الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استقبال....

وديع العبيدي

2011 / 8 / 24
الادب والفن


منذُ يومِ أمسٍ وَأنا أشعُرُ بشيءٍ غيرِ معتادٍ في حَياتي.. رَاجعتُ كلَّ مُتعلّقاتي وَرَاقبتُ الأشياءَ كمَا لو أوَّلَ مرَة.. لمء أحصلْ على إجابةٍ.. وَالشعورُ ما زال هُنا.. جَلستُ في رُكنٍ.. ألقيتُ نفسي عَلى مَصْطَبةِ (*) وَسَلّمتُ نفسي لِتخيّلاتي وَهواجسي.. مرَّ زمنٌ طويلٌ.. حينَ انتبهتُ ثانيةً بَدا كأنَّ شيئاً لم يحدُثْ.. لا أعرفُ كم مَضى عليَّ هُنا.. وَمنذُ مَتى وَهذِهِ الأشياءُ المُحيطةُ بي تحيطُ بي.. لكنني لا أفكرُ في الأمرِ.. يُقلقني هَذا الشعورُ.. بالأحْرى يبعثُ فيَّ شُعوراً لذيذاً. يَبدو أنَّ ثمةَ شيئاً يتغيَّرُ.. هُنا.. هُنا.. لا هُنا.. شيءٌ مِن هُنا إلى هُنا.. لا.. مِن هُنا إلى هُناك.. أيْضاً.. شيءٌ هُنا وهُناك.. لا هُنا وَلا هُناك.. اختفى الاحْساسُ وَطمّتني سحابةُ خيبةٍ مُفاجئة.. كأنّها كانتْ قديمة وَلم أشعرْ بها مِن قبلُ.. كيفَ لمْ أشعرْ بهَا غيرَ الآنَ.. ربَّما ليْستْ سَحابة أوْ كآبة أو لَستُ أنا.. رُبّما شيءٌ آخرُ.. تظهَرُ أمامَ عيني.. وَاحدةٌ مِن عينيَّ فقط.. لَيستْ كلّ العَين.. نقطة مُحدّدة فيها.. تبرُزُ فيها نقطة.. نقطة صغيرة جدّا وَسوداءُ.. لَيستْ سوداءَ وَلكنها نقطة.. بيضاءُ أو حمراءُ أو زرقاءُ أو خضراءُ.. خرجَتِ النقطةُ من عيني. صَارتْ تكبرُ.. جاءتْ من خارج وَدخلتْ عيني وَصارتْ تكبرُ.. نقطةٌ سوداءُ.. بيضاءُ.. زرقاءُ خضراءُ.. صفراءُ شهباءُ.. صلعاءُ فرعاءُ.. قرعاءُ.. لا.. هيَ بِلا لونٍ أوْ شكلٍ.. في داخلي شيءٌ يكبرُ.. يكبرُ.. نبضٌ يدقّ.. ايقاعٌ يتعَالى.. رتمٌ.. نبرٌ.. نقرٌ.. حفرٌ.. دقّ دقّ داق.. تاق تق طق طاق.. طققق.. يَدايَ تحيطانِ برأسي.. تتلمّسانِ جسَدي.. أعْضائي.. هَل أنتَ عَلى مَا يُرام.. هل أنتَ على ما يَريمُ.. هلْ أنتَ عَلى.. أو في.. أو من.. أو فوق.. أو تحت.. مَا تريمُ.. أنتَ أمْ هيَ أمْ هوَ.. هَلْ يوجدُ أحدٌ هُنا.. هُناكَ.. في أيِّ مَكانٍ أوْ زمانٍ.. هَلْ أنتَ هوَ.. هيَ.. هُنا.. مَن.. أنت أمْ أنا.. أنا لا أدْري.. وأنتَ؟.. أنا أيْضاً لا أدْ..ري.. أعتقدُ أنا لستُ هُنا.. وَلا أنا.. آخرونَ.. آخرونَ كانُوا.. قبلَ هَذا الوَقتِ.. كانُوا رُبَّما.. لَكنْ ليسَ الآنَ.. وَلا هًنا.. إششششش.. (هوَ).. (هُنا)..هو.. هه.. إشش!.
*
الذراعُ التي لَصْقَ ذراعي كانتْ هُنا منذُ زمنٍ بَعيدٍ.. منذُ البدءِ.. بَدء.. أيَّ بَدء.. لا أدْري.. رُبَّما بَدء سماعِ الصّوتِ.. صوت.. أيّ صوت.. هلْ يوجدُ صوتٌ.. صوتٌ مسمُوعٌ.. أنا لا أسْمعُ..
(DOYOULIKEHAVESOMEREFRESHMENTSIR!)
خمسَة أذرع.. في الصّورةِ خمسةُُ أذرُع.. سوفَ تكونُ لي خمسةُ أذرع.. هيَ موجودةٌ وَلكنّي لا أرَاها.. لا أستطيعُ أنْ أراها.. لا أستطيعُ أن أرَى.. نفيشي.. هلْ للنفسِ كتلةٌ أوْ هيئةٌ.. هل الهيئةُ جسدٌ أوْ جبلٌ أمْ كومةٌ منْ ترابٍ.. نفيش.. نفيشيم.. فراغٌ.. فراغٌ.. النقطةُ تكبرُ داخلَ رأسي.. لقدْ ولدَ كونٌ جديدٌ هذِهِ اللّحظةَ.. كونٌ جديدٌ جِدّا.. ثمةَ أطفالٌ يَركضونَ.. يقفزونَ.. يقفزونَ فقط.. لمّا زالوا لا يعرفونَ الرّكضَ.. العَدو.. العدو هَذا يعرفونَهُ عندَ الكِبرِ.. مَا زالوا أطفالاً.. أعتقدُ أنَّهم مَا زالوا في الفردوسِ.. نعم في الفردوسِ.. مثلَ آدم.. هُوَ أيضا كانَ في الفردوسِ وَهوَ صغيرٌ.. وَعندَما كبرَ أرسلوهُ لِلحربِ.. رُبَّما أرسلوهُ لِلخارجِ لِجلبِ (العيش)..
