الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما قال -مبارك- للشعب: أفندم

مجدي مهني أمين

2011 / 8 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


ستبقى طويلا ذكرى هذا اليوم: الأربعاء 3 اغسطس 2011، (والجلسة التالية يوم الإثنين 15 من نفس الشهر) ، عندما قدم الثوار مبارك ونجليه للمحاكمة ، لتصبح محاكمة القرن. قالها القذافي في القمة العربية – دمشق 2008 ، بعد محاكمة صدام حسين، قالها للرؤساء العرب:

- الدور جاي عليكم كلكم..

ولم يصغوا إليه، ولم يصغِ القذافي نفسه لما يقول؛ فخطابه كان ليثير مخاوف الرؤساء العرب من أمريكا التي غزت العراق وقدمت رئيسها للمحاكمة، والقذافي نفسه يعلم أنه يصعب أن تتكرر مرتين كي تغزو أمريكا دولة عربية (لتجعلها دولة ديمقراطية)، يعني تحذير بدون مضمون، كلام والسلام ويلفح العباية على كتفه ويروح يمارس طغيانه كما يريد.. هو وباقي القادة العرب اللي حضروا واللي ما حضروش القمة.
وكما يأتي معظم النار من مستصغر الشرر، أتت الثورة هذه المرة من الشعب الذي لم يكن -هذا القذافي- يدري بوجوده، فقال باستنكار ودهشة:

- من أنتم؟..
- هم مستصغر الشرر ، يا عم القذافي.

تحققت النبؤة، تحققت محاصرة وعزل ومحاكمة بعض الطغاة، سقط اليوم هذا القدافي والبقية تأتي..

مبارك يُقَدم في اليوم المشهود للمحاكمة ، والكاميرا في كل مرة تغافل علاء وجمال وتبحث عن مبارك ولا تخطئه، بل تصيب كل مرة الهدف بكل سهولة كي تقدمه لشعبه في قفص الاتهام أمام القاضي بملابسه البيضاء: مبارك، ونجليه، وأدواته في تثبيت أركان حكمة؛ ممثلين في ثماني متهمين آخرين من العادلي إلى ستة من مساعديه، المتهمين " بالاتفاق والتحريض على قتل المتظاهرين "؛ إلى حسين سالم المتهم مع مبارك ونجليه المتهمين: "بقبول وتقديم رشاوى وفساد مالي والإضرار العمدي بالمال العام واستغلال النفوذ الرئاسي بغية تربيح الغير دون وجه حق " (راجع الرابط الأول)

وخزني طلب أحد محامين الدفاع (الدكتور إبراهيم صالح) في تعديل القيد والوصف للائحة الاتهامات في القضية ضد موكله (اللواء أحمد رمزي، مساعد وزير الداخلية للأمن المركزي السابق،)، بحيث تقيد القضية جنحة ضرب أفضى إلى موت..

- هذه كانت الصيغة المتبعة في كافة قضايا القتل التي اقترفها الأمن – ضرب أفضى إلى موت- وتصبح القضية جنحة مش جناية ، ويهرب رجل الشرطة كل مرة من العقاب الرادع.

جاءت محاكمة مبارك انتصارا للثوار الذين واجهوا أمام مطالبهم أعتى الأسلحة، وهي التجاهل والتشكيك، ولكنهم استمروا بل أرادوا الذهاب لمقر القيادة في العباسية كي يستمع المجلس عن قرب لمطالبهم، وفقدوا في الطريق أحد رفاقهم الشاب محمد محسن أحمد الذي توفى بعد معاناة استمرت 12 يوما من نزيف في المخ وغيبوبة كاملة، إثر إصابته بحجر ضخم ألقي على رأسه أثناء تواجده بالمسيرة التي نظمها الثوار يوم 23 يوليو الماضي في العباسية (راجع الرابط الثاني)

والغريب أن الرد على مطالب الثوار جاء من التيارات الدينية، بشجب تظاهراتهم واعتصاماتهم، والدعوة "لجمعة الشريعة" في 29 يوليو الماضي التي قبلوا أن تصبح جمعة "وحدة الصف"، وأصبحت بقدرة قادر "جمعة الشريعة"، تقودها التيارات الدينية وتردد شعاراتها "اسلامية اسلامية، الشعب يريد تطبيق شرع الله" .."مصر بلدنا إسلامية، .. إسلامية، إسلامية".. "إحنا ها نحكم بالقرآن" (راجع الرابط الرابع).

وضاعت - وقتها- تحت أقدام التيارات الدينية مطالب الثوار في "الإفراج عن كافة المعتقلين ووقف محاكمات المدنيين عسكريا، والمحاكمة العاجلة لرموز النظام السابق وعلى رأسهم الرئيس مبارك، وقتلة الشهداء، وتحقيق العدالة الاجتماعية بوضع حد أدنى (وحد أقصى) للأجور" ، بل ردد الدكتور محمد يسرى الأمين العام للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح في غمرة النداء بالدولة الدينية:
- مطالب الثورة الأخرى كانت مطروحة منذ أسابيع، ولم ينزل الإسلاميون إلى الميدان مع احترامهم لها نظرا لأنها تأتى فى المرتبة الثانية من الأولويات. .!! (راجع الرابط الخامس)

واستمر الثوار في مطالبهم، رغم كافة الحملات، وكان الخوف شديدا أن ييأسوا، فرددنا مع محمد البرغوثي وبهاء طاهر مقولة جابرييل جارثيا ماركيز:
- إن الثوار الذين يقفون فى منتصف الطريق، يحفرون قبورهم بأيديهم، لأنهم لم يحققوا الهدف الرئيسى،
وتعلقنا بخيط رفيع من دم الشهداء، وأن الشعب- رغم الإعلام المغلوط– لن يخذل ثواره المطالبة بمحاكمة قتلة الشهداء، وأن ذات الدم لن يسمح للثوار بترف اليأس والانسحاب من الميدان دون أن تتحقق مطالبهم. (راجع الرابط الثالث)
وأخيرا جاءت محاكمة مبارك وأعوانه، جاءت انتصارا للثوار ، فهم من أتوا بهذا الرجل للمحاكمة، ووضعوه في قفص، مبارك الذي أجاب القاضي عندما نادى عليه، أجابه وأجاب كل الشعب:

- أفندم، أنا موجود.

لقد تحقق المطلب الأول، ومثُل مبارك وأعوانه أمام الشعب، ورد كل منهم - واحد تلو الآخر- على القاضي والشعب:

- أفندم ..

جميعهم رهن العدالة ، حتى الهارب حسين سالم ، لنا أمل أن يعود،

ويتبقى .. إحضار ومحاكمة باقي القتلة دون استثناء لأحد،
ويتبقى.. إطلاق سراح المعتقلين ووقف محاكمات المدنيين عسكريا ،
ويتبقى .. تحقيق العدالة الاجتماعية بوضع حد أدنى (وحد أقصى) للأجور،
فلشد ما أسعدنا حرص محامي الحق المدني على إثبات الأدلة التي توصلنا لكافة قتلة الشهداء،
نعم قتلة الشهداء.. حتى يكتمل الإمساك بأطراف الحلقة الجهنمية، فلقد روعنا القتلة ونحن نراهم يسحقون أبناءنا.. لقد قتلوا بعقل بارد أجمل ما نملك.. مبارك ومن معه كانوا أول القائمة، ولابد أن نرى كل القائمة ماثلة أمام العدالة حتى نجتاز هذا الامتحان العسير.
كما لا زال يقلقنا أن نرى المدنيين ورموز الثورة وهم يُقدمون للمحاكمات العسكرية؛ هذه الرموز الواجب تكريمها لا مطاردتها وملاحقتها، أو التشكيك في وطنيتها، فهذه الرموز لا تدور آراؤها أو مقالاتها أو أحاديثها إلا حول مطالب الثوار، وهي مطالب مشروعة ، بل هي مؤشراتنا الأولية لنجاح الثورة.
مطالب الثوار والعمل على تلبيتها هي ما تجعلنا صفا واحدا،

فلن تطغى الشعارات دينية عالية الصوت على المطالب العادلة للثوار، كما أنها لا توحد بل تقسم الصف، بل هي شعارات تدين أصحابها فهم بدلا من أن يطالبوا بحقوق الشعب، كانوا يطالبون بحكم البلاد ويتجاهلون الحقوق، ويضعونها في المرتبة الثانية.

كلنا إيد واحدة، شعبا وحكومة ومجلسا، حول مطالب الثوار؛ مش حول شخص ولا مؤسسة..
إيد واحدة، من أجل غد أفضل لا يخيف ولا يطارد ولا يجهل ولا يقصي فيه أحدٌ أحداً ، كلنا ننطلق من قاعدة احترام الرأي واحترام الحق في التعبير والنقد، وعلى المجلس والحكومة أن يقولا للشعب طواعية وحبا وتفانيا:

- أفندم ، نحن في خدمتك


1- شبكة النبراس الإعلامية، التفاصيل الكاملة لمحاكمة مبارك ، http://majaed7.wordpress.com، 2011/08/03
2- ابتسام تعلب ، مصطفى محيي، محمد السنهوري، المصري اليوم، http://www.almasryalyoum.com/node/483416، Thu, 04/08/2011
3- الحوار المتمدن، " جريدة الأخبار، في تضامنها الصريح مع الثورة" ، http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=267386
4- مظاهرة السلفيين - ميدان التحرير - 29 يوليو، http://www.youtube.com/watch?v=9Z6LyU4my1o
5- طريق الأخبار، http://elakhbar.akhbarway.com/news.asp?c=2&id=103072 ، 27/7/ 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ctمقتل فلسطينيين في قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا وسط رفح


.. المستشفى الميداني الإماراتي في رفح ينظم حملة جديدة للتبرع با




.. تصاعد وتيرة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله وسلسلة غارات على


.. أكسيوس: الرئيس الأميركي يحمل -يحيى السنوار- مسؤولية فشل المف




.. الجزيرة ترصد وصول أول قافلة شاحنات إلى الرصيف البحري بشمال ق