الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني الدكتور خالد حدادة في إفتتاح الندوة الدولية طرابلس ـ الرابطة الثقافية

الحزب الشيوعي اللبناني

2004 / 11 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


أيتها الصديقات والرفيقات،
أيها الأصدقاء والرفاق،

اسمحوا لي في بداية ان ارحب بكم جميعاً، رفاقاً واصدقاء لبنانيين، جاؤوا للمساهمة معنا في انجاح هذه الندوة رفاقاً ممثلين للأحزاب اليسارية الشيوعية والاشتراكية العالمية، العربية واللبنانية، يجمعنا معهم الكثير من الافكار والآراء وبشكل خاص ممن يجمعنا معهم هم البحث والنضال المشتركين، تتفاعل معهما آراؤنا لتوليد حالة عربية، أوروبية وعالمية تأخذ على عاتقها مهمة "المحاولة" محاولة الخروج من ظلام تفرضه على العالم أكثر الافكار ظلامية، ومحاولة التصدي لآلات الدمار تتسلح بها قوى الظلام العالمي هذه، تفتك بشعوب العالم تدمر ثرواته وتراثه وتروض حكامه أو تحكم عليهم بالخروج من ملكوت الطاعة الى عالم الشيطان.

إن هذه الندوة تتم في ظروف، تكتمل فيها الصورة الأميركية للعولمة بأبشع ما يمكن ان تأخذه العلاقات بين دول وشعوب العالم، صورة التشكيلات البشرية الأولى بأبشع مظاهرها، سيد يحمل سوطاً، يوجه به العبيد، وهم يئنون مرضاً وجوعاً. الفرق الوحيد، ان السيد الجديد استبدل السوط بقاذفات الصواريخ وبأن السيد القديم كان يقدم بعض فضلاته لعبيده بينما السيد الجديد يقتل العبد حتى لايشاركه الفضلات.



نعم ايها الرفاق والاصدقاء،

إن "الفلوجة" اليوم تقدم الصورة الأوضح لمعنى المشروع الأميركي للمنطقة، لمعنى فهم جورج بوش وإدارته للعلاقات الدولية، ولعل في صورة بيوت الفلوجة ودمارها، في صوره، ابنائها الرد الواضح على كل إدعاءات المحتل الأميركي، وعلى اوهام المتدمقرطين من العرب وبعضهم من أيتام اليسار. إن "الديمقراطية" التي بشر بها جورج بوش العالم اصبحت مكتملة العناصر اليوم:

- مصادرة للثروة العراقية واشراف مباشر على البترول والغاز.

- مصادرة لقرار الأمم المتحدة وبنيتها وصولاً لأعتقال حتى عناصر الحكم الذين كلفهم تحمل الاثمان عنه وآخر مظاهرها اعتقال نائب رئيس المجلس الوطني المعين باشراف الحاكم الأميركي فقط لأنه اعترض على التوقيت وليس على مبدأ احتلال الفلوجة وتدميرها ونضع هذه الواقعة برسم من يعتقد بان الاميركي سيعيد السيادة الى لبنان.

- قوانين الغاب "قوانين بوش ورايس" بديلاً عن القوانين الدولية وحضارة أبو غريب وقتل الجرحى بديلاً عن القيم الإنسانية.



أيها الرفاق والاصدقاء

إن ما يجري في العراق، جرى ويجري في فلسطين واستكمل بالشراكة الاميركية ـ الاسرائيلية، الكاملة، حصاراً حتى الموت على الرئيس الفلسطيني المنتخب وتدميراً لقطاع غزة قبل الانسحاب المفترض منه، ومحاولة لوضع الشعب الفلسطيني وقيادته امام خيار الاستسلام الكامل او الحرب الأهلية.

بإختصار إنها رائحة سايكس ـ بيكو جديد تفوح في العالم العربي، وهذه المرة برأس واحد هو الولايات المتحدة الأميركية وبعض المساعدين، المشاركين في التفاصيل من الدول التي ارتضت ان تكون غطاء للمشروع الأميركي مقابل حصة قليلة من النفط وعائداته يستكملها الأميركي على حساب شعوب العالم من آسيا وأفريقيا الى أوروبا وحتى أميركا وبشكل خاص اميركا اللاتينية التي تجر محاولة خنق ارادة شعوبها عبر حصار كوبا وعبر محاولة اجهاض الحالات الديمقراطية في فنزويلا والبرازيل وغيرها.

وحكام المنطقة تنوعت ردود فعلهم ضمن دائرة الالتحاق بالمشروع الاميركي بمعظمهم، منهم من كان اساساً ضمن هذا المشروع ملوكاً ورؤساء ملوك، ومنهم من اتبع سياسة الاستسلام الاستباقي.

