الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب التقدم والاشتراكية والسلوكات الانتهازية واللاديمقراطية

سامر أبوالقاسم

2011 / 8 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


أردنا لهذا المقال أن يكون عبارة عن حوار مفتوح وهادئ، مع بعض الرفاق في حزب التقدم والاشتراكية، الذين لا زلنا نكن لهم التقدير والاحترام، لا لشيء سوى لنزاهتهم وإخلاصهم في النضال من أجل هذا الوطن وهؤلاء المواطنين والمواطنات، حول قضايا تهم بالأساس التأهيل الحزبي الذاتي عموما، والأزمة التنظيمية والسياسية لحزب التقدم والاشتراكية على وجه الخصوص، وتداعياتها على الفاعلين والمشهد السياسي والمصلحة الوطنية.
ونود التوجه إلى الرفيق سعيد السعدي، المجمد لعضويته بالديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، بالقول: قبل التوجه بقراءتك وتحليلك لسؤال التحالف مع حزب الأصالة والمعاصرة، وقبل الوصول إلى خلاصة تحذير حزبك من هذا التحالف، عليك البحث عن سبل الخروج بحزبك من مطبات الأزمات التنظيمية والسياسية، التي يتخبط فيها منذ زمن بعيد.
فلربما تعلق الأمر بوضعية حزب التقدم والاشتراكية المزرية، وتموقعه الرديء وسط مكونات الساحة السياسية، بل وبتنظيف بيته الداخلي من العديد من الممارسات والسلوكات المشينة، قبل أن يكون على صلة بأية مقاربة فكرية لموضوعات سياسية.
فحزب التقدم والاشتراكية الذي يقدم نفسه للمواطنات والمواطنين المغاربة اليوم على أساس أنه حزب يساري، وريث الحزب الشيوعي المغربي الذي أسس سنة 1943، والذي قاده الراحل علي يعتة منذ سنة 1946 حتى وفاته، دون أدنى اعتبار للتناوب على قيادة الحزب، تخلى منذ زمن بعيد عن "النفس النضالي"، وما عاد يهتم سوى بالحصول على موقع داخل أي استحقاق انتخابي، وهو ما جعل منه حزبا انتخابويا بامتياز، ودفع بـ"الشيوعية" و"التحرر" و"التقدم" و"الاشتراكية" إلى مستنقع المفاهيم الغارقة في بحر من الدلالات البعيدة كل البعد عن الواقع وإشكالاته ومشاكله، فبالأحرى عن وضعية الحزب المهترئة والمتردية باستمرار، وهو ما أدى ـ في اعتقادنا ـ إلى المزيد من الغموض على مستوى هويته الفكرية ومبادئه وتوجهاته السياسية وأهدافه وأولوياته الاقتصادية والاجتماعية.
ففي الوقت الذي يوجد المغرب في وضعية تحول عميق، وهي الوضعية التي تحتاج إلى نخب سياسية قوية، وبرلمانيات وبرلمانيين حقيقيين يتوفرون على المؤهلات القكرية والسياسية والنضالية لمناقشة مشاكل الشعب واقتراح مشاريع القوانين ومراقبة عمل الحكومة بشكل جاد والاضطلاع بأدوارهم لتنشيط الحركية السياسية، وتحتاج إلى التعبئة لأجل المشاركة، وحمل المواطنات والمواطنين على التوجه إلى صناديق الاقتراع، وإقناعهم بالتصويت، يجد حزب التقدم والاشتراكية نفسه بعيدا عن مثل هذه الاهتمامات الأساسية، وغارقا في البحث بكل السبل ـ مع التركيز على "كل السبل" ـ عن "حظوظ" في الاستحقاقات المقبلة، لكي يشكل "قوة انتخابية" ولو بدون وزن في الخريطة السياسية.
فالحزب يدرك جيدا أن لا حظوظ له في مجال التنافس مع باقي الأحزاب، وبنياته التنظيمية أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها شاخت ولم تعد تقو على مجاراة إيقاعات التغيير المطلوبة في اللحظة السياسية الراهنة، والمشاكل التنظيمية تغرق العديد من المناطق الحضرية والقروية، ومشاكل التفاعل مع أعضاء الحزب ذاته ومع المواطنات والمواطنين في تفاقم مستمر، وإشعاع الحزب غائب على كل المستويات وفي كل الجهات والأقاليم، بسبب فقدان الارتباط بقضايا الفئات والشرائح الاجتماعية.
فالطرق والوسائل اللاديمقراطية التي عرفها المؤتمر الأخير للحزب، والعناصر المتسللة إلى قيادة الحزب التي لا تشرف العديد من المناضلين الذين هم محط تقدير واحترام، وأساليب الإقصاء الممنهج الذي يطال بعض المناضلين في قيادة الحزب، لا لشيء فقط لفسح المجال لبعض الأطراف كي تسعى إلى خدمة مصالحها الشخصية، ولترك الحزب كمرتع للانتهازيين واللاديمقراطيين الذين أصبح لهم أتباع وأنصار، كل هذا ما عاد خافيا على الرأي العام الوطني، وبه يكون حزب التقدم والاشتراكية مجرد حزب يبحث عن الحلول الانتهازية من قبيل استدراج الأعيان ومستعملي المال والمتلاعبين بأصوات الشعب.
فهل حزب التقدم والاشتراكية، برهانه على الكتلة، يهدف إلى تأميم هذه الممارسات والسلوكات على باقي مكوناتها الحزبية، التي لا ينقصها شيء من ذلك؟ أم أن الأمر مجرد ضحك على الذقون، طالما أن الاتفاق في مذكرات القوانين الانتخابية لم يحصل، وطالما أن بوادر إرادة راسخة في اتجاه الاتفاق غير ظاهرة للعيان، وطالما أن الكتلة قد تم نخرها بالصراعات الداخلية ذات الارتباط بالتموقع داخل الحكومات المتعاقبة، وطالما بقيت هذه الكتلة هيئة فوقية لا امتداد لها في الشارع، وطالما ظلت هذه الكتلة رهينة الحسابات والنزاعات المصلحية الحزبية الضيقة؟
ربما كان على الرفيق سعيد السعدي أن يقوم بعكس ما قام به في حواره الأخير، وحذر حزب الأصالة والمعاصرة من التحالف مع حزبه، الحزب الذي استفاد فعلا ولمدة طويلة من دعم الإدارة والدولة، وهو ما يفسر تواجده المسترسل في العمل الحكومي، على الرغم من كونه غير مرغوب فيه كحزب من طرف الشعب المغربي، هذا إن لم نقل بكونه حزبا مغمورا لا يعرفه الناس حتى. بل وسيكون من باب الأخطاء الفادحة التحالف مع حزب التقدم والاشتراكية، وهو الحزب الذي تعرض أمينه العام نبيل بنعبد الله لأشد أنواع الطرد من قبل المواطنات والمواطنين في اللقاءات التواصلية إبان حملة الاستفتاء على الدستور.
المؤكد هو أن حزب التقدم والاشتراكية لا يمتلك الآليات الديمقراطية لتسيير بنياته وهياكله التنظيمية، فبالأحرى أن يكون مساهما في تنزيل روح الدستور الجديد، أو تقديم برنامج أو رؤية قائمة على الواقعية والإبداع لتفعيل مضامينه، ويفتقر إلى نخبة قادرة على استيعاب متغيرات هذه المرحلة، ولا يتقن سوى السلوكات الانتهازية والانتخابوية الضيقة، وبالتالي يستحيل عليه في ظل كل هذا القطع مع سياسة البحث عن الأعيان لاقتسام الغنائم الانتخابية.
وهو ما يجعل ـ في نظرنا ـ حزب التقدم والاشتراكية على الدوام في وضعية غياب الحس والتفكير في المصلحة العليا للوطن وتأهيل مؤسساته العمومية، وفي وضعية الوقوف في وجه الأطر المناضلة القادرة على تحمل المسؤولية وتعبئة الشعب.
وبلغة أخرى، بدل ركوب موجة توجيه الاهتمام إلى حزب الأصالة والمعاصرة، الذي يشق طريقه في اتجاه تنزيل مبادئه وتوجهاته بمرونة ويسر، وتحقيق أهدافه وأولوياته بتدرج ونجاعة على أرض واقع عبثت فيه العديد من الأحزاب، وكان لحزب التقدم والاشتراكية نصيبه من هذا العبث بانتهازيته السياسية، بدلا من كل ذلك كان الأمر يتطلب من هذا الحزب "الشيوعي" أو "الاشتراكي" الالتفات إلى ضرورة القيام بثورة داخلية، لأنه غير مهيأ للعب أي دور من الأدوار المنوطة حقيقة بالأحزاب السياسية المغربية في هذه الظرفية.
صحيح أن بلادنا عانت من ويلات نتائج الانتخابات المخدومة لفترات طويلة وممتدة، والمؤكد أن حزب التقدم والاشتراكية كان بين المستفيدين منها بقدر ما استطاع إلى ذلك سبيلا، في فترات محددة ومعلومة، لذلك فحزب الأصالة والمعاصرة يمثل اليوم صرخة الأجيال الصاعدة التي لن تقبل في القادم من استحقاقات أن تكون انتخاباتنا على هذه الشاكلة، ولا أن تكون أحزابنا متسمة بهذا القدر العالي من الانتهازية المبنية على الاستفادة من الأوضاع المختلة لغير صالح الفئات والشرائح الاجتماعية المتضررة.
لذلك، كان من الواجب التنبيه إلى أن السياسات الانتهازية المتبعة من بعض الأحزاب، على شاكلة حزب التقدم والاشتراكية، التي يتم تبنيها واعتمادها في التعاطي مع تحديات البلاد وإكراهاتها، ما عاد لها مكان في الحقل السياسي المغربي الحالي، المنشغل أساسا بتحقيق حد أدنى من الإنصاف عبر اتباع سياسات عمومية موجهة إلى الفئات الاقتصادية والاجتماعية المحرومة، وليس الفئات الميسورة التي يتهافت عليها حزب التقدم والاشتراكية بهدف تأمين موقع سياسي في الاستحقاقات المقبلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة