الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دول الموجة الثانية فرص الديمقراطية فيها أكبر

أحمد حسنين الحسنية

2011 / 8 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


أي حدث ، خاصة عندما يطول ذلك الحدث ، يمكن تقسيمه لمراحل ، و ربيع العرب الديمقراطي مر عليه حتى الآن عدة شهور ، و نهايته لا تلوح في الأفق .
حتى هذا اليوم ، أرى إنه بالإمكان تقسيم ربيع العرب إلى موجتين ، معتمداً في تقسيمي هذا على تاريخ وصول كل شعب شارك في ربيع العرب إلى مرحلة أكثر تقدماً ديمقراطياً عن سابقتها ، و متجاهلاً تاريخ بدأ النضال .
الموجة الأولى تضم تونس ، و مصر .
في هذه الموجة يمكن أن نلحظ تشابهاً كبيراً بين ثورتي تونس ، و مصر ، خاصة في الإسلوب ، و في النتائج .
تونس هي رائدة ربيع العرب ، لا جدال في ذلك ، و نجاح الشعب التونسي في الإطاحة بزين العابدين بن علي ، هو الذي دشن ربيع العرب ، و هذه الحقيقة تطرح بقوة سؤال جانبي ، مهم من الناحية التاريخية النظرية فقط ، و هو :
هل بدأ ربيع العرب في الرابع عشر من يناير 2011 ، أم مع بداية الأحداث التي توالت حتى أطاحت بزين العابدين بن علي ؟؟؟
أعتقد أن الإجابة هي : الرابع عشر من يناير 2011 ، فلولا سقوط بن علي ما كان ليكون هناك ربيع للعرب هذا العام .
تونس كانت البداية ، و مصر هي التي أكدت ربيع العرب ، و دفعت به للأمام ، بوزنها السكاني ، و مكانتها التاريخية و الثقافية بين العرب ، و بشهرة الشخصية التي أطاح شعبها بها .
إسلوب الإحتجاج كان أيضاً متشابه في هذه الموجة ، و سقوط الطاغيتين ، التونسي ، و المصري ، كان متشابه - إلى حد ما - في الإسلوب .
النتائج أيضاًَ كانت متشابهة في إحباطاتها ، و السبب هو إنه لم يحدث في الدولتين إسقاط كامل للنظامين الإستبداديين .
سقط رأسي النظامين في كل من تونس و مصر ، و معهما أسرتيهما ، و بعض الشخصيات ، و لكن لم يسقط النظامان بالكامل ، بل ظلا هما الممسكين بالسلطة في البلدين ، و هما من يرسمان خطوط العملية السياسية المستقبلية لهذه اللحظة ، و هذا في حد ذاته فشل ديمقراطي بالتأكيد .
التحول للديمقراطية لم يكتمل في كل من تونس ، و مصر ، هذه هي خلاصة وصف نتائج الموجة الأولى .
الموجة الثانية تضم بالتأكيد ليبيا ، التي يمكن القول اليوم إنها أطاحت بنظام القذافي ، و مرشح للإنضمام لهذه الموجة كل من سوريا ، و اليمن .
هنا أيضا هناك تشابه في طبيعة الثورات في تلك البلدان الثلاثة من حيث القمع الدموي الذي قوبلت به الإحتجاجات السلمية ، مع إختلاف في رد الفعل الشعبي تجاه هذا القمع الدموي ، و الذي تراوح بين مواجهته بالسلاح كما في ليبيا ، و الإستمرار في الإلتزام بشكل عام بالنهج السلمي كما في سوريا ، و التراوح بين النهجين كما في اليمن .
نتائج الموجة الثانية لازالت فعلياً في علم الغيب ، فالنظام الليبي سقط بالأمس فقط ، و في كل من سوريا و اليمن ، لازال النظامين الإستبداديين قائمين ، و لكن لا مانع من محاولة إستشفافها .
أعتقد أن دول الموجة الثانية ، أو الموجة الحمراء ، إن تمتعت بالإستقرار السياسي ، و الأمني ، بعد نجاح ثوراتها ، سوف تكون فرصة تمتع شعوبها بالديمقراطية الحقيقية ، أكبر من دول الموجة الأولى .
السبب في ذلك أن القمع الدموي الذي شهدته شعوب تلك الدول قد قطع كل الخيوط بين شعوب تلك الموجة ، و النخب الحاكمة في دول تلك الموجة ، و دمر بالتالي كل فرص النخب الحاكمة في تلك البلدان للبقاء على قمة السلطة بعد نجاح الثورات ، أو حتى المشاركة في السلطة .
ما يمكن أن يحلم به أعضاء النخب الحاكمة - الذين لم تتلطخ أياديهم بدماء شعوبهم - في بلدان الموجة الثانية ، أو الموجة الحمراء ، بعد نجاح الثورات ، هو تركهم لحالهم ، و الإكتفاء بحرمانهم من العمل السياسي ، و أقصى ما يتمنونه هو السماح لهم - من موقع التفضل - بالمشاركة في الحياة السياسية ، و بالتأكيد سيكون دورهم فيها هامشي للغاية .
دول الموجة الثانية لن تسمح شعوبها لنخب القمع أن ترسم مستقبلها ، بعكس ما حدث في دولتي الموجة الأولى ، و هذا هو مفتاح الإختلاف في النتائج .
الشعب الذي يسمح لأعداء الديمقراطية في بلده برسم معالم الحياة السياسية ، و التحكم في العملية السياسية برمتها ، بعد ثورته ، لا يمكن أن يتمتع بديمقراطية حقيقية ، و أقصى ما يمكن أن يتمتع به هو مزيد من مظاهر الديمقراطية عن ذي قبل ، و بعض التحسن في ميدان حقوق الإنسان ، ليس أكثر .
تونس لها الريادة ، و مصر لها فضل التأكيد ، و لكنهما لن يتمتعا - لو إستمرت الأوضاع فيهما كما هي الآن - بنفس درجة الديمقراطية التي ستتمتع بها دول الموجة الثانية ، شريطة تمتع دول الموجة الثانية بالإستقرارين ، السياسي ، و الأمني .

24-08-2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا