الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نزيهة ُ حبيبتي - قصة قصيرة

عبد الفتاح المطلبي

2011 / 8 / 23
الادب والفن



إلى رجل فقد نزاهته من أول رائحة عهر
عبد الفتاح المطلبي
نزيهةٌ رفيقةُ دربي هي مشكلتي الآن هي شيئي الحميم الذي لا يفارقني أبدا والآن صارت نزيهة مشكلة بعد إن سرى بجسدها الغض المرض الخبيث، وطدت العزم على الصمود أمام هذا الواقع الذي يناكدني و يريد كسري والسخرية من وفائي لنزيهة خصوصا وقد سلّط علي جارتي المطلقة اللعوب ميادة التي صارت تزورنا بعد العشاء بحجة الواجب الذي يحتم عليها تفقد نزيهة بعد مرضها العضال كما تقول هي ولطالما سدت علي الطريق غارزة عينيها في عيني تتكلم بلغة العيون الفصيحة والواضحة محرضة نفسي على خيانة نزيهة ولطالما تمنت موتها أو الوقيعة بيني وبينها لكنها لم تفلح أبدا أما الآن بعد داء نزيهة العُضال فقد أمعنت في أحلامها بالاستحواذ علي بعد موت نزيهة المتوقع فارضة علي الأمر الواقع و لطالما ألمحت أثناء مزاحها المستمر معي عندما تنام نزيهة مخدرة في نوبات علاجها أن مصيري في أحضانها بعد نزيهة لا سمح الله ،
صار ديدني مناكدة الواقع بعد إن أعلنت ذلك صراحة لنفسي و حثثتها على تحمل تبعات ذلك وقلت في نفسي ، أنا الأخير الذي يسلم نفسه بتلك الصورة المهينة لهذا الواقع إن مجرد القبول بالإستمرار بمجاراة ما يحصل هو خيانة للسجايا ولملاك روحي نزيهة التي لا تتوقع مني ذلك كان واضحا موقفي المتزمت و المستنكر لكل هذا الفجور رغم أن هناك دائما من يواصل جرك إلى هذا الفجور بحجٍج أكثر فجورا محاولا تعطيل قرارات مهمة عليك إتخاذها على عجل لتدارك تقدم العفن الذي يتسلل نحو مناطقك الهادئة و انتهاك أدغالك النادرة التي تنمو بعيدا في المناطق التي حرصت دائما على صون عزلتها و استقلالها ورغم إعترافي بأن مناكدة هذا الواقع هي من قبيل المغامرة الخطرة فهو كما تشاء ميادة أن تسميه الحتم الذي لابد منه رغم إجتنابي لمسالكه المغوية أحيانا كعاهرة و الخطرة كشفرة سكين مرهفة أحيانا أخرى لا تعرف سوى القطع و التقطيع و تماشيا مع المقولة الفاسدة أيضا التي كانت تنطوي على معنى سوقيٍّ( أن تحصل على شيء لا بد أن تتخلّى عن آخر)، أحيانا يكون هذا الآخر الذي عليك أن تتخلى عنه حميميا لا يقبل الإنفصال عنك ، كيف لي أن أتصور انفصالي عن نزيهة ورحت أقارن بين موقف ميادة اللعوب و أهدافها وبين موقف الكلب الجائع الذي يقعي ليس بعيدا عني أمام خشبة الجزار يهز ذنبه المعقوف غير مبالٍ بي وبغيري يتحين الفرصة بصبر عظيم تميزت به الكلاب وحدها هذه الفرصة التي فندت كل مزاعمي حول حميمية الأشياء التي ليس بالمستطاع التخلي عنها فهي أعني الكلاب بصبرها العنيد قد تخلت عن كثير من شراستها و نباحها و اكتفت بهزّ أذنابها أمام ساطور و خشبة الجزار، لكنني لم أتعلم ولم أتخلّ عن أشيائي الحميمية مقابل تصالحي مع واقع فاسد تعكر رائحة فساده تنفسي في كل مكان ، أكملت طريقي نحو المقهى كملاذ أخير أإدُ فيه هذا المونولوج المتصل في رأسي ولا يريد أن يصمت و إنني أعلم تماما أنه من المناسب أن أقارن بين موقف ميادة مني و موقف الكلب الذي لا زال صابرا صامدا أمام دكان الجزار يضع في رأسه فكرة واحده لعظمة لا زال يلتصق بها بعض اللحم الذي لا يريد أن يتخلى عن عظمه الحميم ، إذن هو درس في الصبر والتواضع و المعلمُ ذلك الكلب الصامد اما تلميذه النجيب فهو ميادة اللعوب جارتي المطلقة ، فساد روحي الذي تجب علي مقاومته على الأقل إكراما لنزيهة التي لم تمت بعد ولكنها بحكم ذلك .
جلستُ في المقهى أحتسي شايا باردا حسب طلبي وأنظر لتلك الأصابع المعروقة التي تحمل قطع الدومنو البيضاء دون شعور بالموت الذي بدا يدب في عروقها تلك اليد التي تمسكت بقطع الدومنو كآخر خيط واهٍ قبل التردي ألى الهاوية ،الرجل حامل قطع الدومنو التي تبدو بيضاء للرجل الذي يقابله ومشوبة بنقاط سود كثيرة من جهته، كنت أفعل ذلك هروبا من فكرة احتمال موت نزيهة ومحاولات ميادة المستمرة لأغوائي، و هكذا رحتُ أراقب عضلات وجهه بين دور دومنو و آخر ولشد ما بهرني أن أساريره تنفتح كلما ازدحمت النقاط السود على قطع الدومنو بعد فترة وجيزة تخللتها ضربات بقطع الدومينوعلى سطح المنضدة الأملس صاح الرجل الذي يقابل ذا الكف المعروقة:
ـ مات الدوشيش،* فعل ذلك وهو يصفق قطعة الدومينو بشدة على سطح المنضدة اللامع ويرفع عجيزته بنصف قفزه إلى الهواء ، تقلص وجه رفيقه ذي الكف المعروقه ووجم وجوم من فقد عزيزا لتوه و هنا ربت على كتفي أحدهم قائلاً:
ـ امرأة بباب المقهى تناديك!
كانت ميادة التي تنتطر ، بادرتها ، ها هل ماتت نزيهة ، و أمام بعض المارة ولجلالة الموقف احتضنتني ميادة ووضعت رأسها فوق كتفي وراحت تنشج ، في تلك اللحظة شممت رائحتها التي تختلف تماما عن رائحة نزيهة حبيبتي التي كانت تطغى عليها رائحة المرض الخبيث كلما اقتربت منها ، عند ذاك ازداد التصاقها بي وكانت رائحتها المغوية شديدة فاستسلمت لها وضحكت بداخلي كثيرا إذ تذكرت كلب الجزار وصبره وتخليه عن كثير من شراسته ونباحه الحميم ودوّى في رأسي صوت فرقعة قطعة الدومينو وصدى الصوت وهو يصرخ مات الدوشيش .............................
ماتت نزيهة و كنت قد نفضت كل شيء على مرضها والآمال بشفائها وقد أنفقت كل ما أملك بل وكنت مدينا للكثيرين إذ أن راتبي البائس لا يكفي ثمنا لجلسة علاج كيمياوي أو ذري في المشافي التي لا يرتادها أمثال نزيهة وكانت ميادة أكثر الدائنين ، ولقد عدّت أمامي خمس وصولات دين بعد مواراة نزيهة التراب بقليل ، تقدم الكلب قليلاً نحو خشبة الجزار وراق للجزار هزّالكلب المستمر لذيله الملتوي وراحت يد الجزار تواصل إلقاء العظام للكلب الصابر
صار لزاما علي تحت ضغط الفاقة ودين ميادة الكبير أن أترصدها لا لشيء إلا لطأطأة رأسي لها وهز عطفي بالطريقة التي تعلمتها من الكلب لعلها تدخلني إلى حيث أشم رائحتها النفاذة التي يتشممها الكثيرين غيري إذ إنني وجدتُ أن لا مناص من ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حوار من المسافة صفر | المسرحية والأكاديمية عليّة الخاليدي |


.. قصيدة الشاعر العقيد مشعل الحارثي أمام ولي العهد السعودي في ح




.. لأي عملاق يحلم عبدالله رويشد بالغناء ؟


.. بطريقة سينمائية.. 20 لصاً يقتحمون متجر مجوهرات وينهبونه في د




.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل