الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سيكون هجوم إيلات بداية للربيع المقاوم؟

عليان عليان

2011 / 8 / 23
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


منذ فترة وأنظار الشعب الفلسطيني، تتجه إلى الثورات العربية في كل من تونس ومصر واليمن والبحرين وإلى الحركات الثورية والإصلاحية، في بقية الأقطار العربية إدراكاً منه أن ثورات الربيع العربي، بعد أن تنجز مهامها الوطنية والديمقراطية، أو بعد أن تنجز جزءاً منها، ستولي أهمية خاصة لقضية العرب المركزية "فلسطين"، بشرط توفر الصاعق المطلوب لتفجير وتثوير الطاقات العربية، التي طالما قمعها حكام الردة والتبعية في الوطن العربي، وفي مقدمتهم فرعون مصر حسني مبارك.
وجاء هجوم إيلات" أم الرشراش" الفدائي الثلاثي في الثامن عشر من الشهر الجاري ، والذي استخدم فيه رجال المقاومة تكتيكات حرب العصابات، في منطقة صحراوية لم تكن في حسبان العدو وأوقعت في صفوفه ما يزيد عن 43 قتيلاً وجريحاً... جاء هذا الهجوم ليشكل الصاعق لتفجير الطاقات العربية المؤيدة والداعمة للمقاومة الفلسطينية، وليكون باعثا للأمل في أن بشائر الربيع المقاوم، بدأت تلوح في الأفق بعد أن انشغلت معظم الفصائل منذ العدوان على غزة عام 2008 في الحديث عن المفاوضات وعدم جدواها وعن المصالحة ومعوقاتها، وعن الذهاب للأمم المتحدة في مسعى للحصول على عضوية كاملة لفلسطين فيها ألخ ألخ.
ويمكن رصد التداعيات الإيجابية الناجمة عن هذه العملية الفدائية البطولية، على النحو التالي:
أولاً: سؤال إلغاء المعاهدة ، فهذه العملية وما تلاها من قصف اسرائيلي لمواقع الجيش المصري، في سيناء أدى إلى استشهاد خمسة جنود مصريين، طرحت في مصر وبقوة على المستوى الشعبي سؤال معاهدة كامب ديفيد، ذلك السؤال الذي لم تطرحه القوى السياسية المصرية منذ زمن بعيد، ولم تلوح به ولو شكلياً حكومات مبارك، رغم إقدام العدو على قتل العديد من جنود الجيش المصري، على امتداد تلك الحقبة البائدة، دون أن يقدم أي اعتذار، ودون أن تطلب منه حكومات العهد البائد أي اعتذار.
فأبناء مصر الكنانة – أبناء ثورة25 يناير- بادروا منذ اللحظة الأولى لتسيير مظاهرات وإقامة إعتصامات بالألوف حول مقر السفارة الإسرائيلية في القاهرة، وحول مقر قنصلية العدو في الإسكندرية، وفي كافة محافظات مصر، ورفعوا وبقوة شعار طرد السفير الصهيوني، ووقف تصدير الغاز للكيان الصهيوني وإلغاء معاهدة كامب ديفيد، التي أذلت مصر وضربت سيادتها وأخرجتها عملياً، من دائرة الصراع مع العدو الصهيوني وجعلت من نظامها حارساً، لأمن الكيان الصهيوني إلى الحد الذي وصفه قادة العدو" بأنه كنز استراتيجي لإسرائيل" وحيث كان الخاسر الرئيسي من المعاهدة بعد مصر، فلسطين وقضية شعبها.
يضاف إلى ذلك أن مرشحي الرئاسة، وكذلك قيادات الأحزاب بدأت تطالب بالرد وبإعادة النظر في المعاهدة، ففي حين طالب مرشح الرئاسة عمرو موسى، بالرد على العدوان الإسرائيلي مشيراً إلى أنه مضى الوقت، الذي كانت تمر فيه الاعتداءات الإسرائيلية بدون رد، ذهب مرشح الرئاسة حامدين صباحي إلى ضرورة الرد والعمل على إلغاء معاهدة كامب ديفيد، في حين طالب زعيم حزب الغد أيمن نور، بإجراء تعديلات على المعاهدة بحيث تنص، على تواجد أعداد أكبر من الجيش والمعدات العسكرية المصرية في سيناء.
ورغم أن رد المستوى الرسمي المصري، لم يكن بالمستوى المطلوب ولم يصل إلى حد استدعاء السفير المصري من تل أبيب إلا أنه كان متطوراً مقارنة بالعهد البائد، حيث قال رئيس الوزراء عصام شرف، " إن دم الإنسان المصري أغلى من أن يذهب بلا رد" في حين طالب المجلس العسكري (إسرائيل) بالاعتذار وبتشكيل لجنة تحقيق مشتركة للبحث في حادث القصف الإسرائيلي للجنود المصريين، بينما أصدر رئيس الأركان المصري سامي عنان، أوامره بإطلاق النار على كل من يتخطى الحدود المصرية.
ثانياً: بدأ الشارع العربي يعبر مجددا، سواء عبر البيانات أو عبر الإعتصامات الجماهيرية- كما حصل في عمان مؤخراً- عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني، الذي تعرض منذ تنفيذ هجوم إيلات، لأبشع الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة والتي راح ضحيتها عشرات الجرحى، وما يزيد عن خمسة عشر شهيدا من بينهم الأمين العام للجان الشعبية الفلسطينية كمال النيرب وأربعة من مساعديه ، والذي اتهمته حكومة العدو بالوقوف وراء هجوم إيلات.
وقد نشهد في الشارع العربي بعد الهجوم على إيلات وما نجم عنه من تداعيات حالة من المزاوجة، بين شعارات دعم المقاومة الفلسطينية وشعار الربيع العربي، في بعض البلدان العربية" الشعب يريد إسقاط النظام".
ثالثاً: لقد أعادت هذه العملية الاعتبار لخطاب المقاومة وثقافتها بعد أن قرف الشعب الفلسطيني من خطاب المفاوضات التيئيسي الذي ألحق أكبر الضرر، بمنجزات النضال الفلسطيني ووضع القضية الفلسطينية على مذبح التصفية.
وقد شهد قطاع غزة، ولأول مرة، منذ انتهاء حملة الرصاص المصبوب الصهيونية الإجرامية، على قطاع غزة عام 2008 مباراة كفاحية بين مختلف الأذرع العسكرية للفصائل الفلسطينية في إطلاق الصواريخ، حيث أطلقت هذه الفصائل ما يزيد عن 100 صاروخ، معظمها من طراز غراد على كافة المستوطنات في محيط القطاع، وشملت كذلك مدن أسدود وعسقلان وبئر السبع موقعة خسائر كبيرة في صفوف العدو، بلغت مصرع اثنين من المستوطنين، وإصابة 55 ، جراح خمسة منهم خطيرة.
رابعاً: أدرك العدو الصهيوني ولأول مرة بعد انتصار الثورة المصرية وبعد التحولات في البيئة الإستراتيجية المحيطة به جراء الثورات العربية،... أدرك أن يده لم تعد حرة وطليقة في العدوان على غزة، خشية منه أن يلجأ الحكم في مصر إلى إلغاء المعاهدة مع(إسرائيل)، وهو ما يفسر استجابة حكومة العدو فوراً للطلب المصري بالتهدئة، ووقف العدوان على غزة.
وفي هذا السياق، رأى الخبير الإستراتيجي والمتخصص في دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أيهودا عيلام في دراسة له أن هناك مخاوف قائمة ترتبط بإلغاء "اتفاق السلام" بين مصر وإسرائيل، بل وفي احتمال اندلاع مواجهات عسكرية بينهما نتيجة لأسباب وعناصر متعلقة بالداخل المصري ولأسباب أخرى متعلقة بالجانب الإقليمي.
وتبرز أهمية عملية إيلات أنها جاءت( أولاً) في ظروف الإنكشاف التام لبؤس خيار أوسلو، وما تبعه من اتفاقات وخطط مثل خارطة الطريق وأنابوليس (وثانياً) أنها جاءت في ظرف الربيع العربي، وفي ظل نهوض شعبي فلسطيني متأثر أيما تأثر بالثورات العربية، وتمثل هذا النهوض في المسيرات المعمدة بالدم لفلسطينيي الشتات في ذكرى النكبة و ذكرى هزيمة حزيران، الذين تمكنوا بإرادتهم الصلبة من اقتحام الحدود المصطنعة مع الكيان الصهيوني، مقدمين العديد من الشهداء.
لقد بات من الملح ومن الضروري أن يتحرك الشارع الفلسطيني في الداخل والشتات، للبناء على ما أنجزه شهداء عملية إيلات الثمانية، الذين خضبوا أرض فلسطين بدمائهم الزكية على هدي من دماء عز الدين القسام وأبي جهاد واحمد ياسين وأبوعلي مصطفى، وعبد العزيز الرنتيسي ورمضان شلح وغيرهم من آلاف شهداء الحرية والتحرير في فلسطين.
وبات من الضروري أن لا يتوقف الشباب الفلسطيني في محاكاتهم لشباب الثورات العربية، عند شعار" الشعب يريد إنهاء الانقسام" على أهمية هذا الشعار، بل عليهم أن يطوروه باتجاه" الشعب يريد العودة إلى خيار المقاومة بكافة أشكالها".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر عسكري: إسرائيل تستعد لتوسيع العملية البرية جنوب لبنان


.. لماذا يحتكر حزبان فقط السلطة في أمريكا؟




.. غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت والجيش الإسرائيلي يطلب إخلا


.. معلومات جديدة عن استهداف إسرائيل لهاشم صفي الدين




.. الحرب على لبنان | لقاء مع محمد على الحسيني