الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدكتاتور و جرذان - ربيع المنطقة - !

مهند البراك

2011 / 8 / 25
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تتناقل وكالات الأنباء العالمية و الإقليمية و المحلية، انباء التداعي السريع لمعقل الدكتاتور القذافي في باب العزيزية، بالإنتفاضة الشعبية لطرابلس العاصمة، بعد شهور من الصراع الدامي بين الشعب الليبي بفئاته و عشائره من عرب و بربر، بشبابه رجالاً و نساءً، و بين اجهزة القذافي، الذي وصفه الأخير بكونه حملات ضد جرذان و كلاب سائبة .
فبعد ان اشتط العقيد بعيداً عن الشعب، مستعيضاً عنه بـ (الجماهير) و (الجماهيريات) وفق كتابه (الأخضر) و خيمته و مجالسه و حارساته العذراوات بلا خجل، بلا حسيب و لا رقيب لأنه (من حبّه الثوري للشعب لايحتاج لمؤسسات تجميلية) . . اعلن عن نفسه ملك ملوك افريقيا، مبدداً اموال نفط البلاد لشراء ذمم رجال حكم و احزاب و اعلام و فضائيات عربية و دولية كبرى اضافة الى انواع الأجهزة لإدامة كرسيه .
و فيما يصف محللون العقيد بكونه تحرّك سريعاً لإرضاء الغرب . . فدمّر مشاريعه النووية و عوّض اسر ضحايا عملية لوكربي الإرهابية، وفتح الباب عريضاً لكبار ممثلي الإحتكارات و الأحزاب و البيوتات المالية الغربية بدءاً بزيارة توني بلير اليه و زيارة العقيد الإستعراضية الى باريس. . و غيرها من مشاريع مذهلة كلّفت خزينة بلاده مليارات فلكية من العملات الصعبة ذهبت لأدامة كرسيه.
الا انه نسى شعبه و واجباته تجاهه، و نسى حاجاته المعيشية و الروحية و طموحه كباقي شعوب الأرض الى الحرية التي حرمه منها بانواع الأجهزة المخابراتية القاسية التي لم تعرف حدوداً للوحشية و لإمتهان الأخلاق و الأعراف، حتى وصلت في وصفها منظمات حقوق الإنسان بكونها تستخدم الإغتصاب الجنسي للجنسين كسياسة و ممارسات يومية لإسكات معارضاتها . .
و فيما يرى محللون انه نسى ان شعبه في كل الحسابات هو الذي اجلسه على كرسيه حين صفّق له يوم عبّر عن طموحه و ارادته في الفاتح من سبتمبر . . يرى آخرون انه لم ينس و لكن جنون كرسي الحكم اخلّ بتفكيره و جعله يعتقد بأنه (المنتظر)، بدلالة استخدامه ابنه سيف الإسلام كواجهة للتحديث للتقرب للشارع و استخدامه ابنائه الآخرين للعنف و القسوة و (القانون) و لهوايات الشباب !! في محاولات لركوب و تشذيب و تجيير كل جديد لصالح دوام كرسيه لامعاً .
لقد نسى العقيد ان انظمة و سياسات دول العالم قد تغيّرت، و ان التغييرات التي يعيشها العالم تضغط على منطقتنا للتغيير، في وقت تحاول فيه انظمة المنطقة مواكبة العواصف بتغييرات لم تمس الى الآن جوهر المعاناة الشعبية بقدر ما مسّت واجهات للحكم رغم سقوط حكّام و سقوط اقنعة، واجهات لاتزال تسعى لتجميلها بمساحيق من سوق الخردوات العتيقة. . حتى صار حكّام جدد يرون انفسهم بانهم هم ربيع المنطقة و انهم هم الذين اطلقوه، كما ادعى صدام في ظروف مشابهة سابقة . . كاشفين اما عن عدم فهم او عن محاولات للضحك على ذقون ابناء الشعب لأنهم بنظرهم ليسوا اكثر من (جرذان) كما ردد القذافي.
و رغم كل التعقيدات فان احداث و انفجارات ربيع المنطقة الشعبية تثبت من جديد ان الشعوب ان غضبت و تراكم غضبها و معاناتها فانها تسقط حكّامها من الشارع في وقت قد لا تبالي فيه بما تقدمه من تضحيات . . و هي امور ان لم تعرفها او تدركها حكومات محلية، فإن دوائر صنع القرار في الدول الكبرى تعرف من تجاربها انها ليست من صنع (جرذان)، بل و صارت تعرف من مراراتها كيف تتدخل و متى و تعرف بانها محكومة برقابة شعوبها ذاتها و منافسيها لها(*)، في حياة اليوم. و ليس كما يعتقد البعض باستحالة التدخل العنفي الخارجي . . كما يشير محللون .
و يرى كثيرون ان بن علي و مبارك و القذافي ـ و الأسد و صالح على الطريق ـ لم يسقطوا من فراغ، بل ان ذلك السقوط يشكّل تواصلاً لأشكال النضالات الشعبية و العمالية و الطلابية و الإنتفاضات، التي ان اندلعت و حُطمّت بالدم و التعتيم، الاّ انها بقيت مثالاً و نداءً حيّاً ينادي لإنتفاض جديد . . في زمان صار يتيح انتقال الخبر والرأي بسهولة وزخم لم يُعهدا من قبل، و قرّب من جعل التغيير شأنا داخليا ينبع من الشعب، و ليس مفروضاً و متسللا اليه من الخارج، كما ادعى من سقط . . و كما يدّعي اخرون، ممن لم يستطيعوا بسلوكهم حتى تعليم شعوبهم التي اوصلتهم الى مراكز القرار، كيفية قبول الآخر و كيفية التعايش معه، و بقوا بعقلية القائد الضرورة و الحزب القائد !
في زمان تعيد فيه الإحتكارات العالمية و دوائرها المتعددة القارات حساباتها، بعد ان توصلت الى أن زمن دعم نماذج دول المنطقة السابقة و دعم من دعمته يوماً و لم يعد صالحاً بنظر شعبه، حرصا على استقرار جامد و ليس ديناميكي . . قد ولى . و ان عليها ان تتعايش في منطقة تجتاح شعوبها موجة الحرية، و تسعى سلمياً بنسب شبابها العالية و المؤهلة الى حياة افضل بعيدا عن الفقر و البطالة و الفساد و كم الأفواه . . حياة تراها على الشاشات الاعلامية فقط و لاتعيشها، و هي ترى انها مؤهلة للمشاركة في التحكم بمواردها بما يحقق رخاء لها . . مع ما يترتب عن ذلك من متاعب و صعوبات و مسارات شديدة الوعورة .
من ناحية اخرى، يشير مراقبون الى ان تجذّر مفهوم الديمقراطية و المشاركة الشعبية من الأسفل، وليس عبر فوهة البنادق، سيسرّع وتيرة جهود السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين للوصول إلى اتفاق بشأن حل قيام دولتين كتسوية لا رجعة عنها . . في وقت صار فيه مجتمع اسرائيل ذاته يعيش عين المخاض، كما يتناقل سيل الأخبار الذي لاينقطع عمّا يجري فيها ـ في اسرائيل ـ بتأثير الربيع العربي . . و ليس كما يدّعي البعض بأن ربيع المنطقة صناعة اميركية ـ اسرائيلية.

25 / 8/ 2011 ، مهند البراك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) راجع ما سببته و تسببه حرب العراق في تغيير في مواقع شخصيات الدول الكبرى و ميزانياتها و مواقف شعوبها و منظماتها الشعبية و السياسية و خاصة في الولايات المتحدة و بريطانيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية في فرنسا : هل يمكن الحديث عن هزيمة للتج


.. فرنسا : من سيحكم وكيف ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. سائل غامض أخضر اللون ينتشر على أرضية مطار بأمريكا.. ما هو وم


.. فشل نظام الإنذار العسكري.. فضيحة تهز أركان الأمن الإسرائيلي




.. مقتل وإصابة العشرات من جراء قصف روسي على عدة مدن أوكرانية عل