الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يقول القراء والقارئات؟

نوال السعداوى

2011 / 8 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


أتابع بشغف واستمتاع تعليقات القارئات والقراء على ما أكتب، لا يأخذون أجراً على ما يكتبون، لا أحد يطلب منهم الكتابة، إنها رغبتهم النابعة من أعماقهم، تنم عن الحب والإعجاب أو العكس، لهذا تأتى كتاباتهم أكثر صدقاً مما يكتبه النقاد المحترفون.

أقرأ التعليقات عبر الإنترنت، أصبح «اللابتوب» رفيق حياتى، يشاركنى غرفة النوم والمكتب والصالة والمطبخ والبلكونة، يسافر معى وراء البحار والأنهار والجبال، أحمله فوق صدرى مثل طفلى المولود، أو فى حقيبة يدى الصغيرة، يحلق معى فوق المطارات ومحطات تفتيش الجسد والعقل والروح، ينتصر على أقمار التجسس الصناعية والطبيعية وما بينهما، أصبح الفضاء الجوى وسيلة الاتصال بينى وبين من يقرأون ما أكتب داخل الوطن وخارجه،

نعيش فى عالم واحد تحكمه كائنات ذرية نووية إلكترونية كواركية، أسرع من الصوت والضوء وعفاريت الجان، نستخدمها كل لحظة، لا ندرك تماما ما هى وكيف تعمل، عمل الشياطين أو آلهة شريرة لم نعرفها، قليل من علماء الكون الجديد، من يدرك ما يكتشفه العقل من وسائل للاتصال مع الكون أو الأكوان المتعددة (ليس كونا واحدا)، اكتشف العلم أغلب الإجابات على أسئلة الفلاسفة وعلماء الطبيعة منذ نشوء مادة البروتوبلازم، لم يعد سر الحياة سراً، لم يعد الموت طلسما أو ما بعد الموت، لعب الإنترنت دورا فى تنظيم الثورات الشعبية فى مصر والعالم العربى، انتقل الربيع العربى إلى بلاد كثيرة فى العالم عبر اللابتوب والمحمول، أصبح كل ما نريد من البيت والمكتب محمولاً معنا فى حقيبة اليد، أصغر من كف اليد، يلازمنا مثل حبل الوريد أو الذراع أو الأصابع الخمسة،

لم أعد أتابع الصحف الورقية أو الأحزاب الورقية أو أى شىء يتعلق بالورق، كرهت رائحة حبر الطباعة فوق صفحات الجرائد الملونة الصفراء والسوداء والزرقاء والحمراء، يلتصق الحبر بأطراف أصابعى يدخل صدرى مع الهواء المشبع بسموم الرصاص، كان بيتى ومكتبى ينوءان تحت أكوام من الورق والدوسيهات، حتى أصبح لى هذا الجهاز السحرى «اللابتوب» الصغير الخفيف الوزن، أحمله فى حقيبة يدى إلى أى مكان فى الكون، يحمل فى جوفه الصلب النحيف كتب العالم وكتبى ومقالاتى ومذكراتى المكتوبة وغير المكتوبة، يسرى بينى وبينه خيط حريرى متين لا ينقطع، مثل الماء فى النهر أو الدم يجرى فى العروق، أو شعاع شمس يسرى إلى وسادتى كل صبح رغم السحابات السود، أصبح سطح مكتبى نظيفاً يلمع تحت الشمس، هواء بيتى نقياً غير ملوث، وذاكرتى أصبحت نظيفة، تخلصت من رواسب الغدر وشوائب القدر، لم يبق فيها إلا ذكريات الحب والجمال والحرية والعدل والابداع.

من التعليقات الواردة فى الإنترنت على مقالى الثلاثاء الماضى ١٦ أغسطس ٢٠١١ ، كتب لى عبدالهادى خير: أحسنت قولاً يا دكتورة أن القلة الحاكمة فى كل العالم تقتل وتنهب مثل ريا وسكينة، لا تخشى هذه القلة من تجريدنا من كل شىء له قيمة إنسانية. وكتبت سناء شنودة: كشف مقالك الذى أؤيد كل كلمة فيه عن الزيف الفكرى الذى نعيشه وعشناه، أحييك على أفكارك ومشروعك الحضارى وأنا واحدة من شعب مصر أجد فى كلماتك الأمل الذى تستحقه مصر. وكتب طارق المرشدى: أختلف كثيرا مع أفكارك لكنى أتفق معك تماما فى أن النخبة مثل الحرباية تغير لونها حسب من يمسك الحكم، ربنا يحمى مصر من أفكار النخبة المتلونة.

وكتب أمير مسعد: أبى كان يحكى لى عن الأيام التى شهدت الغناء للملك فاروق وغيره فى كل عصر، الثقافة السائدة لابد أن تمدح الحاكم، من شدة النفاق أصدر رجال الدين والأزهر تصريحا أن الملك فاروق من أقارب الرسول محمد، النفاق محرك التاريخ.

وكتبت نيرمين عيسى: سافرت إلى بلاد كثيرة وعرفت أن العالم كله تنقصه العدالة والعقلانية والحرية، أتمنى أن تلعب الكتلة المستنيرة نساء ورجالا فى كل بلد دورا فى تغيير العالم، الذى مصيره السقوط لأنه ضد الإنسانية.

وكتب غريب تادرس: أنا أحببت تشبيهك النخبة بالحرباية التى تختبئ لنا فى كل مكان، فى وضح النهار وعلى الملأ، أشكرك على مقالك يا دكتورة. وقالت إحسان مجدى: الحرباية أدق كلمة وصفت بها النخبة فى بلادنا، فأنا أتابع كيف يغيرون لونهم وجلودهم ويتحولون من التمجيد إلى التحقير فى يوم وليلة، تمجيد الحاكم طالما يحكم، يقولون عنه القائد العظيم والبطل الخالد، ثم تحقيره حين يسقط، يقولون عنه الفاسد المخلوع الديكتاتور الحرامى، تمجيد الثورة حين تقوى وتنجح، يقولون عنها الثورة العظيمة المجيدة، ثم يحقرونها إن فشلت أو تعثرت، يقولون عنها الانتفاضة، أو الهوجة التى جلبت الفوضى وانهيار الاقتصاد والأمن وكساد السياحة والاستثمارات، هذه النخبة تفسد أى حاكم بنفاقها، تجهض أى ثورة بنفاقها. ويكتب عوض سليم: كيف نتخلص من النخبة المنافقة الفاسدة ونخلق نخبة صادقة أمينة؟

الشق الأول من السؤال أسهل من الثانى، فالتخلص من نظام فاسد ظالم مستبد أسهل من بناء نظام جديد عادل إنسانى، يتساوى فيه الجميع دون أى تفرقة على أساس الدين أو الجنس أو الحزب، لقد نجحت الثورة المصرية فى إسقاط مبارك وبعض أعوانه، لكنها فى حاجة إلى الاستمرار وتوحيد صفوفها لإكمال بناء نظام حكم جديد يحقق مبادئها الأولى: الكرامة والحرية والعدالة والمساواة؟

مطلوب جبهة شعبية قوية موحدة كتلك التى خلعت مبارك، وبناء أساس متين للدولة والمجتمع الجديد، قبل النزاع والتشتت حول معارك أخرى تفرضها علينا قوى الثورة المضادة، فى مصر والخارج، وأنا على ثقة أن الثورة المصرية سوف تحقق كل أهدافها، فالأمل قوة واليأس ضعف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الظلام كثير فى بلادنا
رشا احمد ( 2011 / 8 / 23 - 16:33 )
سيدتى العزيزة
مع كل احترامى وتقديرى للاب توب وغيره من الاختراعات التى سببت نقلة للبشر فى عقولهم وسلوكياتهم الا اننا مازلنا فى مصر مهتمين بالرد على امثال عبد المنعم الشحات فى مدى حرمانية اثارنا الفرعونية كونها تمثل اصناما يجب التخلص منها او على اقل تقدير ينبغى علينا تشميعها لنهرب من العذاب الاليم الذى ننتظره ان ظلت هذه الاثار اقصد الاوثان فى بلدنا
الامل ضعيف فى ظل كل هذا القدر من الظلام الذى نراه اينما ذهبنا فى مجتمعاتنا العربية
تقبلى مرورى


2 - سعداء بك ياسعداوي
طارق عريبي ( 2011 / 8 / 23 - 16:59 )
أنا مواطن عراقي تعرفت على كتاباتك منذ عام 1975 كنا نقرأئك بنهم ولكن دكتاتورية البعثفاشي الصدامي أفرغ العراق من كل الكتب التي تنير الطريق أمام الشعوب وها نحن نحن نقرأ لك مرة أخرى بعد زوال البعثفاشست وصدام المقبور. أتمنى لك الصحه الدائمه والأستمرار في نضالك الشديد ضد الجهل والجاهلين


3 - نوال كاتبة مبدعة ومنظّرة من الطراز الاول
ناقد من اقليم كوردستان - زيد محمود علي ( 2011 / 8 / 31 - 11:28 )
انا من قراء نوال السعداوي منذ اول كتاب صدر لها وقرأت مواضيعها بدقة لكن نقول الشرق
لا يتقبل الافكار والعلميةكافحت بعصى سحرية لم تحقق ماتطمح لها الا لدى النخبة فقط لأنها ارادت مصارعة تراكم الاف من السنين من لبنات تراكمت في خضون قرون صعوبة ازاحة لالقرن ك رغم قدرة الكاتبة الرائد في تنظيراتها وخاصة في مجال المرآة وتظل المفكرة والكاتبة هي المثل الاول ليّ وتبقى نوال سقراط القرن والله يجعلها بخير
زيد محمود علي - كاتب وناقد من اقليم كوردستان- العراق

اخر الافلام

.. كلمة ايريك سيوتي عضو اليمين الفائز بمقعد البرلمان عن نيس|#عا


.. قراءة عسكرية.. محور نتساريم بين دعم عمليات الاحتلال و تحوله




.. تفعيل المادة 25 قد يعزل بايدن.. وترمب لا يفضل استخدامها ضد خ


.. حملة بايدن تتعرض لضغوطات بعد استقالة مذيعة لاعتمادها أسئلة م




.. البيت الأبيض: المستوطنات الإسرائيلية تقوض عملية السلام والاس