الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النضال السوري من السويد

فرج بيرقدار
(Faraj Bayrakdar)

2011 / 8 / 25
الادب والفن


من إحدى ضواحي استوكهولم تُبَث أخبار ومعلومات عن المعارضه السوريّه إلى أنحاء العالم.
رجل في الستّين من عمره يُوصل عبر جهاز الكومبيوتر صور نضال الشعب السوري في مواجهة الدكتاتوريّة المحكمة الإغلاق. بيتر لوفغرين قابل هذا الرجل الذي هو واحد من أبرز شخصيات المعارضة السوريّة، إنه فرج بيرقدار.
..... ..... ..... .....

هو أحد الناجين من غرف تعذيب النظام السوري. هو الشاعر و الصحفي الذي دخل السجن بسبب انتسابه إلى أحد التنظيمات المحظورة، وقد تعرَّض للتعذيب على مدى أربعة عشر عاماً.
منذ ست سنوات سُمِحَ لبيرقدار بالسفر إلى استوكهولم ، وذلك بدعوة من نادي القلم ودائرة الثقافة في استوكهولم (التي تستضيف كل سنتين كاتباً ضيفاً تحت اسم: كاتب المدينة الحرة- الإضافة من المترجم)، و عندما ازدادت الإعتقالات في سوريا وخاصة بعد نشر إعلان بيروت دمشق، حصل على اللجوء السياسي في السويد.
اليوم بيرقدار هو أحد السوريين خارج حدود سوريا الّذين يوصلون صورَ ووثائقَ ما يحدث هناك إلى وسائل الإعلام في العالم.

أنا أحزن على شعبي، و لكني في الوقت نفسه أفرح وأفخر بالشجاعة الّتي أراها في الشوارع هناك، وأشعر بالامتنان لحصولي على الحمايه في السويد، هنا أستطيع أن أعمل أكثر لإسقاط الدكتاتور في سوريا، أو على الأقل أكثر من أن أكتب شعراً في زنزانةٍ في سوريا.
عندما تعرّفتُ على فرج، بعد شهور من وصوله إلى استوكهولم، كان يعاني من آلام صعبةٍ نتيجةَ قائمةٍ طويلة من أنواع التعذيب. إن شرحه التفصيلي لحالة آلاف المعتقلين السياسيين آلمني بعمق، كنت طبعاً قد سمعت سابقاً عن مدى قسوة انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، لكن حين تسمعها بمفردات الشاعر فرج تحس برهبة الحقيقه تقتحمك. كنت قد مررت بدون علم عدة مرّات بالعنوان الّذي أشار إليه فرج كمركز اعتقال وتعذيب في سوريا، و كنت مندهشاً لروعة آثار مملكة تدمر دون أن أعلم أنَّ فرج و مئات المعتقلين السياسيين كانوا في نفس الوقت يعانون جهنّم على الأرض على مسافة قصيرة من هناك، مسافة تعزل صرخاتهم عن فنادق السيّاح.
اليوم أُقابل فرج آخر أو مختلفاً عما رأيته في المرة الأولى. يبدو لي أقوى و تملؤه السعادة لما يحدث في بلده.
كُلّ من أعرف في سوريا يملك كاميرا أو هاتفاً نقّالاً، وهذا يكفي لفهم ما يجري، لكن غالباً ما أضطر لتأخير نقل الأحداث لبضعة أيام حتى نتأكّد من الحقائق، نحن لن نسمح للنظام أن يتّهمنا بالكذب.

خطوط الهواتف و النقّال غالباً ما يقطعها النظام، لكن أصدقاء فرج في سوريا يستعملون الخطوط الأردنيّهة و التركيّة، وهناك كثير من الناشطين الذين يعرفون كيف يتدبرون إرسال الصور والوثاق والأخبار بدون تكلفة إلى نقاط أو محطات أوروبيّة لخزنها ونشرها من هناك.
أهم قناة تلفزيونيّة، قناة الجزيره، تنشر معظم الفيديوهات الّتي يبعثها فرج و أصدقاؤه وغيرهم من الناشطين في كافّة أرجاء العالم.
فرج يدرك جيداً كم هذا مهم لمعنويّات المناضلين والمتظاهرين في بلده. العالم الآن يرى بشاعة الديكتاتور، و قد بدأ يهتم بذلك.

فرج يعشق حرّيته في السويد، لكن مع ذلك فهو يشعر أن المنفى نوعٌ آخر من السجن، كما يقول في كتاباته، و المرّة الوحيدة الّتي رأيتُ فيها عينيه تلتمعان كانت عندما سألتُهُ عن أكثر شيء يشتاقه في سوريا: اللغة، لغة أهلي وناسي قال، عندما أحلم أنني في سوريا أستطيع أن أرى أهلي يتحرّكون و يناقشون، أقرأ كتبهم و جرائدهم، آنذاك أشعر بكينونتي، آنذاك أشعر أنني أستطيع التعبير بشكلٍ كامل و صياغة كلمات لكل أفكاري ومشاعري، بالسويديّة و الإنكليزيّة أشعر أنني نصف إنسان، العربيّه هي شخصيّتي، هي أنا.

لا يجرؤ فرج على التنبّؤ بالمستقبل، فالعنف الّذي يمارسه النظام بلا حدود، لذلك فالوضع يختلف عن الثورات في تونس و مصر، لكنّ فرج يبدو واثقاً أن أهم حائط، الخوف، قد سقط الآن و مقابل كل ضحيّة يزداد التصميم في الإحتجاجات، لكن طبعاً هناك حدود لكل شيء.
حافظ الأسد، والد الديكتاتور الحالي، قتل على أقل التقديرات عشرين ألف إنسان عندما حطّم انتفاضة الأخوان المسلمين عام 1982 في مدينة حماة، و فرج متأكّد أنّ إبن حافظ، الدكتاتور الحالي بشّار الأسد يستطيع أن يقوم بمجازر على غرار تلك. فرج قلق من أن يتمكّن النظام من زرع واستثارة بعض الفتن بين المكوِّنات الإثنيّة و الدينيّة للشعب السوري لإظهار أن الدكتاتوريّة ضروريّة لحفظ الأمن و الإستقرار في البلد.

قبل أن نفترق في محطّة ليليا هولمن ذكّرني فرج بنَصّ دفاعه الّذي قدّمه لمحكمة أمن الدولة العليا بدمشق عام 1993.
في نهاية الدفاع يقول فرج: شكراً لأمي علّمتني أن الحريّه التي في داخلنا أقوى من السجون الّتي نحن في داخلها، لذلك ستنتصر الحرّيّة و تسقط السجون.

أجرى المقابلة: بيتر لوفغرين، مراسل التلفزيون السويدي في الشرق الأوسط منذ عام 2000 حتى 2005.
ترجمها من السويدية إلى العربية: حنا حيمو
نشرت المقابلة في الجريدة السويدية الأشهر: داجنز نيهيتر في 29 نيسان 2011.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي