حقبة للنسيان ، لم نكن نرى فيها غير وجوه ألفها الجبروت وسكنها الطغيان ، العقيد القذافي بألقابه العجيبة ونياشينه الغريبة ونظراته التي لم يكن لها معنى ، ونجله سيف الإسلام الذي لم ينسل يوما إلا ليقول فحشا في حق شعب مسالم حد اللين ، أما هنيبعل فحدث ولا حرج عن فتوحاته الجنسية في أي مكان حط فيه ، أو حتى بعض الوجوه السياسية التي استغربت ( وأنا أستمع إليها) لفداحة زلات ألسنتهم ، وكيف لا يعرفون حتى النطق بكلمات قليلة ومعدودة بالفصحى على شاشات الفضائيات.
سقطت الصورة التي كانت تعتلي كل شيء أخيرا وليلا في شوارع طرابلس ، ولغرابة الصدفة ، أمام نفس الأبراج التي كان يعتليها " الزعيم" لإلقاء خطب الوعد والوعيد والتهديد ، داستها أقدام شبان وشابات تنتفض في أجسادهم أرواح شهداء أبو سليم ، وهم متعطشون أكثر من أي وقت مضى للحرية والكرامة ، سلاحهم عدالة السماء والإيمان بقضيتهم ، ولم تكن تلك البنادق الرشاشة التي يحملونها كافية لأن تطيح بأقدم الديكتاتوريات العربية ، وهي مدججة بأعتى الأسلحة ، لولا عدالة القضية والإيمان بها إلى آخر رمق. ربما شمها معمر القدافي ( القائد الأمين الذي تدافع عنه الملايين) كما نقول في العامية (فالسما) ، هو الذي كان يؤلمني أن أراه أحيانا مبتسما مع نيلسون منديلا المناضل في بعض اللقطات ، فلام الشعب التونسي أولا على الإطاحة بحبيبه زين العابدين بن علي ، وكان توجسه من الثورات العربية أكبر من أي زعيم عربي آخر. ولذلك لم يتردد في أن يقول ثانيا لثوار مصر العروبة مستهزئا : " جاوبوني…. لماذا قمتم بالثورة ؟…هل علشان تجيبوا عمر موسى رئيسا لمصر…؟ ما تجيبوا نوال السعداوي أفضل…" قمة الاستهتار والاستهزاء ، أو ربما هي غريزة حب السلطة دفعته لأن يقول ذلك بدون خجل من نفسه ، لأنه كان يعرف أكثر من غيره ، كم حجم البراكين والحرائق التي كان يجلس فوقها.
لم يكن الشاب / العقيد الذي بدأ بثورة بيضاء ، حين أطاح بالملك السنوسي بإيعاز وتخطيط من جمال عبد الناصر، يعتقد أن نهايته ستكون بهذا الشكل الدراماتيكي ، بعد عز وحكم دام لأكثر من 40 سنة ، كان فيها السيد المطلق والآمر/ الناهي / الباطش / القاتل / المهمين / الجبار / المتكبر/ الطاغي/…. وما شاء له أن يكون من الألقاب والأسماء ، من ابن البادية والخيمة إلى المناضل/ المجاهد / الفيلسوف / الزاهد /…، مرورا بملك الملوك الذي خسر كل معاركه خارج ليبيا مع الغرب و مع نفسه التي لم ينتصر عليها يوما ، أو حتى مع دولة تشاد الإفريقية الفقيرة ، ولم تكن انتصاراته الوهمية الوحيدة إلا داخل جماهيريته على الشعب الليبي المسالم ، التواق إلى الحرية والكرامة واستعادة إنسانيته التي اغتصبها فيه حاكم مستبد ، لم يعرف التاريخ مثيلا له.
كانت ليلة سقوط طرابلس أهم ليلة في تاريخ ليبيا الحديثة ، رأينا فيها شبانا وشابات لم نرهم من قبل. مختلفين تماما عن أولاد القدافي (الأوسط والأصغر والأكبر و الما بين- بين) التي ملأت صورهم وفضائحهم صور الفضائيات والمجلات في العالم ، رأينا شبانا مختلفين وشابات مختلفات عما ألفناه على شاشة الجماهيرية ، شبانا يتكلمون الفصحى جيدا (إلى جانب لهجتهم المحلية طبعا) بسحنات أقل تجهما بكثير من سحنات أولاد القدافي ذكورا وإناثا ، التي لا تصلح إلا للتراجيديات. ورأينا وجوها لإعلاميين شبانا وشابات على شاشات الفضائيات يتكلمون جيدا ، يحاورون جيدا ويقنعون بشكل مدهش ، ويمتلكون أيضا رؤى للمستقبل أوضح من وضوح الشمس .
لم يفهم سيف الإسلام الذي لا يسل إلا لارتكاب فضيحة مالية أو أخلاقية ، ولا أبوه دروس الشعوب في مصر وتونس ، واختارا الطريق الصعب (طريق الوراثة) وراثة عرش الجماهيرية (العظمى) ، فخانت الابتسامة وجه سيف ليقول من بين أقواله التي لا تعد ولا تحصى متهكما : " احنا موش تونس أو مصر" ، ونسي لغرابة الصدفة وأيضا لسخرية القدر أن جمال (وريث) مبارك (الذي لم يرث هو الآخر شيئا) رفض الرد على سؤال أحد الشبان ، وقال متهكما ضاحكا : " متردوا عليه انتو…" فجاءه الرد سريعا من ميدان التحرير، ويخرج أبوه بأغرب أمر عسكري لأغرب زعيم عبر التاريخ أو عميد الحكام العرب كما كان يحلو له أن يسمي نفسه أحيانا : "..افتحوا مخازن الأسلحة…لا تموتوا بالتقسيط ... موتوا دفعة واحدة.." ، ونسوا … أو تناسوا الأهم : كان عليهم أن يغيروا أو يتغيروا قبل فوات الأوان ‼.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاولئ بالنقد
راحيل اسعد ( 2011 / 8 / 22 - 21:06 )
لغة النقد هذه توجه فقط الى من نأمن بطشه ياحبذا لوجهت هذه المقالة الى امير المؤمنين والملك المعظم في بلدك ام هي الحرية لها امكنه متعددة.على الاقل ان القذافي بالمقياس لملك المغرب كان افضل بكثير الم يضع ابيه اجهزة تنصت في موتمر القمة العربية في بداية الستينات لصالح اسرائيل الذين امروه ان يضع صوت وصورة لمعرفة وفحص الاقول مع الافعال .هل يعقل ان ملك يحترم نفسه ان يفعل ذلك؟ كيف للملك ان يكون عبدا؟الم يصف جماهير المغرب بالاوباش والرعاع .الكاتب العزيز الاولئ بالنقد بلادك اما ليبيا فهي حرة سوا كانت تحت حكم القذافي او الان اما الفضائح المالية والجنسية قد يكون ابطالها افراد في الديمقراطيات الم يتورط كلنتون بفضائح اخلاقية الم يتورط جيني وبوش وبريمر بسرقة 40 مليار عراقي. الديكتاتورية الوجه القبيح للديمقراطية


2 - تلك مرحلة طويناها..عقبا لكم
ادريس الواغيش ( 2011 / 8 / 24 - 02:51 )
قد يكون كلامك صحيحا لو معك أدلة وحجج ، وانا هنا لا أنفيه ولا أصدقه. لكنها مرحلة طويناها ....عقبا لكم في ليبيا يا صديقي

اخر الافلام

.. حسن نصر الله يلتقي وفدا من حماس لبحث أوضاع غزة ومحادثات وقف


.. الإيرانيون يصوتون لحسم السباق الرئاسي بين جليلي وبزكشيان | #




.. وفد قيادي من حماس يستعرض خلال لقاء الأمين العام لحزب الله ال


.. مغاربة يجسدون مشاهد تمثيلية تحاكي معاناة الجوع في غزة




.. فوق السلطة 396 - سارة نتنياهو تقرأ الفنجان