إن المشروع الأميركي لم يترك خياراً لأحد، إما المقاومة ودفع الثمن أو الاستسلام ودفع الثمن ولذلك فإن اليسار العربي اليوم مدعو لوقفة جدية امام التحديات الراهنة في العالم العربي، بعيداً عن اوهام التغيير بواسطة الأميركي او عن المراهنة على الأنظمة وبعيداً عن الأكتفاء بالوصف والتفجع ونظم البكائيات.

لم يعد مجدياً أيها الرفاق أن نعدد اهداف الهجمة الأميركية ونحدد سلبيات من يتصدى لها اليوم بأشكال بشعة تعطيها دفعاً. لم يعد كافياً ان نقول إن المقاومة لا يجب ان تكون بدون مشروع ولا يجب ان تمارس اعمالاً ارهابية و.... إن كل ذلك صحيح وقد اكدنا مراراً ان علينا ان لا نرض بان يدفعنا احد الى الخيار بين سياستين متكاملتين بوش وبن لادن او الى الخيار الذي يفضل طرحه بعض مثقفي اليسار إما تأييد الأنظمة او الاستفادة من الريح الخارجية في خلعها فها هي الريح الخارجية تخلع الانظمة والباب والحجر وتقتل البشر وتصادر الثروة. وتمنع آليات التغيير الديمقراطي فيستكمل العلاوي اليوم ما بدأه صدام حسين. وبأبشع الصور الممكنة وتبقي الأنظمة القمعية ملوكاً واشباه الملوك، تتعامل معها.

إن اليسار العربي اليوم مدعو لإعادة تحديد وظيفته بشكل ايجابي، من ضمن منطق المقاومة الشعبية للأحتلال بكافة اشكالها ومن ضمن إطار مشروع واضح للتغيير الديمقراطي اقترح مؤتمرنا الوطني التاسع اربعة اسس لها:



أ?. مقاومة الاحتلال الاميركي والاسرائيلي والذي اصبح يمتد على اغلب مساحة العالم العربي مباشرة او بشكل انتداب غير مباشر.

ب?. النضال من اجل التغيير والديمقراطية والمشاركة الشعبية، هذه الديمقراطية وهذه المشاركة الشعبية هي التي ميزت تحرير لبنان والانتفاضة الفلسطينية.

ج. التنمية الأقتصادية الأجتماعية المتكاملة والمرتبطة بتحرير الثروة العربية.

د. إعادة الإعتبار الى شعار الوحدة العربية بعد صياغة جديدة لمحتواه ومستلزماته، ومراجعة نقدية للتجارب المسيئة السابقة وللعلاقات البين عربية المتسمة حتى الآن بالألحاق وانعدام الثقة.

أيها الرفاق والأصدقاء،

إن المشروع الأميركي في منطقتنا يطال إضافة الى شعوبها، العالم بأسره وأوروبا بشكل خاص، فيغرقها من خلال التحكم النقدي ومن خلال السيطرة على النفط والتحكم بأسعاره، بمشاكل إقتصادية تنعكس بشكل واضح على الإستقرار الإجتماعي لشعوبها ويجعل استقلال قرارها السياسي موضع تساؤل فعلي.

نحن اليوم جميعاً مدعوين كيسار عربي وأوروبي الى إعادة تحديد أهداف إتفاقيات الشراكة الأورو ـ متوسطية، وإعادة آليات الشراكة بمضمونها الشعبي أساساً من خلال إعطاء دور أكبر للمؤسسات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والقوى النقابية بشكل خاص.



أيها الحفل الكريم،

إن لبنان، يتعرض مثل كل بلدان المنطقة للهجمة الأميركية ذاتها، مضافاً لها تعقيدات وضعه الداخلي والناتجة أساساً عن بنية نظامه وعن طبيعة التحالف الطبقي الطائفي الممسك بزمام الأمور فيه منذ بداية القرن الماضي ودائماً بمساعدة الخارج، المتغير تبعاً لموازين القوى العالمية والإقليمية والمتعامل باستمرار مع أطراف هذا التحالف والضحية دائماً كان مستقبل لبنان الوطن والشعب.

إن الولايات المتحدة الأميركية، مستفيدة من مستجدات الوضع في المنطقة ومن سيطرتها على قرار الجزء الأساسي من الدول المكونة لمجلس الأمن، وبسبب من ضعف التنسيق العربي ـ الأوروبي وبذريعة قرار التمديد لرئيس الجمهورية، استطاعت تعميم خطتها المقرة في الكونغرس، تحت شعار "قانون محاسبة سوريا" وكتابته بصيغة دولية تحت عنوان القرار 1559. هذا القرار الأميركي الصنع والدولي التعليب يشكل في مضمونه ملاقاة لأهداف أميركا واسرائيل ومدخلاً لوضع اليد الأميركية في الداخل اللبناني.

لقد وقف حزبنا ضد التمديد لرئيس الجمهورية كجزء من رفضه للتمديد لعناصر الأزمة السياسية، الإقتصادية في لبنان، واعتبر هذه الخطوة خطوة غير ديمقراطية ولا تساهم في إخراج البلد من أزمته. ولكن ذلك لا يعني أن هذا القرار أخذ خارج ما يتيحه الدستور اللبناني ذاته، فالتعديل الذي أدى للتمديد هو ذاته الذي استخدم سابقاً من أجل التمديد لرئيس الجمهورية السابق وبمباركة من الولايات المتحدة الأميركية وبفرح كبير من الرئيس شيراك وحلفاؤه في لبنان.

ولذلك فإن القرار الدولي لا يمكن النظر له إلا في إطار الخطة الأميركية ذاتها التي طوعت المؤسسات الدولية لصالح مشروعها مما يطرح أمام كل قوى التقدم والديمقراطية ضرورة البحث الجدي في إستعادة إستقلالية هذه المؤسسات.

إن علاقة الدولة في لبنان مع المقاومة اللبنانية هي شأن داخلي لبناني نبحثه القوى السياسية اللبنانية، وكذلك مسألة العلاقات اللبنانية ـ السورية التي كان حزبنا من أوائل الذين دعوا لإعادة تنظيمها وتصحيحها هي كذلك شأن خاص باللبنانيين والسوريين، أما موضوع المخيمات فيظهر قمة الإنحياز الأميركي، إذ يغض المجتمع الدولي نظره عن تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة بحق عودة اللاجئين والفلسطينيين ليتدخل في شأن تنظيم وضعهم داخل لبنان والذي هو أيضاً شأن داخلي لبناني، ندعوا الدولة اللبنانية للإهتمام به بدءاً من حق اللاجئين بشكل مؤقت في لبنان بالعيش بصورة كريمة وإنسانية.

إن هذا القرار إن كان له أي دور، هو فقط تعزيز قدرة الولايات المتحدة على التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية ومحاولة اللعب بمصير الوطن وأهله وتفجير بعض نقاط الضعف في بنية النظام اللبناني، لوضع المراهنات على التدخل الأميركي مقابل الخلل في العلاقة اللبنانية ـ السورية، وهذا ما نراه اليوم من الحركة المهيمنة والعدوانية للسفير الأميركي في لبنان، والذي يبدو أنه معجب جداً بزميله "برايمر" متناسياً أن الشعب اللبناني استطاع وبفضل مقاومته الوطنية تحرير معظم أرضه دون مفاوضات مع الإحتلال الإسرائيلي، وأنه مستعد اليوم لتحمل موجبات التصدي للهجمة الأميركية بأشكالها الجديدة في الوقت عينه الذي يناضل فيه من أجل وطن ديمقراطي عربي، مستقل وموحد وتسوده العدالة الإجتماعية.



أيها الرفاق،

إننا وفي إفتتاح هذه الندوة، نتمنى عليكم جميعاً التضامن معنا، من أجل إستعادة القسم المتبقي من أرضنا المحتلة مزارع شبعا وبإستعادة أسرانا وفي مقدمتهم سمير القنطار وكذلك في الأصرار على حق العودة للفلسطينيين والتضامن مع قضيتهم وبناء دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس وكذلك لتحرير العراق من المحتل الأميركي ـ البريطاني وتمكين شعبه من بناء عراق موحد ديمقراطي مستقل، وكذلك التضامن معنا، عبر تعطيل مفاعيل الهجمة الأميركية المتلبسة اليوم القرار الدولي 1559، دون أن ننسى توجيه الشكر للرفاق في الحزب الشيوعي الفرنسي ولأمينه العام الرفيقة ماري جورج بوفيه في محاولتها الحد من اندفاعة الحكومة الفرنسية وراء الخطة الأميركية تجاه لبنان، داعين مختلف القوى لتمتين أواصر التضامن بين شعوبنا على قاعدة التصدي، للوحش الأصلي المتمثل بخطة الإدارة الأميركية والوحوش الرديفة له والتي تعطيه الحجة تحت شعار محاربة الإرهاب.


وفي النهاية نشكر لكم مجدداً هذا الحضور

متمنين لكم طيب الإقامة معتذرين عن بعض

التقصير وملؤنا الثقة بما ستقدمونه خلال أعمال هذه الندوة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصة نجاح حلوانية سورية بمدينة غازي عنتاب التركية | عينٌ على


.. إسرائيل ترسل مجددا دبابات إلى شمال قطاع غزة وتزيد الضغط العس




.. السودان: سقوط 27 قتيلا واستخدام - أسلحة ثقيلة- في معارك الفا


.. مصر: التنمر الإلكتروني.. هل تكفي القوانين لردعه؟ • فرانس 24




.. رئيس الوزراء اليوناني في أنقرة في زيارة -حسن جوار-