(يادلعاديهاتفضل باصصليكده والنهاريعديماتمشيتشوفلناحتةعيشناكلهاياضنايااااامشيغورفيستينداهياااااكَتكستيننيلاااااااا)
وَغارَ.. غارَ آدمُ في ستين نيله وستين داهيه.. غارَ غيرة واحدةً.. وَلمْ يعرفْ كيفَ يعود.. لا حوّاء أبلغَتْ قسمَ البوليس وَلا هُوَ عَرَفَ ينشرُ صورتهَ في المِيديا وَيعملُ لِوجههِ (كوبي) وَيلصقهُ عَلى أعمدةِ الضوءِ الخرْسانيةِ التي نسِيتها دولةُ روما ورَاءها عندَما غارتْ هِيَ الأخرى في ستين نيله وستين داهيه.. مَاذا لو استمرَّتِ الأذرعُ في النّموّ.. نُموّ.. تقصُدُ بِالطولِ أو بِالعرضِ.. بِالكمّ أو النّوعِ.. أيّ نُموّ وأيّ عَدَد..
(هواحنهناقصين)
يذهَبُ إلى (غوغل) وَيكتبُ رمزَ بوذا وَتظهرُ عَلى الفورِ صورٌ كثيرةٌ وَمعلوماتٌ لا تنتهي..
يوجَدُ أكثرُ من بوذا، بأيّ واحدٍ منها تؤمِنُ؟..
مَن هُو بوذا.. وَأكثرُ مِن بوذا.. أنَا أؤمنُ بأكثرِ مِن بوذا.. أنا لا أؤمنُ..
لا .. واحد فقط.. عَليكَ أنْ تؤمنَ بِواحدٍ فقط لِنعرِفَ كمْ ذراعٌ ستكونُ لَكَ..
وَهل لِبوذا ذراعٌ.. مَا عَلاقةُ بوذا بِذراع.. وَمَا عَلاقتي بِبوذا.. أنَا عندي ذِراعي.. عندي خمسةُ أذرعٍ..
لا.. واحد فقط..
ولكنْ محتمَلٌ أنَّ عمليَّةَ النّموّ مُستمرّة.. وَيهمّنا مَعرفةُ كم ذراعٍ ستكونُ لكَ..
ذراع.. مَن أنتُمو.. كيفَ دخلتَ عَلى الخطّّ.. مِن أينَ أتيتَ.. أعتقدتُ لا يوجدُ أحدٌ هُنا..
أنَا ليسَ أحداً.. وَليسَ هُنا.. أنَا هُوَ أنتَ..
أنتَ هوَ أنَا.. كيفَ هَذا.. أنَا غيرُ مَوجودٍ.. ليسَ هُنا..
ـ أغلق الخط!.
*
مينا تلعَبُ عَلى كتفي.. عَلى صَدْري.. تقول أحِبّ صَدْ..رك.. واسِعٌ مثلَ حديقةٍ.. منبسطٌ مثل هضبةٍ.. تتزحلقُ عَلى هَذِه الذراعِ وَقبلَ أنْ تصلَ إلى النهايةِ تقفزُ عَلى التي بِجنبِها.. أصابعُها تتلمَسّني مثلَ أجنحةِ فرَاشةٍ.. وَعِندَما تتزحْلقُ تدغدِغني.. تدغدِغُ نهاياتِ الشعيراتِ الحسيّةِ الملعونةِ تحتَ سطحِ الجلدِ.. أحاولُ تنويمَ تلكَ الشعيراتِ وَالاستسلامَ لِلنومِ.. مينا هِيَ طائرتي الورَقيَّةُ التي التفّتْ خُيوطُها عَلى رُوحي وَحملتني مَعَها.. عندَما تأتي مينا أغمِضُ عَيني ولا أريدُ أنْ أرى شيئاً خارجَ روحي.. لأنّها هيَ في روحي.. لا.. لا.. مينا.. ليسَ هنا.. هَذا يؤلمُ..ني.. هذِهِ الآلةُ غيرُ مثبتةٍ جيّداً وَتبدو مثلَ ورمٍ هُنا.. إإ.. أنَّها تؤلمُ يا حَبيَبتي.. عُودي إلى الذراعِ.. أيّ ذراع.. أيّ شيء.. وَلكنْ!.
*
والنموّ مستمرّ طبعاً!
..
لندن
الرابع والعشرون من أوغست
2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم الممر مميز ليه وعمل طفرة في صناعة السينما؟.. المؤرخ ال


.. بكاء الشاعر جمال بخيت وهو يروي حكاية ملهمة تجمع بين العسكرية




.. شوف الناقدة الفنية ماجدة موريس قالت إيه عن فيلم حكايات الغري


.. الشاعر محمد العسيري: -عدى النهار- كانت أكتر أغنية منتشرة بعد




.. تفاصيل هتعرفها لأول مرة عن أغنية -أنا على الربابة بغني- مع ا