الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موعدنا بعد العيد

ساطع راجي

2011 / 8 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


ليس هناك يوم محدد لما بعد العيد في سيل التأجيلات الذي دفع ملفات مهمة الى زمن مجهول، بل أن وصف "بعد العيد" هو من انتاج ماكنة التملص السياسي ومن ابتكارات العقل الكسول واخلاقيات الهرب الى المجهول، فماذا يعني كلام "بعد العيد"؟.
الساسة يريدون خلق فجوة زمنية تؤدي الى نسيان ما قبل العيد، وهذا الماقبل هو كم هائل من القضايا التي تؤجل مرارا وتكرارا بشتى الحجج والذرائع وكأن دفعها الى يوم آخر يعني التخلص منها على قاعدة المثل العراقي "اللي يعبر يوم يعبر سنة" وهو بالفعل آلية أساسية في ادارة البلاد منذ ثمان سنوات، فهاهي الايام والاسابيع والاشهر والسنوات تعبر والمعلق من شؤون البلاد والعباد يبقى معلقا، مرة بسبب العيد ومرة بسبب عاشوراء ومرات لاسباب مناخية وامنية وبيئية وعاطفية!!!، المهم تأجيل المؤجل وتعطيل المعطل حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
أيام زمان وكما تنقل العجائز والمسنين، كان المفلس يؤجل احلام اطفاله وحاجاتهم بما فيها الثياب وبعض الطعام الجيد الى العيد وتتراكم الوعود فيمحو بعضها بعضا، فإذا جاء يوم الايفاء افتعل المفلس الف ازمة وازمة لينسي اهل بيته ما اغدق عليهم من وعود خلال عام كامل تقريبا، فإذا مر يوم العيد تنفس المفلس الصعداء باعتبار ان اي مطالبة بايفاء وعد قديم هي باطلة لان موعد الايفاء انتهى واي مطالب جديدة ستؤجل الى العيد القادم اذا كتب الله لهم عمران وهذا الامر تنفذه الحكومة في ملفات الكهرباء والبطالة والسكن والامن وغيرها حيث يغرق العراقي بالوعود التي لا امل في تنفيذها، لأن الساسة في بلاد ما بين النهرين أكثر ذكاء من مفلسي أيام زمان فهم يحددون الايفاء بما بعد العيد و(ما بعد) هذه مشكلة كلامية عويصة ودقيقة لا يفك اسرارها الا الراسخون في العلم ممن احاطوا بعلم الكلام ومشاكله ومدارسه، كما إن "العيد" هو الاخر موعد مجهول فهو موضع خلاف بحسب رؤية الهلال فمن أي يوم يبدأ الاستيفاء.
الساسة عندما يركنون الملفات والمشاكل الى ما بعد العيد هم لا يقصدون كل هذه الفوضى الكلامية والشرعية والاجتماعية بل هم يقصدون امرا واحدا لا غير هو التملص وابتكار فرصة او ذريعة كالتي يخترعها التلميذ الكسول للتملص من واجباته، لكن السياسي يخطئ عندما يتوهم انه يبتكر بذلك شيئا جديدا يلهي به الناس ويصبرهم لعلهم ينسون لأنهم فطنوا للعبة وما يظنه السياسي نسيانا انما هو يأس من قدرة هذه النخبة على تحقيق تقدم في أي ملف بل انها (النخبة السياسية) ومنذ سنوات تواصل الدوران حول نفسها فما عادت قادرة على التحرك خطوة واحدة الى الامام، وازمات هذا العام هي نفسها ازمات العام السابق وما قبلها وهي ذاتها ستكون ازمات العام المقبل اذا ما كتب الله لنا عمرا.
النخبة السياسية بمنهجية المماطلة والتأجيل تقوض بيتها بأيديها وبينما تظن انها ترسخ أقدامها في مؤسسات السلطة وتؤسس للبقاء طويلا فيها إنما تشيد في المقابل ترسانة اليأس الغاضب القابل للاشتعال، فعصر الصبر الجميل قد ولى الى الابد فقد حل زمن الرحيل السريع للزعماء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -استثمر في نفسك-.. نصيحة صانع المحتوى ورائد الأعمال أحمد الج


.. أمير الكويت يصدر أمرا بتعيين الشيخ صباح الخالد رسميا وليا لل




.. نصائح صانع المحتوى أحمد الجمل للاستثمار في الوظيفة لتصبح ملي


.. حملة ترمب الانتخابية تستغل ابتسامة بايدن -الشريرة- لصالحها ب




.. الخارجية الإيرانية تستدعي القائم بالأعمال السويدي