الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على ضفتي البلطيق عاصمتان للثقافة الاوروبية عام 2011

جمال الخرسان

2011 / 8 / 24
الادب والفن


على ضفتي البلطيق عاصمتان للثقافة الاوروبية عام 2011


منذ عام 1985 دأب الاتحاد الاوروبي سنويا على اختيار مدينة او اكثر على انها (عاصمة الثقافة الاوروبية ) وللعام 2011 وقع الاختيار على مدينة تالّين عاصمة استونيا بالمناصفة مع مدينة توركو الفنلندية. ومن أجل الاقتراب اكثر من ملامح وهوية ونشاطات هاتين المدينتين تأتي هذه الوقفة.

مدينة تالّين
العاصمة الاستونية تالّين ولانها كانت تعاني كثيرا من إسقاطات واعباء المرحلة السوفيتية فإنها انتظرت هذه الفرصة التاريخية بفارغ الصبر، وارادت اظهار نفسها للعالم في عام 2011 بثقافة وحلة مختلفة، وهو ذات العام الذي انضمت فيه استونيا لمنطقة اليورو بعد قرابة سبعة اعوام من دخولها في منظومة الاتحاد الاوروبي وذلك في عام 2004.
تالين مدينة صغيرة بمساحة 45.226 كم مربع، يصل تعداد نفوسها لقرابة الاربعمائة الف نسمة اي ثلث سكان البلاد، كما تعد اكبر مدن استونيا. إن تالّين مدينة في مدينتين، فهناك المدينة القديمة بابراجها التاريخية وبناياتها التي تمتد للقرون الوسطى وتؤرخ لفترة الاحتلالات المتعاقبة على استونيا من الاحتلال الدانماركي، السويدي، الألماني ثم السوفيتي. حيث ان كلاً من تلك الحقب ترك وراءه أثرا معماريا هناك. والجزء الاخر الاكثر معاصرة في تالين هي المدينة الجديدة التي ارسيت دعائمها منذ بداية التسعينات واصبحت مبانيها الشاهقة متوهجة مضيئة بابراجها الزجاجية التي تتلألأ فيها ليلا ونهارا مياه البلطيق.
كانت المدينة تعاني من عبء المرحلة السوفيتية حتى بداية التسعينات ولكنها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي دخلت عوالم ارحب واحتضنها الاتحاد الاوروبي كما احتضنها جيرانها الاسكندنافيون. وبما ان المدينة مطلة بشكل ساحر على خليج فنلندا الذي يمثل امتدادا طبيعيا لبحر البلطيق فقد استوحت تالّين من ذلك شعارها الاساسي لمناسبة اختيارها عاصمة ثقافية للاتحاد الاوروبي عام 2011 حيث كان شعار المدينة ( حكايات على البحر ).
في هذه المناسبة فأن المدينة حرصت على تقديم وجبات ثقافية وفنية، دسمة جدا، كما للتاريخ فيها مساحة مفتوحة من خلال معالمها المعمارية القديمة او حتلا مابني فيها من غواصات.
وفي سياق الفعاليات الثقافية لعام 2011 افتتح على ساحل البحر متحف جميل للاحياء المائية، والمشروع عموما يقع في اطار فكرة ( الكيلو متر الثقافي ) على شواطيء تالّين حيث تم تحويل بعض المباني القديمة هناك بما في ذلك بعض السجون الى مسارح موسيقية، وكذلك بنيت معالم فنية وثقافية وعلمية توفر للزائر متعة النزهة على شاطيء البحر والتزود بالثقافة في آن واحد. الملفت جدا ان تلك الفعاليات وهذا الحضور الثقافي الدولي هو لعاصمة دولة لم تنل استقلالها من روسيا الا عام 1990 ولم تنضم للامم المتحدة الا في عام 1992!

مدينة توروكو
على بعد حوالي 200 كم من العاصمة الاستونية تالّين تقع في الضفة الاخرى لخليج فنلندا مدينة توركو الفنلندية التي تعتبر هي الاخرى (عاصمة الاتحاد الاوروبي لعام 2011). توركو هي الاكثر عراقة بين المدن الفنلندية وكانت عاصمة فنلندا حتى مطلع القرن التاسع عشر اي في فترة الاحتلال السويدي الذي استمر لاكثر من ستمائة عام، كما انها تعد ثالث اكبر المدن مساحة واهمية بعد العاصمة هلسنكي ومنطقة تامبيرا. يصل عدد نفوسها الى قرابة 200 الف نسمة. موقعها الجغرافي واقع في اقصى جنوب غرب فنلندا عند مصب نهر اورا الذي يشق المدينة الى نصفين وتستقر فوقه تسعة جسور بنيت في مراحل تاريخية مختلفة، ينتشر حول المدينة ارخبيل ساحر من الجزر الخضراء يتشكل من قرابة العشرين الف جزيرة.
ان مدينة توركو تعتبر حاضرة ثقافية وتاريخية وصناعية ايضا اذ بنيت في مسافن هذه المدينة واحواضها العديد من السفن الضخمة في العالم ومنها سفينة واحة البحار التي تعتبر أكبر سفينة سياحية في العالم كما في هذه المدينة بني ايضا اليخت الفاخر لصدام حسين في بداية الثمانينات والمسمى بـ ( المنصور).
استعدت توركو لهذا العام بشكل جيد حيث بدأت منذ عام 2008 اي بعد عام من اخيتارها عاصمة للثقافة الاوروبية بدأت في ارساء مشروع ثقافي استراتيجي يمتد حتى عام 2016. كان احد ثماره مجمع لوغومو الثقافي وهو المكان الرئيسي لاكثر العروض والنشاطات الثقافية والفنية، ومن المفترض ان ينظم فيه على مدار العام نحو 150 حدثاً ثقافياً على الاقل. وتهدف إلى تسليط الضوء على الثقافة والفنون الفنلندية بشكل خاص والاوروبية بشكل عام.
وعلى هامش فعاليات توركو الثقافية والفنية سيكرم المهندس المعماري والمصمم الشهير ألفار آلتو (1898-1976) وهو من ابناء المدينة.

شعار المدينة الذي أكسبها اللقب ( الثقافة هي الصحة ) ملفت جدا للانظار واثار العديد من التساؤلات لكن القائمين على الفعاليات الثقافية يصرون على عمق وصحة ذلك الشعار ويقولون بأن: ( رسالتنا الأولى هي أن الثقافة تشفي. إنها مفيدة للشعب والبيئة، ومن اجل تطبيق ذلك الشعار بشكل عملي، سيقوم أطباء في مستوصفات المدينة بعد معاينتهم المرضى بكتابة وصفات طبية للمرضى، تمكنهم من حضور مختلف النشاطات الثقافية والفنية بشكل مجاني ).
الاتحاد الاوروبي اختار المدينتين لانهما تنتميان الى بيئة ثقافية واحدة وكان يهدف الى تسليط الضوء على ثقافة البلدان المتشاطئة على بحر البلطيق، ان المدينتين نتاج التقاء الثقافة الاسكندنافية بما يفد من محيط المنطقة الروسية. كما ان اللغتين الفنلندية والإستونية ينتميان إلى مجموعة لغوية واحدة هي المجموعة الفينية-الأجرية. وإضافة الى جميع ما تقدم فان المدينتين يشتركان في صفة ملفتة للنظر وهي انهما لايعرفان سواد الليل صيفا بأي شكل من الاشكال.
جمال الخرسان
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال